اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١ تموز ٢٠٢٥
في أعقاب المواجهة العسكرية الأخيرة بين إيران وإسرائيل، والتي أدت إلى تصاعد ملحوظ في التوترات الإقليمية، تكثف الجهود الدبلوماسية الدولية لإحياء مسار التفاوض النووي بين طهران والقوى الغربية.
لا تقتصر هذه المساعي على مجرد استئناف المباحثات، بل تستهدف التوصل إلى اتفاق نووي أوسع وأكثر شمولًا من الاتفاق السابق الذي أبرم عام 2015.
وقد أكد الدكتور ماجد بن محمد الأنصاري، مستشار رئيس مجلس الوزراء والمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية، على الانخراط 'العميق' لبلاده في هذه الجهود، مشيرًا إلى أن الاتصالات اليومية مستمرة مع مختلف الأطراف المعنية في محاولة لإيجاد أرضية مشتركة للعودة إلى طاولة المفاوضات، وغفًا لصحيفة 'بننسولا' القطرية.
تحركات اللحظات الحرجة ومطالب إيرانية واضحة
تأتي هذه التحركات الدبلوماسية في وقت بالغ الحساسية؛ حيث أعلنت إيران رفضها للدخول في أي مفاوضات نووية في ظل تعرضها لهجمات إسرائيلية متكررة، معتبرة أن 'الحديث عن الدبلوماسية في ظل القصف هو عبث سياسي'، وفقًا لما نقلته تقارير إعلامية دولية.
ورغم هذا الموقف، لم تتوقف الجهود الأوروبية لإعادة طهران إلى طاولة المفاوضات؛ حيث أجرى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي محادثات مكثفة في جنيف مع نظرائه من فرنسا وبريطانيا وألمانيا في مسعى لإيجاد اختراق دبلوماسي.
في هذا السياق، كشفت مصادر دبلوماسية أن هناك تحذيرات دولية بشأن تهديد التصعيد العسكري لإمدادات الغاز العالمية، خاصة بعد استهداف منشآت إيرانية قريبة من الحقول المشتركة، مما يبرز الأبعاد الاقتصادية الخطيرة للازمة الحالية وتأثيرها المحتمل على استقرار أسواق الطاقة عالميًا، وفقًا لصحيفة سترايت تايمز' الإندونيسية.
من جانبها، وضعت إيران شروطًا مسبقة واضحة لأي اتفاق نووي جديد، تؤكد على ضرورة تحقيقها قبل العودة إلى التفاوض.
تتصدر هذه الشروط المطالبة برفع كامل للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، بالإضافة إلى الحصول على ضمانات قانونية تضمن عدم انسحاب أي إدارة أمريكية مستقبلية من الاتفاق، وهو مطلب ينبع من تجربة الانسحاب الأمريكي من الاتفاق السابق عام 2018.
كما تصر طهران على الاعتراف بحقوقها في تخصيب اليورانيوم ضمن حدود الاستخدام السلمي، ووقف التحريض الإسرائيلي ضدها في المحافل الدولية. وفي تأكيد على موقفها، صرح مسؤول إيراني رفيع أن بلاده مستعدة لمناقشة 'قيود فنية على التخصيب'، لكنها ترفض رفضًا قاطعًا أي مقترح يطالب بـ'تصفير التخصيب'، خاصة في ظل ما وصفه بـ'العدوان الإسرائيلي المستمر'، مما يعكس عمق الخلافات ونقاط التفاوض الشائكة.
المواقف الدولية وتحديات أمام المساعي الدبلوماسية
على الساحة الدولية، تباينت المواقف تجاه الأزمة الراهنة والجهود الدبلوماسية المبذولة لحلها. في واشنطن، لم تُبدِ إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موقفًا حاسمًا بعد، لكنها أشارت إلى أنها 'تدرس إمكانية الانخراط في مفاوضات مباشرة' إذا توقفت الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، مما يلمح إلى انفتاح محتمل على الحوار بشرط تهدئة التوتر العسكري.
وقد علق مبعوث ترامب الخاص إلى سوريا، توم باراك، في تصريح صحفي، بأن 'الشرق الأوسط يحتاج إلى مسار جديد، والناس سئموا من تكرار نفس السيناريوهات'، مؤكدًا على الحاجة إلى حلول مبتكرة للأزمات المتكررة في المنطقة.
أما أوروبا، فتسعى بقوة للعب دور الوسيط النشط في هذه الأزمة المعقدة، حيث ترى أن غياب الثقة العميقة بين طهران وواشنطن يجعل وجود طرف ثالث قادر على بناء أرضية مشتركة أمرًا ضروريًا لتحقيق أي تقدم.
وقد عبّر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي عن دعمهم القوي للجهود الدبلوماسية، معتبرين أن 'الدوحة تملك علاقات متوازنة مع جميع الأطراف، ما يجعلها مؤهلة لقيادة هذا المسار الدبلوماسي المعقد'، مما يؤكد على الثقة الدولية في قدرة بعض الأطراف الإقليمية على لعب دور بناء في هذه الأزمات.
ورغم الزخم الدبلوماسي والجهود الحثيثة التي تبذل، تواجه هذه المساعي تحديات كبيرة قد تعرقل طريقها نحو اتفاق شامل. من أبرز هذه التحديات استمرار التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، والذي يزيد من تعقيد المشهد ويصعب بناء جسور الثقة بين الأطراف المتنازعة.
كما يؤثر الانقسام الداخلي في إيران بين التيار المحافظ والحكومة الانتقالية على قدرة طهران على اتخاذ قرارات حاسمة بشأن ملفها النووي.
بالإضافة إلى ذلك، تمثل الضغوط الإسرائيلية على واشنطن لعدم تقديم تنازلات لإيران عقبة أخرى، ناهيك عن تباين المواقف الأوروبية بشأن مدى الانخراط في الملف النووي وطبيعة الحلول المقترحة.
ومع ذلك، تؤكد الجهات المعنية استمرار هذه الجهود 'بشكل هادئ ومنهجي'، ورؤيتها في الحوار الدبلوماسي السبيل الوحيد لتفادي الانزلاق نحو مواجهة إقليمية شاملة قد تهدد ليس فقط أمن الخليج، بل أمن واستقرار العالم بأسره، مما يدفع الأطراف الفاعلة إلى البحث عن حلول سلمية ومستدامة.