اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١٣ تشرين الأول ٢٠٢٥
بينما يجتمع أكثر من عشرين زعيمًا عالميًا في مدينة شرم الشيخ لتوقيع ضمانات استمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، برئاسة مشتركة للرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، غابت ثلاث قوى دولية بارزة عن المشهد: إيران، وروسيا، والصين. هذا الغياب لم يكن مجرد قرار دبلوماسي، بل يعكس تحولًا عميقًا في التوازنات الدولية، ويؤكد عزلة هذه الدول عن التوافق العالمي الجديد حول مستقبل غزة والشرق الأوسط، وفقا لموقع بوليتيكو.
بحسب تقرير نشرته مجلة نيوزويك الأمريكية، فإن إيران لم تحبذ المشاركة في القمة، معتبرة أن 'السلام المفروض' الذي تقوده واشنطن لا يمثل رؤية عادلة للصراع. الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، خلال كلمته في قمة منظمة شنجهاي للتعاون في تيانجين، صرّح بأن 'إيران لن تقبل سلامًا يُفرض من الخارج'، مشددًا على أن أي تسوية يجب أن تُبنى على العدالة، لا على الإملاءات الغربية.
وفي مقابلة أجرتها قناة CGTN الصينية الناطقة بالإنجليزية مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أكد أن بلاده 'تدعم وقف إطلاق النار من منطلق إنساني'، لكنها 'ترفض المشاركة في ترتيبات سياسية تُقصي حماس وتُكرّس الهيمنة الأمريكية'. هذا الموقف يعكس تراجعًا في قدرة إيران على التأثير المباشر في ملفات غزة، بعد سنوات من الحضور القوي عبر وكلائها في المنطقة.
أما روسيا، فقد اتخذت موقفًا أكثر غموضًا. وفقًا لما نشرته صحيفة ذا تايمز البريطانية، فإن الكرملين لم يرسل أي وفد رفيع المستوى إلى قمة شرم الشيخ، واكتفى ببيان مقتضب أعرب فيه عن 'القلق من غياب التوازن في المبادرة الأمريكية'، دون أن يعلن دعمًا أو رفضًا صريحًا. هذا الحذر الروسي يعكس انشغال موسكو بملفات أخرى، أبرزها الحرب في أوكرانيا، والتوترات مع الغرب، فضلًا عن رغبتها في الحفاظ على علاقاتها مع كل من إسرائيل وإيران دون الانخراط في مبادرات قد تُفسر كاصطفاف سياسي.
من جهة أخرى، فإن الصين اختارت البقاء على الهامش أيضًا. وذكر تقرير نشره موقع تشاينا يو إس فوكس الأمريكي أن بكين سبق وأن استضافت اجتماعًا ثلاثيًا مع روسيا وإيران في مارس، ناقشوا فيه 'رفض التدخلات الغربية في الشرق الأوسط'، في إشارة ضمنية إلى سياسة واشنطن.
كما نقلت صحيفة لوموند الفرنسية عن مصادر دبلوماسية أن الصين تعتبر أن 'المبادرة الأمريكية لا تعكس مصالح دول الجنوب'، وأنها 'تفضل دعم جهود السلام عبر منصات متعددة الأطراف مثل منظمة شنجهاي، بدلًا من الانخراط في قمم تُدار برؤية أحادية' من منظور بكين.
هذا الغياب الثلاثي عن قمة شرم الشيخ، التي شهدت حضورًا واسعًا من قادة أوروبا والولايات المتحدة والدول العربية، يعكس تراجعًا في التأثير السياسي لإيران وروسيا والصين في ملف غزة، ويؤكد أن التوافق الدولي الجديد يُبنى بعيدًا عن محاور التحدي التقليدية. وبينما تتجه واشنطن والقاهرة نحو تثبيت وقف إطلاق النار وإطلاق عملية إعادة إعمار، تكتفي هذه القوى بمراقبة المشهد، دون قدرة حقيقية على تغييره.
وأشار تقرير بوليتيكو إلى أن قمة شرم الشيخ لا تعكس فقط توافقًا دوليًا على إنهاء الحرب، بل تكشف أيضًا عن عزلة استراتيجية لإيران، وحياد تكتيكي لروسيا، وحذر صيني محسوب، في لحظة تعيد رسم خرائط النفوذ في الشرق الأوسط.