التكفريين بسوريا.. انتهاك أضرحة آل البيت وهدم قبر «المعري» وذبح شقيقة بهاء اليوسف

في كتابه جامع الأحاديث، يذكر مؤلفه، جلال الدين السيوطي، أن الخليفة عمر بن الخطاب، وخلال تفقده أحوال رعيته ــ وهو ما عرف عنه واشتهر به ــ يوما فرأى ضوء نار وكان معه عبد الله بن مسعود فتبع الضوء حتى دخل الدار فوجد سراجًا في بيت فدخل وذلك في جوف الليل فإذا شيخ جالس وبين يديه شراب ومغنية فلم يشعر حتى هجم عليه عمر بن الخطاب فقال: ما رأيت كالليلة منظرًا أقبح من شيخ ينتظر أجله، فرفع رأسه إليه فقال: بلى يا أمير المؤمنين ما صنعت أنت أقبح تجسست وقد نُهي التجسس، ودخلت بغير إذن. فقال عمر: صدقت ثم خرج عاضًا على ثوبه يبكي، وقال: ثكلت عمر أمه إن لم يغفر له ربه.

عمر بن الخطاب الذي عرف عنه عدله وورعه وتقواه وخشيته من الله يبكي ويعض علي ثوبه ندما لما أرتكبه في حق أحد أفراد الشعب، تجسس ودخل بيت الرجل دون استئذان، وهو الذنب الذي أبكي بن الخطاب حتي أنه دعي علي نفسه أن تفقده أمه لو لم يغفر له الله، لا لشيئ سوي أنه جاء بما نهي الله عنه في تعاملات البشر بين بعضهم علي بعض واحترام حقوقهم.

ومنذ أن ظهر الإسلام السياسي، وجل همه إقامة شرع الله وخلق مجتمعات إسلامية، لكن علي الممارسات الفعلية علي أرض الواقع تتناقض تماما مع ما يرفعونه من شعارات يخدعون بها السذج. ومنذ أن دخلت هيئة تحرير الشام لسوريا، وهي تعيث فسادا بين السوريين من إذلال للمختلفين مع الهيئة وجرائم القتل والخطف والاغتيالات التي يقوم بها أفراد الهيئة والتي يرد عليها بأنها تجاوزات فردية.

إلا أن المرصد الوطني السوري لحقوق الإنسان، يرصد ويوثق مئات الجرائم اليومية وعلي مدار الساعة منذ دخلت الهيئة لسوريا، وأحدثها جريمة قتل بحي جب الجندلي بحمص، راح ضحيتها شقيقة المطرب السوري بهاء اليوسف وخالته ذبحا، وطعن طفل صغير ــ ابن خالة بهاء ــ وإن كان ينتظر بين الحياة والموت في المستشفي.

أكد بهاء اليوسف علي الجريمة التي راح ضحيتها عائلته، عبر حسابه الرسمي بالفيسبوك: إنّا لله وإنّا إليه راجعون.. تعرضت عائلتي في فجر هذا اليوم لجريمة مرّوعة، عائلة مدنية نِساء وشاب يافع لا يملكون أيّ أسلحة بأي ذنبٍ قُتِلوا وبأي دينٍ قَبِلَ أن يُطَعَنوا بهذا الشكل؟ لن أتحدث بالطائفية لحقن الدماء. أنا فنان شعبي قد يختلف البعض على محبتي وقد يتفق البعض، لكن من المؤكد أني لم أحمل سلاح لم أقتل أحد لم أجرح أحد لو في الكلام حتى.. ومن يعرفني يعرف هذا جيدًا

أتعرض منذ فترة لتهديدات على السوشيال ميديا من عبارات الشتائم والتشبيح وجايينك بالدبح و... لماذا كل هذا الحقد على فنان شعبي لم يؤذي أحد! سوريا الجديدة لن تبنى على الحقد ولا مكان للحاقدين والمجرمين أعداء الإسلام والسلام..رحم الله عائلتي ومن المؤكد جدًا عند الله لن يضيع حقّ.

برغم التصريحات التي أدلي بها الجولاني، ورسائل التطمينات للشعب السوري، في حديثه عن عهد حديد خالي من الضغائن الطائفية والمذهبية، “أن أهل الشام لا علاقة لهم بالأحداث التاريخية التي حدثت منذ 1400 عام”، إلا أن أتباعه يسيرون بين الشعب السوري علي النقيض من تصريحات الجولاني الرسمية.

فقبل يومين اقتحم أحد أفراد هيئة تحرير الشام، ضريح السيدة رقية بنت الحسين حفيد الرسول، والتي استشهدت علي يد جيش يزيد بن معاوية في مذبحة كربلاء. يظهر عضو هيئة تحرير الشام، في مقطع مصور وهو يستهزئ بالضريح وصاحبته، قائلا وهو يشير إلي لافتة كتب عليها صندوق صدقات: “صندوق تبرعات ونذورات السيدة رقية عليها السلام، نذر لغير الله عز وجل، كانوا ينذرون لغير الله، هؤلاء الآن في عهدة بني أمية الحمد لله رب العالمين.”

ورغم أن الشاعر أبي العلاء المعري، أبرز من عرفتهم لغة الضاد، والذي رحل منذ أكثر من 968 عاما، إلا أن قبره لم يسلم من من أذي هيئة تحرير الشام، وهو ما أكده مصدر لـ'الدستور' أن أفراد من الهيئة هم من هدموا قبر المعري بمعرة النعمان.

وأكد “المصدر”: المعري، رهين المحبسين، النحوي، الفيلسوف طالته أحقاد هيئة تحرير الشام، والتي استهلت ــ حكم الأمر الواقع ــ في سوريا بنبش مقبرة حافظ الأسد، الرئيس السوري الأسبق وحرق رفاته. لم يسلم الشاعر المثقف من انتهاك حرمة قبره مثله مثل الأسد.

وتابع المصدر في حديثه لـ “الدستور”: تحت دعاوي التفتيش، يتجول أفراد هيئة تحرير الشام في المدن والأحياء السورية، يقتحمون المنازل، بحجة التفتيش الذي ينتهي بنهب وسرقة المنازل ومن ثم حرقها، وآخرها البارحة، حيث سرقت منازل الأهالي في منطقة تل خزنة بريف حمص الشرق، وحرقها لأسباب طائفية بحتة، وتهجير جزء كبير من أهالي القرية. وهو ما تعرض له أيضا أهالي قرية عدبس بريف حماة.