اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ١٩ أيلول ٢٠٢٥
شهد اجتماع المجلس السياسي والأمني المصغّر (الكابينت) في إسرائيل، الذي عُقد مساء الخميس، مشادات حادة ومفاجآت غير مسبوقة بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ثم بين الأخير ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، على خلفية الجدل حول السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة الأسرى الفلسطينيين المنتمين إلى حركة حماس داخل السجون الإسرائيلية.
بحسب ما تسرب من الجلسة، فقد طرح موضوع زيارات الصليب الأحمر بشكل مقتضب على جدول الأعمال، لكن نتنياهو رفض مناقشته في الكابينت بعد أن اتهم بن غفير بتسريب تفاصيل حساسة من الاجتماعات إلى وسائل الإعلام، وذلك عقب نشر تقرير صحفي عن الموضوع قبل بدء النقاش، وأمام الوزراء، صرخ نتنياهو في وجه بن غفير، مؤكدا أنه المسؤول عن التسريبات، وأعلن أنه لن يسمح بطرح القضية داخل المجلس الوزاري.
غادر نتنياهو القاعة بعد وقت قصير، ليتولى إدارة الجلسة رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، ومع اقتراب منتصف الليل، كان معظم الوزراء قد غادروا بالفعل، وبقي نحو أربعة إلى خمسة وزراء فقط في القاعة.
في تلك اللحظة، عاد بن غفير إلى القاعة وطلب التسجيل للحديث، لكن هنغبي رفض قائلاً إن قائمة المتحدثين أُغلقت، عندها انفجر بن غفير غاضبا: 'اهدأ، هذا ليس من شأنك، أنت مجرد مستشار!'، أثارت هذه العبارة استياء هنغبي، الذي اعتبرها إهانة مباشرة، فرد عليه بغضب، لتندلع مشادة كلامية بين الطرفين.
اتهم بن غفير هنغبي بأنه 'مستشار بلا صلاحيات'، ولا يحق له اتخاذ قرارات بشأن زيارات الصليب الأحمر دون موافقة الكابينت، مضيفا: 'ليس لديك الحق في السطو على صلاحيات الآخرين ومنح الصليب الأحمر تسهيلات للإرهابيين'.
حاول بعض الوزراء الحاضرين تهدئة الموقف قائلين: 'كن لطيفا معه، أنت لا تُحسن معاملته'، لكن هنغبي رد ساخرا: 'لا تقلقوا، لقد تعاملت مع مائتي شخص مثله'، فما كان من بن غفير إلا أن أجابه باستهزاء: 'أجل، رأيتُ إنجازاتك عندما كنت وزيرا للشرطة، أنصحك بأن تبقى في حدود دورك كمستشار ولا تتدخل في شؤون مصلحة السجون'.
تصاعد التوتر أكثر حين سخر هنغبي بدوره قائلاً: 'بالتأكيد، فأنت الوزير الأفضل والأكثر تفوقا'. فرد بن غفير بغطرسة: 'لقد فعلت ما لم تفعله أنت ولن تفعله خلال ثلاثين عاما، لقد غيرت تماما سياسات مصلحة السجون، ولن تعيدونا إلى الوراء'.
وبعد هذا الجدل الحاد، طلب بن غفير حق الكلام مجددا، لكن هنغبي أنهى النقاش فجأة وأعلن: “انتهت الجلسة.”
بعد ساعات قليلة، نشر بن غفير بيانا عبر منصة 'إكس' هاجم فيه موقف مجلس الأمن القومي، قائلاً:
'بناء على التماس قدمته منظمات يسارية متطرفة إلى محكمة العدل العليا، أوصى هنغبي رئيس الوزراء بالسماح للصليب الأحمر بزيارة الإرهابيين في السجون بينما يقبع رهائننا في الأنفاق. ولله الحمد، لم ينجح في الحصول على أغلبية داخل الكابينت لهذا العار الذي أعارضه بشدة أنا ومصلحة السجون.
لكن ما زال الاقتراح الوهمي على الطاولة، وأدعو رئيس الوزراء إلى الإعلان فورا أنه لن يستسلم لهذه الخطوة الخطيرة التي تُعد خضوعا للإرهاب'.
في المقابل، أصدر مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بيانا توضيحيا نفى فيه اتهامات بن غفير، مشيرا إلى أن الموقف الذي عُرض أمام المحكمة العليا جاء بتنسيق مشترك بين جيش الاحتلال وجهاز الأمن العام (الشاباك) وجهاز المخابرات الوطني ووزارات الدفاع والعدل والخارجية.
وأوضح البيان أن هذا الموقف يرفض السماح للصليب الأحمر بزيارة أسرى حماس والجهاد الإسلامي طالما أن الحركة تمنع زيارة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة، لكنه لا يعارض زيارة أسرى آخرين، على أن يتم ذلك وفق تقييم أمني لكل حالة.
وأضاف البيان: 'بناءً على طلب وزير الأمن القومي الذي عارض هذا الموقف، تم تأجيل الرد على المحكمة لإتاحة المجال أمامه لعرض موقفه أمام الكابينت. لم تكن هناك نية لإجراء تصويت على المسألة.
وقد أزال رئيس الوزراء الإسرائيلي الموضوع من جدول الأعمال بعد أن انتقد بشدة التسريبات الصادرة عن وزارة الأمن القومي، مؤكدا أن أي نقاش قادم حول القضية سيكون في منتدى خالٍ من التسريبات'.
تكشف هذه المواجهة أن الخلاف حول مسألة الزيارات الإنسانية للأسرى الفلسطينيين لم يعد مجرد قضية إجرائية، بل تحول إلى صراع سلطوي داخل أروقة الحكومة بين نتنياهو، الذي يسعى لإبقاء الملف تحت سيطرته، وبين بن غفير، الذي يستخدم الملف كورقة لإظهار تشدده أمام الرأي العام الإسرائيلي.
كما يظهر الموقف هشاشة التنسيق بين أجهزة الدولة المختلفة، ويعكس انقساما داخليا حول كيفية إدارة ملف الأسرى في ظل استمرار احتجاز رهائن إسرائيليين في غزة.