اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
أنهت إيران تفاهمها النووي مع القاهرة بصورة مفاجئة، أمس الخميس، لتفتح بابًا جديدًا من التصعيد وتعيد الملف النووي الإيراني إلى واجهة التوتر العالمي مجددًا.
واتخذت طهران قرارها بعد ضغوط واسعة مارسَتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث داخل مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث دفعت هذه الدول باتجاه عمليات تفتيش أوسع وشفافية أكبر.
ورفضت إيران هذه المطالب، واعتبرتها محاولة لفرض شروط جديدة خارج إطار التفاهم الأصلي، كما أكد موقع باور تكنولوجي البريطاني.
محاولة مصرية للاحتواء
فعّلت القاهرة تحركات دبلوماسية مكثفة خلال الأشهر الماضية لإحياء قناة التواصل بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، خاصة بعد الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت منشآت نووية داخل إيران.
كشفت رويترز أن الهجمات ضاعفت شكوك طهران ودَفعتها إلى تقييد وصول الوكالة إلى عدد من المنشآت. لكن مصر نجحت في إقناع الطرفين بخيار “التفتيش المحدود”، فقبلت طهران فتح بعض المواقع ضمن شروط مشددة.
واستثمرت القاهرة موقعها السياسي وعلاقاتها المتوازنة، كما أوضحت هيئة الإذاعة البريطانية، وقدّمت ضمانات للطرفين، وأقنعت الوكالة بالتعامل مع المتاح بدل فقدان أي حضور داخل إيران. ورغم هشاشة الاتفاق، فإن مصر أعادت تشغيل قناة ضرورية في وقتٍ كانت فيه الاتصالات بين طهران والوكالة شبه مقطوعة.
وعندما ضغطت واشنطن ولندن وباريس وبرلين داخل مجلس المحافظين باتجاه توسيع نطاق التفتيش، رفضت إيران ذلك، واعتبرت المطالب انتهاكًا للتفاهم.
وأكدت صحيفة 'الغارديان' أن مسؤولين إيرانيين وصفوا الخطوة الغربية بأنها “محاولة لانتزاع تنازلات إضافية بلا مقابل”.
وبالتوازي، حرّك البرلمان الإيراني الموقف من الداخل. فقد صوّت الأعضاء بالإجماع لتعليق التعاون الموسّع مع الوكالة، كما ذكرت “فاينانشال تايمز”، ودفعوا الحكومة لاعتماد نهج أكثر تصلبًا. وبهذا التصويت، أغلق البرلمان الباب أمام أي احتمال لمرونة سياسية، وألزم الحكومة بخط تصعيدي.
أربك القرار الإيراني كافة الحسابات، ووضع القاهرة أمام تحدٍّ دبلوماسي معقد. فقد بنَت مصر التفاهم على أساس يُظهر قدرتها على إدارة الملفات النووية الحساسة، ويمنحها موقعًا وسيطًا بين إيران والوكالة والدول الغربية. لكن انهيار الاتفاق الآن يهدد هذا الدور، ويدفع القاهرة إلى مراجعة أدوات الوساطة التي اعتمدتها.
ومع ذلك، تملك مصر فرصة واقعية لإعادة طرح نفسها كجسر بين الطرفين، خاصة أن طهران ما زالت تقدّر الدور المصري الهادئ وغير الاستفزازي، بينما تدرك الوكالة أهمية وجود وسيط قادر على التحدث مع طهران.
الملف النووي - مرحلة ضبابية على الطريق
أدخل القرار الإيراني البرنامج النووي في مساحة أكثر غموضًا. فالتعاون المحدود الذي سمح للوكالة بمتابعة مستويات التخصيب وأجهزة الطرد المركزي اختفى بالكامل الآن. وتشير تقارير رويترز إلى أن طهران تستطيع رفع مستويات التخصيب خلال فترة قصيرة، الأمر الذي يزيد قلق الدول الغربية ويضع المنطقة أمام سيناريوهات معقدة، وتخشى العواصم الأوروبية أن تستغل إيران غياب الرقابة لتطوير أجزاء حساسة من برنامجها النووي، خاصة في ظل ما تعتبره طهران “حقًا سياديًا”.
توتر إقليمي يشتعل من جديد
يدفع القرار الإيراني المنطقة إلى دائرة توتر أوسع. فإسرائيل تراقب التطورات بدقة وتربط الملف النووي مباشرة بأمنها القومي.
وقد يدفعها هذا التطور إلى توسيع عملياتها السرّية داخل إيران أو حتى التلويح بردود أكثر حدة. وتمتد الخطورة إلى ساحات أخرى مثل سوريا والعراق والبحر الأحمر، حيث يتماس النفوذ الإيراني والإسرائيلي بصورة يومية.
الغرب يتحرّك نحو عقوبات وضغوط جديدة
تعاملت الولايات المتحدة والدول الأوروبية مع القرار الإيراني باعتباره دليلًا إضافيًا على تصلّب الموقف الإيراني.
وتشير تغطيات الصحافة الغربية إلى أن العواصم الأوروبية تحضر لحزمة عقوبات جديدة، بينما تتحرك واشنطن لإعادة الملف إلى مجلس الأمن.
وتستند هذه الدول إلى فكرة أن طهران “تسحب التفتيش كلما اشتد الضغط”، وهو ما تعتبره تهديدًا للاستقرار الدولي.
يكشف إنهاء إيران لتفاهمها النووي مع القاهرة عن مرحلة جديدة في الصراع النووي. فالخطوة لا تعكس مجرد خلاف تقني حول التفتيش، بل تؤكد أن طهران اختارت المضي في سياسة “التشدد النووي” مهما ارتفع الثمن السياسي.
وفي المقابل، تواجه القاهرة اختبارًا صعبًا، بينما يراقب الشرق الأوسط مشهدًا تتداخل فيه الحسابات النووية والأمنية والسياسية.


































