اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٨ أيلول ٢٠٢٥
في ليلة رأس السنة التي تتسم بأجواء احنفالية، كان مسؤول أمني إسرائيلي سابق على موعد مع الجريمة، فقد حان الوقت لتحويل نزاع عائلي مرير حول حضانة أطفال إلى واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في ألمانيا، حيث تتقاطع ثروات هائلة وأجهزة استخبارات دولية في مؤامرة خطف مروعة.
وفي صلب القضية، تقع كريستينا بلوك، وريثة سلسلة مطاعم 'بلوك هاوس' الألمانية الشهيرة، التي تقدر ثروتها بمئات الملايين من اليورو، تواجه اتهامات بالتخطيط لخطف طفليها، البالغين من العمر 10 و13 عامًا، من والدهما في الدنمارك.
لكن ما يجعل هذه القصة أكثر إثارة هو التورط الذي تنظره المحاكم الألمانية بشأن يعقوب بيري، الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي 'الشاباك'، في تنظيم العملية والضلوع في تنفيذها.
خطة عنيفة في ليلة مظلمة
في بلدة هادئة بالدنمارك، تعرض الأب، الزوج السابق للثرية الألمانية بلوك، لهجوم وحشي في ليلة رأس السنة.
واقتحم فريق من ثمانية أشخاص، معظمهم إسرائيليون، منزله، وضربوه بعنف قبل أن يسحبوا طفليه إلى غابة قريبة.
وفقًا لتقارير النيابة العامة في هامبورج، وتم تقييد أفواه الطفلين بشريط لاصق، وتقييد أحدهما، مع تهديد الخاطفين بقتلهما إذا أحدثا أي ضجيج. ثم تم نقل الطفلين إلى سيارة واختفوا في الظلام، تاركين وراءهم أبًا مصدومًا ومجتمعًا محليًا في حالة ذهول.
وتشير التحقيقات إلى أن هذه العملية لم تكن مجرد نزاع عائلي متهور، بل خطة مدروسة بعناية.
وفقًا لصحيفة هآرتس الإسرائيلية، استأجرت بلوك وشريكها، جيرهارد ديلينج، شركة استخبارات أعمال إسرائيلية لتنفيذ الخطف. لكن الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو الدور المزعوم لبيري، الذي يُزعم أنه قاد الفريق عبر شركته 'CGI Group'، وهي شركة متخصصة في خدمات الأمن والاستخبارات.
خيوط إسرائيلية وألمانية متقاطعة
تكشف تفاصيل القضية عن شبكة معقدة من العلاقات بين شخصيات بارزة في عالم الاستخبارات وعالم الثروة.
ووفقًا لتقرير دير شبيغل، تواصل أوجست هانينج، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الألمانية (BND)، مع بيري نيابة عن الثرية الألمانية بلوك، طالبًا منه تشكيل فريق لتنفيذ العملية.
ويجد هانينج، الذي نفى هذه المزاعم بشدة، نفسه متورطًا في فضيحة تهدد سمعته. بيري، من جانبه، وافق على الإدلاء بشهادته في محكمة هامبورج، لكنه اشترط ضمان السرية، مما أثار تساؤلات حول مدى تورطه.
في الوقت نفسه، التزمت بلوك الصمت عندما سُئلت عن علاقتها ببيري، مما زاد من الغموض المحيط بالقضية.
ومع ذلك، تمكنت الشرطة من إحراز تقدم، حيث ألقت القبض على أحد الخاطفين الإسرائيليين في قبرص، بينما تمكن اثنان آخران من الفرار، مما يشير إلى مدى تعقيد العملية وتنظيمها.
من نزاع على حضانة أطفال إلى فضيحة دولية
ما بدأ كنزاع حضانة بين كريستينا بلوك وزوجها السابق تحول إلى قضية ذات أبعاد دولية، تسلط الضوء على استغلال الثروة والنفوذ في تحقيق أهداف شخصية.
تقارير ذا جارديان ودي تسايت تشير إلى أن العملية كلفت حوالي 1.4 مليون يورو، وتطلبت 300 ساعة عمل من قبل شركة 'Cyber Cupula' الإسرائيلية، التي يديرها ديفيد باركاي، بالإضافة إلى تورط 'CGI Group' بقيادة بيري. هذه الأرقام تعكس حجم التخطيط والموارد التي استُخدمت في هذه العملية.
وأشارت مجلة دير شبيجل إلى أن الطفلين، اللذين عانيا من تجربة مرعبة، أصبحا الآن في قلب معركة قانونية معقدة، إذ تسلط محاكمة بلوك وديلينج في هامبورج الضوء على الجوانب الأخلاقية والقانونية لهذه القضية، حيث يواجه المتورطون اتهامات بارتكاب جرائم خطيرة، بما في ذلك الخطف والإيذاء البدني. في الوقت نفسه، يثير تورط شخصيات مثل بيري وهانينج تساؤلات حول حدود استخدام الخبرات الأمنية في النزاعات الشخصية.
ماذا بعد؟
مع استمرار التحقيقات، تظل هذه القضية لغزًا يثير اهتمام الجمهور في ألمانيا وخارجها. هل كانت كريستينا بلوك أمًا يائسة تسعى لاستعادة أطفالها، أم وريثة استغلت ثروتها وعلاقاتها لتنفيذ خطة غير قانونية؟ وما مدى تورط يعقوب بيري، الذي تحول من قائد أمني محترم إلى شخصية مثيرة للجدل ومتهم في هذه الفضيحة؟
مع اقتراب جلسات المحكمة القادمة، يترقب العالم إجابات عن هذه الأسئلة.
في الوقت الحالي، تظل هذه القصة شاهدة على كيف يمكن للثروة والسلطة أن تتحول إلى أدوات خطيرة عندما تُستخدم بلا ضوابط.


































