اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٣ حزيران ٢٠٢٥
على عكس عمليات القتل التي حدثت في بيتسبرج ونيو جيرسي وأماكن أخرى، رجحت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن بعض الاعتداءات ضد اليهود ناتجة عن حركة احتجاجية تم فيه سياقها تطبيع العنف ضد اليهود والإسرائيليين، كشكل من أشكال الانتفاضة العالمية.
كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد شهدت مؤخرًا تصاعدًا مقلقًا في الأحداث الأمنية، مع وقوع هجمات متفرقة في واشنطن وكولورادو، مما أثار تساؤلات جدية حول مدى تأثر الأمن الداخلي الأمريكي بالاضطرابات العالمية.
وهذه الحوادث، على الرغم من تباين طبيعتها، تشير إلى أن موجة 'الانتفاضة العالمية' التي تشهدها مناطق مختلفة من العالم والتي يبدو أنها قد بدأت تتسرب إلى الأراضي الأمريكية، مسببة قلقًا متزايدًا بشأن الاستقرار والأمن القومي.
ووفقًا لصحيفة 'تايمز أوف إسرائيل'، وموقع 'نيويورك وان'، تمثل هذه الهجمات نقطة تحول، كونها المرة الأولى منذ بداية الحرب الأخيرة في الشرق الأوسط التي يُنفذ فيها أفراد من الحركة المناهضة لإسرائيل في الولايات المتحدة، والتي طالما طالبت بـ'انتفاضة عالمية'، أعمال عنف.
هجمات واشنطن وكولورادو: إشارات تحذيرية ذات دوافع أيديولوجية
في واشنطن العاصمة، تعرض اثنان من موظفي السفارة الإسرائيلية، يارون ليتشينسكي وسارة ميلغريم، لإطلاق نار قاتل خارج المتحف اليهودي بالعاصمة في أواخر مايو الماضي. وأطلق الجاني، إلياس رودريجيز، النار عليهما من مسافة قريبة بينما كانا يغادران حدثًا يهوديًا، وقد هتف 'فلسطين حرة، حرة' عند اعتقاله، وبنفس الوتيرة المستخدمة في الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل.
بعدها بأقل من أسبوعين، وتحديدًا يوم الأحد الموافق 1 يونيو 2025، شهدت ولاية كولورادو هجومًا مروعًا في بولدر، حيث ألقى شخص، يبلغ من العمر 45 عامًا، قنابل حارقة (مولوتوف) واستخدم قاذف لهب يدوي الصنع على مجموعة من المتظاهرين المؤيدين للرهائن الإسرائيليين في قطاع غزة.
وأدى الهجوم إلى إصابة ثمانية أشخاص، بعضهم بحروق وقد هتف الجاني 'فلسطين حرة' خلال الهجوم.
وأشار موقع نيويورك وان إلى أن هذه الهجمات، ذات الطابع الواضح والموجه، تسلط الضوء على هشاشة بعض الجوانب الأمنية وتحدي قدرة السلطات الأمريكية على التنبؤ بمثل هذه الأحداث ومنعها، خاصة مع تصاعد خطاب الكراهية والمعاداة للسامية، وفقًا للرواية التي يروجها الاحتلال، واستمرار اعتداءات قوات الاحتلال في حربها الانتقامية ضد المدنيين في غزة، وفقًا للرواية العربية، وتزامنت هجمات كولورادو مع بداية عطلة 'شافوعوت' اليهودية.
'الانتفاضة العالمية' تتمدد: السياق والأسباب المحتملة
وذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل أن مفهوم 'الانتفاضة العالمية' يشير إلى حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار التي تتجاوز الحدود الجغرافية، مدفوعة بعوامل متعددة مثل التوترات الجيوسياسية، والصراعات الإقليمية، والظلم الاجتماعي، والتطرف الأيديولوجي.
وعندما تصل هذه الموجة إلى أمريكا، فإنها قد تتجلى بأشكال مختلفة، كما رأينا في واشنطن وبولدر. فالمهاجم في كولورادو صرح لمكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بأنه أقدم على فعلته لأن 'الصهاينة يستولون على أرضنا' في فلسطين، بينما قال رودريجيز في واشنطن: 'فعلتها من أجل غزة'.
وقد سافر كلاهما لساعات من منازلهما لتنفيذ الهجمات، ولم تظهر أي مؤشرات حتى الآن على حصولهما على مساعدة.
هذه الحوادث هي نتاج لتصاعد المشاعر المناهضة لإسرائيل منذ بداية الحرب الانتقامية الأخيرة في أعقاب 7 أكتوبر 2023، حيث تساهم دعوات 'عولمة الانتفاضة' و'المقاومة بكل الوسائل' في تحفيز العنف.
وقد أشار تيد دويتش، الرئيس التنفيذي للجنة اليهودية الأمريكية، إلى أن 'الجالية اليهودية كانت تحذر العالم من أن هتافات عولمة الانتفاضة والمقاومة بأي وسيلة ضرورية هي دعوات إلى العنف. وقد رأى القاصي والداني الآن هذا العنف يندلع في أمريكا مرتين في أقل من أسبوعين.'
وتؤكد أجهزة الأمن اليهودية أنها تراقب المحادثات التي تدعم هذه الهجمات عبر الإنترنت، بما في ذلك الدعوات لتنفيذ المزيد منها.
تحديات الأمن القومي والاستجابة المحتملة
تفرض هذه التطورات تحديات كبيرة على أجهزة الأمن الأمريكية. لم يعد التركيز مقتصرًا على التهديدات الخارجية التقليدية، بل يمتد ليشمل تهديدات داخلية متزايدة التعقيد، مدفوعة بأيديولوجيات متطرفة وتأثيرات الصراعات العالمية.
يُنظر إلى الهجوم في بولدر على أنه 'عمل إرهابي مستهدف' من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي، مع اتهامات جنائية فيدرالية وولاية بالاعتداء بدافع الكراهية ومحاولة القتل.
وقد أعلنت الشرطة أنها عثرت على 16 زجاجة حارقة غير مستخدمة كانت 'في متناول اليد' خلال الهجوم في كولورادو، مما يشير إلى نية إحداث ضرر أكبر.
وتتطلب الاستجابة لمثل هذه الهجمات نهجًا متعدد الأوجه يشمل تعزيز الاستخبارات لمراقبة المجموعات المتطرفة والخطاب التحريضي عبر الإنترنت، وتحسين التنسيق بين وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية والمحلية، ومعالجة العوامل الجذرية التي تغذي التطرف وعدم الرضا.
وقد دفع هذا التصاعد في العنف المسؤولين الأمريكيين، بمن فيهم حاكم كولورادو جاريد بوليس، إلى التعبير عن استيائهم من الهجمات التي تستهدف الجالية اليهودية.
كما قد تدفع هذه الأحداث الحكومة إلى مراجعة استراتيجياتها الأمنية لضمان قدرتها على حماية المواطنين والبنية التحتية الحيوية من تهديدات متغيرة باستمرار، وضمان ألا تتحول الدعوات الأيديولوجية المتطرفة إلى أعمال عنف مميتة على الأراضي الأمريكية.
تداعيات الهجمات وتأثيرها على الأمن الداخلي
جاءت هجمات كولورادو بعد أربع سنوات من حادث إطلاق نار جماعي في متجر بقالة في بولدر، أسفر عن مقتل 10 أشخاص، مما يبرز تكرار حوادث العنف في المنطقة.
وعلى خلفية هذه الأحداث، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن صلواته من أجل الشفاء الكامل للمصابين في كولورادو، وزعم أن 'هذا الهجوم استهدف أناسًا مسالمين أرادوا التعبير عن تضامنهم مع الرهائن الذين تحتجزهم حماس، لمجرد أنهم يهود'.
كما أعلنت شرطة نيويورك عن زيادة وجودها الأمني في المواقع الدينية بالمدينة خلال عطلة شافوعوت، في خطوة احترازية لمواجهة التهديدات المتزايدة.
من جانبه، صرح مارك ميتشالك، العميل الخاص المسؤول عن مكتب التحقيقات الفيدرالي في دنفر، والذي يضم بلدية بولدر: 'للأسف، أصبحت هجمات كهذه شائعة جدًا في جميع أنحاء البلاد. هذا مثال على كيفية استمرار مرتكبي العنف في تهديد المجتمعات في جميع أنحاء الأمة'.
وقد أعلن نائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، دان بونجينو، أن 'هذا العمل يتم التحقيق فيه على أنه عمل عنف بدوافع أيديولوجية بناءً على المعلومات الأولية والأدلة وشهادات الشهود'. وأضاف: 'سنتحدث بوضوح عن هذه الحوادث عندما تبرر الحقائق ذلك'.
يُذكر أن المتهم في كلورادو كان يقيم في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، حيث دخل البلاد في أغسطس 2022 بتأشيرة B2 انتهت صلاحيتها في فبراير 2023، وقدم طلب لجوء في سبتمبر 2022، وفقًا لمساعدة وزير الأمن الداخلي تريشيا ماكلافلين. هذا الجانب يضيف بعدًا آخر لتعقيدات التحديات الأمنية التي تواجهها الولايات المتحدة اليوم.