اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
في لحظة مرتجلة وغير متوقعة داخل الكنيست الإسرائيلي يوم الاثنين، فاجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحضور بدعوة صريحة إلى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج لمنح عفو رئاسي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يخضع لمحاكمة مستمرة منذ عام 2020 بتهم فساد ورشوة وخيانة الأمانة.
وقال ترامب ساخرًا: 'لدي فكرة، سيادة الرئيس، لماذا لا تمنحه عفوًا؟ سيجار وبعض الشمبانيا – من يهتم؟'، في إشارة إلى الهدايا الفاخرة التي تلقاها نتنياهو وزوجته سارة من رجال أعمال، أبرزهم الملياردير الأسترالي جيمس باكر.
هذه الدعوة، التي تعد خروجا عن نص الخطاب الرسمي المكتوب، جاءت بعد لحظات من إشادة ترامب بإطلاق سراح أول دفعة من الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس، في إطار اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته واشنطن، ما أضفى على اللحظة طابعًا دراميًا وسياسيًا بالغ الحساسية، وفقًا لتقرير نيويورك تايمز بقلم إفراط ليفني.
خلفية القضايا
يواجه رئيس وزراء سلطات الاحتلال ثلاث قضايا فساد منفصلة لكنها مترابطة، تتضمن الاتهام بتلقي هدايا فاخرة مثل السيجار والشمبانيا والمجوهرات، والتأثير على التغطية الإعلامية في صحيفتين إسرائيليتين بارزتين، بالإضافة إلى تعطيل التحقيقات القضائية.
وقد نفى نتنياهو جميع التهم، واعتبرها 'حملة سياسية' ضده. المحاكمة، التي بدأت رسميًا في عام 2020، شهدت تأجيلات متكررة بسبب جائحة كورونا، والوضع الأمني المتدهور، ولم يمثل نتنياهو أمام المحكمة إلا في ديسمبر 2024، حيث قال: 'أنا رئيس وزراء، أدير دولة وحربًا، ولا أشغل نفسي بمستقبلي بل بمستقبل إسرائيل'، وفقًا لتغطية نيويورك تايمز – 13 أكتوبر 2025.
هل يمكن قانونًا العفو عن نتنياهو الآن؟
رغم أن الرئيس الإسرائيلي يمتلك صلاحية العفو بموجب القانون، إلا أن خبراء قانونيين شككوا في إمكانية تطبيق هذه الصلاحية في المرحلة الحالية من المحاكمة.
البروفيسورة سوزي نافوت، نائبة رئيس معهد الديمقراطية الإسرائيلي، أوضحت أن العفو في هذه المرحلة قد يُنظر إليه كضربة لمبدأ 'المساواة أمام القانون'، خاصة أن نتنياهو لم يُدان بعد، ولا تزال المحاكمة جارية.
واستشهدت سوزي نافوت بحالة تاريخية تعود إلى عام 1986، حين أصدر الرئيس الإسرائيلي آنذاك، حاييم هرتسوج (والد الرئيس الحالي)، عفوًا استباقيًا عن رئيس جهاز الشاباك وعدد من مساعديه، بعد فضيحة تتعلق بإعدام أسيرين فلسطينيين في حادثة اختطاف حافلة.
المحكمة العليا الإسرائيلية، رغم قبولها العفو، اعتبرته حالة استثنائية مرتبطة بالأمن القومي، يصعب تعميمها على قضايا الفساد السياسي، وفقًا لتحليل قانوني موسّع نشرته صحيفة نيويورك تايمز.
الفارق بين نتنياهو وقضية الشاباك
الاختلاف الجوهري، كما توضح نافوت، يكمن في طبيعة التهم. ففي حين أن قضية الشاباك ارتبطت بضرورات أمنية حساسة، فإن تهم نتنياهو تتعلق بسلوك شخصي ومنافع خاصة، مثل تلقي هدايا فاخرة والتأثير على الإعلام. وبالتالي، فإن استخدام العفو في هذه الحالة قد يُفسر كاستغلال سياسي لصلاحية دستورية، ويثير تساؤلات حول استقلال القضاء، وفقًا لما ورد في نيويورك تايمز – 13 أكتوبر 2025.
هل يخاطب ترامب عقل نتنياهو الباطن؟
من منظور نفسي وسياسي، يبدو أن ترامب كان يخاطب مخاوف نتنياهو الداخلية، ويمنحه غطاءً سياسيًا وأخلاقيًا في لحظة حرجة.
تجدر الإشارة إلى أن نتنياهو، الذي حافظ على موقعه رغم سنوات من التحقيقات، يدرك أن انتهاء الحرب قد يعيد ملفه القضائي إلى الواجهة، خاصة في ظل تزايد الضغوط الداخلية والدولية لإعادة بناء المؤسسات الإسرائيلية على أسس شفافة.
ترامب، الذي يواجه هو نفسه قضايا قانونية في الولايات المتحدة، سبق أن شبّه محاكمة نتنياهو بما وصفه بـ'حملات اضطهاد سياسي' ضده. ففي منشور على منصته الاجتماعية في يونيو 2025، كتب: 'دعوا بيبي يذهب، لديه مهمة كبيرة!'، في إشارة إلى أن المحاكمة تعرقل جهود إنهاء الحرب، وفقًا لتغطية نيويورك تايمز – قسم السياسة الدولية.
ردود الفعل الإسرائيلية
تصريحات ترامب أثارت انقسامًا داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية. فبينما رحّب بها أنصار نتنياهو، معتبرين أنها 'دعم دولي غير مسبوق'، انتقدها معارضون بشدة، واعتبروها 'تدخلًا غير مبرر في شؤون القضاء الإسرائيلي'.
ووصفت صحيفة هآرتس اللحظة بأنها 'محرجة'، مشيرة إلى أن الرئيس هرتسوج بدا متفاجئًا، ولم يعلّق مباشرة على الدعوة.
في المقابل، نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر مقربة من نتنياهو قولها إن رئيس الوزراء 'لم يكن على علم مسبق بما سيقوله ترامب'، لكنه 'يقدّر الموقف الأمريكي الداعم'، دون أن يعلّق على مسألة العفو تحديدًا.
أبعاد قانونية وسياسية
إذا قرر الرئيس هرتسوج منح عفو قبل صدور حكم قضائي، فإن ذلك قد يُعتبر سابقة خطيرة، ويُفتح الباب أمام طعون قانونية من أي مواطن إسرائيلي، بحسب نافوت.
كما أن مثل هذا القرار قد يُقوّض ثقة الجمهور في النظام القضائي، ويُضعف من شرعية الدولة في أعين المجتمع الدولي، خاصة في ظل مراقبة دقيقة من منظمات الشفافية والعدالة، وفقا لصحيفةيديعوت أحرونوت.
وفي تاريخ القضاء الإسرائيلي، طبق القانون طُبّق على شخصيات رفيعة، من بينها رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت، الذي أُدين بالفساد، والرئيس الأسبق موشيه كتساف، الذي أُدين بتهم اغتصاب.
وفي أعقاب إدانة كتساف، قال الرئيس شمعون بيريز: 'لا يوجد مواطنون من درجات مختلفة في إسرائيل – الجميع متساوون أمام القانون.'، وفقًا لأرشيف وزارة العدل الإسرائيلية وتصريحات بيريز الموثقة في عام 2010.