اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٦ أب ٢٠٢٥
وسط نيران الحرب وأصوات القصف، وبين ركام البيوت والمستشفيات في قطاع غزة، لا تزال مصر تقف على خط النار، تُقاوم بالموقف والدبلوماسية، وتُصرّ على أداء دورها التاريخي في دعم الفلسطينيين، بينما تحاول بعض الأبواق المغرضة، لا سيما جماعة الإخوان وأنصارها، تشويه هذا الدور النبيل.
ففي الوقت الذي تتجاوز فيه آلة الحرب الإسرائيلية كل الخطوط الحمراء، وتحوّل الحرب من صراعٍ عسكري إلى إبادة جماعية، تقف القاهرة منفردة على الجبهة الإنسانية والسياسية، تدفع بالمساعدات، وتفتح أبواب الحوار، وتضع خطوطًا حمراء في وجه محاولات التهجير القسري لأبناء غزة.
لم تبدأ مصر دعمها لغزة مع اندلاع الحرب الأخيرة في أكتوبر 2023، بل هو امتداد لمواقف تاريخية ثابتة منذ نكبة 1948، مرورًا بكل الحروب والصراعات التي تعرض لها الشعب الفلسطيني. فموقف القاهرة لم يكن يومًا عارضًا أو عابرًا، بل هو جزء أصيل من استراتيجيتها القومية والإنسانية.
ومنذ اللحظة الأولى لتصعيد العدوان الإسرائيلي الأخير، انطلقت مصر بخطوات عملية: رفضت محاولات التهجير، استقبلت المصابين، أرسلت القوافل، وتحركت دبلوماسيًا في كل الاتجاهات. وكان موقفها حازمًا وواضحًا: لا للمساس بأرض غزة، ولا لتصفية القضية الفلسطينية.
بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، قدمت مصر، منذ أكتوبر 2023، أكثر من 70% من المساعدات التي دخلت إلى قطاع غزة. وتشمل هذه المساعدات مواد غذائية وطبية وإغاثية، حملتها أكثر من خمسة آلاف شاحنة، لا تزال حتى اليوم متوقفة على الجانب المصري من معبر رفح، بسبب تمركز القوات الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني، وهو ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الفيتنامي.
هذا الواقع يعكس حجم الالتزام المصري، رغم العراقيل اللوجستية والعسكرية التي تفرضها تل أبيب على الأرض.
منذ مايو 2024، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي السيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح. ونتيجة لذلك، توقفت حركة المسافرين والمساعدات بشكل تام. وأكدت هيئة المعابر في غزة أن المعبر مغلق بفعل تواجد الدبابات الإسرائيلية، في خطوة تُعد خرقًا لكل الأعراف الإنسانية.
ومع ذلك، لم تيأس القاهرة، واستمرت في التنسيق مع أطراف دولية فاعلة، على رأسها قطر والولايات المتحدة، في مساعٍ لإعادة فتح المعبر وضمان دخول المساعدات، إلى جانب الجهود المتواصلة للإفراج عن الرهائن من كلا الجانبين.
في ظل هذه الوقائع، برزت محاولات لتشويه الدور المصري، والحديث عن تقصيرٍ مزعومٍ في إدخال المساعدات. وردّت القاهرة بحزم على هذه الادعاءات، ووصفتها بـ'الإفلاس السياسي'. وأكدت أن معبر رفح من الجانب المصري لم يُغلق أبدًا، لا قبل الحرب ولا أثناءها، وأن أي تأخير في عبور المساعدات يعود حصريًا للممارسات الإسرائيلية على الجانب الآخر من الحدود.
علّق اللواء نبيل السيد، الخبير الاستراتيجي، على بيان وزارة الخارجية المصرية بشأن المساعدات المقدمة إلى قطاع غزة، مؤكدًا أن مصر تؤدي دورًا محوريًا وثابتًا في دعم الشعب الفلسطيني، وخاصة في أوقات الأزمات، معتبرًا أن ما جاء في البيان يعكس الحقيقة الواقعية على الأرض، وليس مجرد أرقام دبلوماسية.
وأوضح اللواء نبيل أن تأكيد الخارجية المصرية على أن القاهرة قدمت أكثر من 70% من إجمالي المساعدات التي دخلت إلى غزة منذ أكتوبر 2023، هو دليل قاطع على التزام مصر التاريخي والإنساني تجاه القضية الفلسطينية، رغم ما تواجهه من تحديات سياسية وأمنية ولوجستية على الأرض، لا سيما في إدارة معبر رفح في ظل تعنّت بعض الأطراف وتهديدات الاحتلال.
وأشار إلى أن بيان الخارجية يحمل رسالة واضحة للمجتمع الدولي، مفادها أن مصر لم تتخلَّ يومًا عن دورها، لا سياسيًا ولا إنسانيًا، وأنها الدولة الوحيدة التي تتحرك على مسارين متوازيين:
المسار الدبلوماسي الذي يسعى إلى التهدئة ووقف إطلاق النار.
والمسار الإنساني الذي يعمل على توفير الغذاء والدواء والمساعدات رغم العراقيل.
وانتقد الخبير الاستراتيجي محاولات بعض الأطراف، سواء داخل الأراضي الفلسطينية أو من قِبَل جهات خارجية، للتقليل من الدور المصري أو تحميله مسؤولية تأخير المساعدات، مؤكدًا أن 'مصر لا تزايد ولا تبحث عن مكاسب إعلامية، بل تتحرك انطلاقًا من ثوابت قومية وإنسانية'، وأن القاهرة لطالما دفعت الثمن سياسيًا واقتصاديًا من أجل حماية الشعب الفلسطيني.
وفي ختام حديثه، شدد اللواء نبيل السيد على أن 'مصر كانت وستظل صمام الأمان للقضية الفلسطينية، والجهة الوحيدة القادرة على تحقيق التوازن بين دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وبين ضمان استقرار الإقليم'، داعيًا الجميع إلى 'الاعتراف بدور مصر البنّاء بدلًا من استهدافه أو التشكيك فيه'.
في زمنٍ يُباع فيه الموقف وتُشترى فيه المبادئ، تظل مصر واقفة في وجه العاصفة، تحمل على أكتافها مسؤولية تاريخية وإنسانية تجاه أشقائها في فلسطين.
وبينما يحاول البعض زرع الشك والفتنة، تبقى الحقيقة واضحة كالشمس:
القاهرة لم تتخلَّ، ولن تتخلى، عن غزة وأهلها، وستظل، رغم كل التحديات، صمام الأمان للقضية الفلسطينية.