اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٥ تشرين الثاني ٢٠٢٥
تتزايد المخاوف بشأن احتمالية نشوب صراع مسلح بين إثيوبيا وإريتريا، الجارتين الواقعتين في منطقة القرن الأفريقي، وسط تصاعد حدة الخطاب العدائي بينهما في الأسابيع الأخيرة.
وقد أثارت دعوات إثيوبيا، المحاطة باليابس، للوصول إلى البحر الأحمر عبر إريتريا، حربًا كلامية عنيفة، وفقًا لتقرير هيئة الإذاعة البريطانية، بي بي سي نيوز.
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قد أعلن صراحةً في عام 2023 أن وصول بلاده إلى البحر يمثل مسألة وجودية، وهي تعليقات سارعت إريتريا إلى رفضها.
وتعود جذور التوتر إلى تاريخ طويل من العلاقات المتوترة، حيث انفصلت إريتريا، التي تتمتع بشريط ساحلي على البحر الأحمر يبلغ طوله 1350 كيلومترًا، رسميًا عن إثيوبيا في عام 1993، مما جعل الأخيرة دولة حبيسة.
وبعد خمس سنوات، اندلعت حرب حدودية أسفرت عن مقتل أكثر من 100 ألف شخص. كانت إثيوبيا وإريتريا حليفتين في الحرب الأهلية في تيغراي، لكن العلاقات بينهما تدهورت منذ ذلك الحين، مما يهدد بفتح جبهة صراع جديدة في المنطقة.
تصعيد إثيوبي والمطالبة بـ 'عصب'
صعّدت القيادة الإثيوبية بشكل ملحوظ من لهجتها، حيث أعلن رئيس الوزراء آبي وقائد الجيش المشير برهانو جولا علنًا ملكيتهما لميناء عصب الإريتري الجنوبي - الذي يبعد حوالي 60 كيلومترًا عن الحدود - وأشارا إلى الرغبة في الاستيلاء عليه بالقوة.
في الأول من سبتمبر، قال آبي إن 'خطأ' إثيوبيا المتمثل في فقدان الوصول إلى البحر الأحمر نتيجة انفصال إريتريا سيتم 'تصحيحه غدًا'.
كما أكد سفير إثيوبيا لدى كينيا، الجنرال المتقاعد باشا ديبيلي، في 3 نوفمبر، أن عصب هي 'ثروة إثيوبيا' وستُعاد 'بالقوة'، متسائلًا: 'السؤال الآن ليس ما إذا كانت عصب لنا أم لا، بل كيف نستعيدها؟'.
هذا الموقف الرسمي يشدد على أن المنفذ البحري يمثل 'مصلحة بقاء تستحق دفع أي ثمن'، حسبما صرح اللواء تيشومي جيميشو، المسؤول عن الدبلوماسية العسكرية.
ودعم المشير برهانو جولا هذا التوجه، مبررًا المطالب الإثيوبية بالنمو السكاني، حيث تساءل في 25 أكتوبر: 'كيف يمكن لمصالح مليوني شخص -في إشارة إلى إريتريا- أن تطغى على مصالح 200 مليون شخص؟' مؤكدًا أنهم 'سوف يقوون قواتهم الدفاعية، ويسرعون تنميتهم ويؤمنون منفذًا بحريًا'.
رد إريتريا وتحذيراتها 'بالخط الأحمر'
في مواجهة هذه التهديدات المستمرة والمباشرة، كان رد إريتريا محدودًا في الغالب ببيانات مقتضبة وحازمة. ورفض وزير الإعلام يماني جبر ميسكل دفع إثيوبيا للحصول على منفذ إلى البحر الأحمر، واصفًا إياه بـ'المطلب الخطير' و'الأجندة السامة'، كما حذرت وزارة الإعلام من أن محاولات إضفاء الشرعية على 'عدوان صارخ' من الجانب الإثيوبي ستكون لها عواقب وخيمة، مؤكدة أنها تمثل 'خطًا أحمر لا ينبغي تجاوزه'.
وفي خطوة نادرة، أصدر الجيش الإريتري تحذيرًا مباشرًا في وقت مبكر من نوفمبر الجاري، مناشدًا القادة الإثيوبيين الامتناع عن دفع الشعب الإثيوبي إلى 'مأزق'، وأكد على أن 'مصير أي شخص يتجاوز الخط الأحمر هو السقوط في هاوية لن تمنحهم فرصة ثانية للتعلم'.
على الرغم من عدم وجود تقارير عن تحركات عسكرية كبيرة واسعة النطاق في المناطق الحدودية، إلا أن هناك مؤشرات على الاستعداد للتصعيد.
في إثيوبيا، كثفت وسائل الإعلام الحكومية من استعراض قدرات الجيش، حيث عرض التلفزيون الرسمي حفلات تخرج لآلاف المتدربين الجدد.
وأكد الفريق حاشالو شيليمي، رئيس دائرة الموارد البشرية بقوات الدفاع، أن الجيش في 'وضع موثوق' مع انضمام 'عشرات الآلاف من الشباب'، معتبرًا ذلك 'رسالة لأعدائنا'.
وشملت الاستعدادات ترقية 66 من كبار ضباط الجيش واستعراض أسلحة جديدة بما في ذلك المدفعية والدبابات.
في المقابل، وعلى الرغم من غياب العروض العسكرية الإريترية العلنية، فإن أسمرة تعتمد على نظام الخدمة الوطنية الإلزامية لتوفير تدريب عسكري سنوي للآلاف.
وأفادت تقارير لقناة أسنا تي في المعارضة أن الحكومة الإريترية فرضت قيودًا على حركة القوات، وأمرتها بالبقاء بمواقعها.
تستخدم الحكومتان وسائل الإعلام لتعزيز روايتهما. ففي إثيوبيا، تضخم وسائل الإعلام الرسمية السرد القائل بأن البلاد 'فقدت' موانئها على البحر الأحمر 'بشكل غير عادل'، ويسبق نشرات الأخبار في تلفزيون الدولة تعليقات حول طرق استعادة الوصول البحري.
كما تم عرض لقطات لمُتظاهرين وجنود متخرجين يحملون لافتات تدعو إلى استعادة عصب أو تربط المشروع القومي بعبارة 'من السد إلى البحر'.
وتقول تقارير إعلامية إن الحكومة الإثيوبية حشدت 'جيشًا رقميًا من 60 ألف فرد' لنشر هذا الخطاب والدفاع عنه عبر الإنترنت. في المقابل، تتهم وسائل الإعلام الحكومية الإريترية إثيوبيا بمحاولات 'خداع العالم من خلال إعادة النظر في قضايا تم تسويتها قبل عقود' و'إحياء قضية تمت تسويتها قانونيًا إلى الأبد' لإثارة صراع.
وقد أدت شدة التهديد إلى تغيير موقف بعض وسائل الإعلام الإريترية المعارضة، مثل قناة أسنا تي في وإذاعة إيرينا، التي دعت إلى الوحدة الوطنية والدفاع عن سيادة البلاد ضد ما وصفته بالتصريحات الاستفزازية الإثيوبية.
تعود جذور التوتر إلى فترة طويلة من التاريخ المشترك المضطرب. بعد الحكم الإيطالي والإدارة البريطانية، أُدمجت إريتريا بالكامل في إثيوبيا عام 1962 بقرار من الإمبراطور هيلا سيلاسي الأول، مما أدى إلى حرب أهلية دامت ثلاثة عقود وانتهت باستقلال إريتريا عام 1993.
وعلى الرغم من اتفاق سلام عام 2018 بين آبي والرئيس الإريتري إيساياس أفورقي - الذي أنهى خلافًا حدوديًا دام طويلًا ثم حصل آبي في أعقاب ذلك على جائزة نوبل - وتحالفهما في حرب تيجراي اللاحقة (2020-2022)، إلا أن العلاقات تدهورت مرة أخرى.
ويثير الخطاب الحالي مخاوف من العودة إلى دائرة العنف الإقليمي التي كلفت مئات الآلاف من الأرواح في الماضي.


































