اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٨ تموز ٢٠٢٥
تُعد الثقافة والفنون مرآة الشعوب، وركنًا أصيلًا في تشكيل الهوية الإنسانية عبر العصور، فمن خلال الإبداع الفني، سواء في الموسيقى أو الأدب أو التشكيل، يعبّر الإنسان عن أحاسيسه العميقة، ويترجم أفكاره إلى لغة خالدة تتجاوز الزمان والمكان، وفي قلب هذا المشهد الإبداعي، يبرز اسم لودفيج فان بيتهوفن، أحد أعظم عباقرة الموسيقى في التاريخ، الذي استطاع أن يحوّل الألم والمعاناة إلى سيمفونيات خالدة أبهرت العالم، ولا تزال تُعزف في أشهر المسارح وقاعات الحفلات إلى يومنا هذا.
لم يكن بيتهوفن مجرد مؤلف موسيقي، بل كان ثورة فنية قائمة بذاتها، نقل الموسيقى الكلاسيكية من الانضباط الصارم إلى أفق أكثر عاطفية وحرية، بل وحتى رسائله الشخصية، تُعدّ كنوزًا ثقافية تُثير اهتمام عشّاق الموسيقى والباحثين حول العالم، مثل الرسالة التي تعتزم دار كريستيز عرضها في مزادها المقبل.
أعلنت دار كريستيز العالمية للمزادات عن عرض رسالة نادرة بخط يد المؤلف الموسيقي الشهير لودفيج فان بيتهوفن (1770–1827) ضمن مزاد الكتب والمخطوطات القيمة الذي سيُقام في العاصمة البريطانية لندن، وقدّرت الدار سعر الرسالة ما بين 14 إلى 18 ألف جنيه إسترليني، نظرًا لقيمتها التاريخية والفنية الكبيرة.
تتوجه الرسالة التي كُتبت باللغة الألمانية، ومُوقعة بالحرف الأول من اسم بيتهوفن ('ب')، إلى الناقد الموسيقي والناشر جوزيف بلاهيتكا (1782–1857)، وجاء فيها:
'بما أنني أعلم أنك ستكون في المنزل بعد الظهر على أي حال، فسوف آتي إليك بالتأكيد حوالي الساعة الخامسة بعد الظهر – في هذه الأثناء، وداعًا يا عزيزتي بلاهيتكا.'
وتعكس هذه الكلمات الطابع الشخصي والعفوي لعلاقة بيتهوفن بعائلة بلاهيتكا، وخصوصًا بابنته ليوبولدين.
جوزيف بلاهيتكا كان والد ليوبولدين بلاهيتكا (1809–1885)، عازفة البيانو المعجزة التي نالت إعجاب بيتهوفن بشدة، وقد كلّفها المؤلف الكبير بتمارين تدريبية خاصة، كما كان له دور محوري في ترتيب دروسها الموسيقية مع المعلّم الشهير جوزيف تشيرني عام 1818، وهو العام الذي يُرجح فيه أن الرسالة كُتبت، وفي سن الثامنة قُدمت ليوبولدين لأول مرة إلى الجمهور خلال حفل موسيقي لعازف الكمان إدوارد جايل، في مناسبة اعتُبرت انطلاقتها الفنية المبكرة.
ولد بيتهوفن في 17 ديسمبر 1770، ويُعد من أعظم مؤلفي الموسيقى في التاريخ، أسهم بشكل ثوري في تطوير الموسيقى الكلاسيكية والانتقال بها من الحقبة الكلاسيكية إلى العصر الرومانسي، من أبرز أعماله: تسع سيمفونيات، خمس مقطوعات للبيانو، وعدد من الأعمال للكمان، وغيرها من المؤلفات التي لا تزال تُلهم الموسيقيين والجمهور حتى اليوم.