اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٩ تشرين الأول ٢٠٢٥
وقع المساعد الصوتي 'سيري' التابع لشركة أبل في بؤرة اهتمام واسع النطاق في فرنسا بعدما فتحت هيئة حماية البيانات تحقيقًا رسميًا حول ممارساته في جمع البيانات الصوتية للمستخدمين. كشفت التقارير أن الخدمة سجلت محادثات المستخدمين دون موافقة صريحة في بعض الحالات، ما يشكل خرقًا للقوانين الأوروبية الصارمة ويثير مخاوف كبيرة بشأن الخصوصية الرقمية، وفقا لصحيفة لوموند.
وكشفت التحقيقات الأولية أن بعض التسجيلات الصوتية تخضع للتحليل بهدف تحسين أداء النظام، لكن الرقابة على هذه العمليات تبدو ضعيفة. تضمنت التسجيلات أصواتًا شخصية دقيقة، بما في ذلك حديث الأطفال داخل المنازل، مما يسلط الضوء على مدى وصول الشركة إلى تفاصيل حياة المستخدمين اليومية.
وأثبتت الوثائق أن أبل تشارك البيانات أحيانًا مع أطراف خارجية لأغراض التدريب والتحليل، دون توضيح مدى حماية هذه المعلومات أو استخدامها الآمن، ما يعزز المخاوف من استغلالها لأغراض تجارية أو غير قانونية.
وتواجه الشركة اتهامات بجمع البيانات دون إذن واضح من المستخدمين، وتحليل المحادثات نفسها بدلًا من الاكتفاء بالأوامر التقنية، ومشاركة البيانات مع أطراف خارجية دون رقابة صارمة. يمثل ذلك انتهاكًا مباشرًا للحقوق الأساسية للأفراد، ويضع أبل أمام احتمالات قانونية كبيرة.
وأعلنت أبل أنها ألغت معظم المراجعات البشرية لتسجيلات سيري منذ عام 2019، وأن التحليل الحالي يتم بشكل آلي بالكامل. رغم ذلك، يصر الخبراء على أن المشكلة لا تتعلق بآليات الاستماع فقط، بل بالسيطرة على هوية المستخدم الرقمية واستغلال بياناته المحتملة. يمكن لأي خرق في إدارة البيانات أن يؤدي إلى انتهاك صارخ للخصوصية الشخصية ويعرض الشركة لغرامات مالية ضخمة تصل إلى أربعة بالمئة من أرباحها السنوية العالمية، ما يعادل مليارات الدولارات ويهدد مكانتها السوقية.
وكشفت التحقيقات الفرنسية أن أنظمة الذكاء الاصطناعي في أبل قد تتجاوز حدودها التقنية لتتدخل في خصوصية المستخدمين، بما يشمل جمع معلومات عن نمط حياتهم ومعتقداتهم وعلاقاتهم الشخصية. أثارت هذه الممارسات الشكوك حول قدرة الشركة على احترام القوانين الأوروبية والحدود الأخلاقية في التعامل مع بيانات المستخدمين، خصوصًا عند دمج التحليل الصوتي مع التعلم الآلي والتنبؤ بسلوك الأفراد.
وواجهت أبل في السنوات الأخيرة تحقيقات مماثلة في ألمانيا وبريطانيا، وكان كل تقرير جديد عن انتهاكات محتملة للخصوصية يسلط الضوء على ضعف الشفافية والرقابة الداخلية في الشركة. أثبتت هذه التحقيقات أن الإجراءات الوقائية الحالية لم تُلغِ المخاطر، بل أنها كرّست القلق حول إمكانية استغلال البيانات الصوتية حتى عندما تُستخدم لأغراض تطوير النظام فقط.
وأصبحت قضية سيري رمزًا للتحولات الكبرى في الخصوصية الرقمية، حيث يظهر التوتر المستمر بين التقدم التكنولوجي وحماية حقوق الأفراد. تتحرك الشركات الكبرى لتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر قدرة، بينما تحرص السلطات الأوروبية على فرض قيود صارمة تمنع استغلال البيانات خارج نطاق القانون. تشكل هذه القضية مؤشرًا على أهمية حماية المستخدمين من أي انتهاك محتمل، سواء كان تجاريًا أو تقنيًا.
وتوضح التحقيقات الفرنسية أن أبل تواجه تحديًا مزدوجًا، يتمثل في الحفاظ على سمعتها كشركة ملتزمة بالخصوصية، ومواجهة المخاطر القانونية الناجمة عن تجاوزات محتملة لأنظمة الذكاء الاصطناعي. أي خلل في إدارة البيانات الصوتية يمكن أن يؤدي إلى عقوبات مالية ضخمة ويضع الشركة في مواجهة أزمات ثقة المستخدمين على مستوى عالمي.
وتؤكد قضية سيري أن حماية الخصوصية لم تعد خيارًا ثانويًا، بل أصبحت شرطًا أساسيًا لاستمرار ثقة الأفراد في التكنولوجيا الحديثة. تعكس هذه الأزمة مدى الحاجة إلى وضع ضوابط صارمة لمراقبة البيانات وحمايتها، وضمان أن لا تتحول المعلومات الشخصية إلى سلعة قابلة للتداول والاستغلال.