من الرابحون والخاسرون بعد "تعويم" الجنيه في مصر؟

القاهرة- عمر حسن: بعد أشهر طويلة من الانتظار، جاء القرار الذي حبس أنفاس المصريين لفترة وهو تخفيض قيمة الجنيه أو ما يُعرف بـ'التعويم'، تلك الفزاعة التي أرّقت الأسواق وتسببت في فوضى سوق صرف العملات في مصر، وهو القرار الذي تأخر لأسباب أوضحها رئيس الوزراء.

حالة من الاضطراب تسيطر على المصريين ما بين مُرحب ومُتخوف، فما من 'تعويم' مضى إلا ودفع المصريون ثمنه باهظًا دون جني ثماره، فهل اختلف الحال هذه المرة؟ ومن هم الرابحون والخاسرون من 'التعويم' الذي قفز بسعر الدولار رسميًا لدى البنوك المصرية من 30.9 جنيهًا إلى أكثر من 50 جنيهًا حتى الآن؟

قرارات استثنائية

خلال اجتماع استثنائي للبنك المركزي، قررت لجنة السياسة النقدية رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب.

أعقب ذلك القرار مباشرة إعلان البنك الأهلي المصري، عن طرح شهادة ادخارية لمدة 3 سنوات بعائد 30% سنوية متناقصة، بحيث يكون العائد %30 في أول سنة، 25% في السنة الثانية، و20% للسنة الثالثة، على أن يصرف العائد بدورية سنوية.

كذلك قرر بنك مصر إعادة اصدار شهادة 'ابن مصر' الادخارية ثلاث سنوات متناقصة بدورية صرف عوائد مختلفة، بحث تصل العوائد السنوية إلى 30%؜ للسنة الأولى، و25 بالمائة للسنة الثانية، و20 بالمائة للسنة الثالثة.

من جانبه أوضح رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، خلال اجتماع الحكومة الأسبوعي، أن هذه الخطوات تستهدف توحيد سعر الصرف، وهو إجراء بالغ الأهمية يسهم في القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي، مؤكدًا أن القضاء على السوق الموازية من المرتقب أن يُسهم في كبح جماح التضخم.

لكن لكل قرارات استثنائية آثار جانبية بعضها سلبي والآخر إيجابي، وهذا يقودنا إلى إجابة عن سؤال: 'من هم الرابحون والخاسرون من هذه القرارات؟

البورصة المصرية

كانت البورصة المصرية من أوائل المتأثرين سلبًا بالقرار، إذ تحولت دفة مؤشراتها نحو التراجع الحاد في ختام تداولات جلسة اليوم الأربعاء.

وجاءت تلك التحولات بعد أن قفزت البورصة 5% في النصف الأول من الجلسة، ليفقد مؤشرها الرئيسي في الختام ما يعادل 1000 نقطة، وتسجل خسائر سوقية بقيمة 48 مليار جنيه بعد تراجع رأس المال السوقي بنحو 130 مليار جنيه خلال النصف الثاني من الجلسة (في النصف الأول من الجلسة ربح رأس المال السوقي 82.8 مليار جنيه).

الذهب

ارتفعت أسعار الذهب في السوق المحلي، اليوم الأربعاء، بمستويات تصل لنحو 220 جنيه في الجرام، على خلفية قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر الصرف.

وسجل جرام الذهب عيار 21 سعر 3170 جنيها، فيما سجل جرام الذهب عيار 24 سعر 3620 جنيها وسجل جرام الذهب عيار 18 سعر 2720 جنيها.

وقال نادي نجيب، السكرتير العام السابق لشعبة الذهب بغرفة القاهرة التجارية، إن صعود المعدن الأصفر يرجع إلى زيادة سعر الدولار مقابل الجنيه، فضلا عن زيادة سعر الأوقية العالمية التي تسجل 2126 دولارا.

وتوقع نجيب أن تشهد الأيام المقبلة إقبال كبير من المواطنين على شراء الذهب بعد خفض قيمة الجنيه، مما قد يؤدي إلى استمرار الارتفاع في الأسعار.

المواطن

أكد الخبير الاقتصادي رشاد عبده أن المواطن مستفيد من قرار 'تعويم' الجنيه لأنه سيسهم في خفض التضخم حال توفير الدولار لدى البنوك.

وقال في تصريحات لـ'مباشر': عندما كان يلجأ المستورد للسوق السوداء كان يحمّل المستهلك ثمن الزيادة بسعر دولار وصل إلى 70 جنيهًا، لكن الآن إذا وجد المستورد احتياجاته من الدولار لدى البنوك فسيوفر السلعة بثمن أقل لحصوله على الدولار بسعر 50 جنيها.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الإفراجات الجمركية المتزامنة مع قرار 'التعويم' ستسهم في خفض الأسعار، وكذلك رفع قيمة الفائدة التي ستسحب السيولة من السوق وبالتالي يقل الإقبال على الاستهلاك فتنخفض أسعار السلع.

تجارة العملة

أما عن تجار العملات الأجنبية فقال الخبير الاقتصادي رشاد عبده إنهم تعرضوا لخسارة 'بالملايين'، نتيجة توفر الدولار لدى البنوك بسعر أقل من 70 جنيه، فبعضهم كان يعتقد أن الدولار سيصل إلى 100 جنيه.

ولكنه أوضح في الوقت نفسه أن تدفق السيولة الدولارية مرتبط بصفقة 'رأس الحكمة'، وما سيعقبها من صفقات أخرى، فضلا عن قرض صندوق النقد الدولي الذي ارتفع من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار.

وأكد 'عبده' أنه إذا تراجعت قدرة 'المركزي' على توفير الدولار في البنوك فستعود السوق السوداء بشكل أكثر شراسة قائلة: 'التجار سيشفون غليلهم حينها'.

المستثمر

يصبح المستثمر من الرابحين حال وفر البنك المركزي النقد الأجنبي اللازم للاعتمادات المستندية، على حد قول شيرين الشواربى، أستاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.

وقالت 'الشواربي' لـ'مباشر'، تخفيض قيمة الجنيه كانت مسألة حتمية لفك حالة الجمود التي سيطرت على الاقتصاد المصري.

وأضافت: الاستفادة من القرار مرهونة بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي تضمن زيادة حجم الإنتاج وتراجع فاتورة الاستيراد لصالح التصدير، وبدون ذلك تكون الاستفادة منقوصة.

وتابعت: من مصلحة المستثمر تدبير احتياجاته من العملة الأجنبية عن طريق القنوات الشرعية بعيدا عن ملاحقة الأجهزة الأمنية للمتعاملين في 'السوق السوداء'.

وأكدت أستاذ الاقتصاد أن ذلك يرتبط بمدى قدرة الجهاز المصرفي على توفير الدولار للمستثمرين وإلى أي مدى.

للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا

تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام