اخبار مصر
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥
غلاء أسعار العبوات الأصلية أدى إلى رواجها بالمناطق الشعبية وسط مزاحمة من السوريين ومتخصصون: بعض التجار يستخدمون 'كحولاً' محظوراً يسبب أضراراً تصل إلى الموت وسط غياب الرقابة
مُحاطة بروائح عطرية تفوح من كل الأرجاء، تجولت الأربعينية مي إدريس بشارع الجامع الأحمر في حي العتبة (وسط القاهرة) الشهير بتركيبات الزيوت العطرية وبيع العبوات الفارغة، تتفحص بعينيها جميع أشكال العطور المُركبة المتراصة على الأرفف بأنواعها وأشكالها وأحجامها المختلفة، أملاً في العثور على مبتغاها بشراء مجموعة من الروائح العطرية الزهيدة الكُلفة وذات الجودة العالية.
لجأت الأربعينية، التي تقيم بحي المعادي جنوب العاصمة المصرية القاهرة وتعمل مهندسة بإحدى الشركات العقارية، للذهاب إلى تلك المنطقة الشعبية منذ ثلاثة أعوام استجابة لنصيحة بعض الأقارب والأصدقاء، هرباً من الأسعار الباهظة لعبوات العطور الأصلية التي تعتمد غالبيتها على الخامات المستوردة من الخارج بصورة باتت تفوق قدرتها على الشراء وتضغط على موازنة المنزل الشهرية، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
وتتراوح أسعار العطور الأصلية في المحال التجارية بالمناطق المتوسطة والراقية ما بين 2500 جنيه (52.52 دولار( و27 ألف جنيه (567.23 دولار) حسب نوعياتها، بالمقارنة بأسعار العطور المُركبة بالمناطق الشعبية التي أصبحت تراوح ما بين 150 جنيهاً (3.15 دولار) و250 جنيهاً (5.25 دولار)، حسب أحجامها وخاماتها، وقد تزيد أحياناً في بعض المناطق الأخرى.
تقول مي، خلال حديثها إلى 'اندبندنت عربية'، إنها قامت بتجربة كثير من الأصناف العطرية من مختلف المحال التجارية في تلك المنطقة، إلا أنها استحسنت تجربة شراء العطور المُركبة من المحال السورية وأصبحت تداوم على شرائها، نظراً إلى تنوع المنتجات والزيوت العطرية والخامات والعبوات والفواحات، إضافة إلى رخص ثمنها وجودتها العالية وثبات تركيزها، علاوة على كونها شبيهة بالعطور الأجنبية، التي تأتي مستوردة من فرنسا أو إيطاليا.
تختلف السيدة الأربعينية مع نظرة البعض بأن العطور من بنود الرفاهية، إذ تعتبرها بنداً من الحاجات الأساسية لا غنى عنه، وبخاصة للمرأة، إذ تحتاج إليه في المناسبات الخاصة وفترات العمل والزيارات الخارجية، لا سيما في فترات الصيف واشتداد درجات الحرارة، مردفة 'العطور المركبة باتت تمثل بديلاً اقتصادياً وجيداً مقارنة بـ(البرفانات) ذات الماركات العالمية المُرتفعة الكُلفة، وأصبحت تمثل طوق نجاة بالنسبة إليّ في ظل غلاء الأسعار الحالي، وتوائم قدراتي المادية'.
فيما يحرص الشاب الثلاثيني محمد اليماني على الذهاب إلى أحد المحال التجارية بمنطقة الموسكي التجارية بوسط القاهرة، لشراء نوعيات مختلفة من الأصناف العطرية التي اعتاد استخدامها، لا سيما مع حلول فصل الصيف، إما لاستخدامات شخصية أو لإهدائها لمسؤوليه في العمل.
وفي اعتقاد اليماني، الذي يعمل موظفاً بإحدى شركات المقاولات، أنه لا فارق لديه بين التركيبات العطرية المصرية أو السورية أو الجنسيات الأخرى، قائلاً 'أكثر ما يشغل اهتمامي أثناء الشراء هو سعر المنتج وجودته ومدى تركيز الزيوت العطرية ونسبة الكحول المستخدمة في العبوة'، منوهاً إلى أنه دائماً ما يلجأ إلى التنويع، إذ يُفضل شراء بعض الأصناف من محال مصرية وأخرى سورية لتجربة أصناف جديدة طوال الوقت، موضحاً أنه يدخر 1000 جنيه (21.01 دولار) من راتبه شهرياً من أجل شراء العبوات العطرية الخاصة به.
ويضيف الثلاثيني أن أسعار العطور الأصلية أصبحت 'تفوق الخيال'، حسب تعبيره، وباتت العطور المُركبة المتنفس الوحيد لديه لشرائها على رغم التحذيرات المتكررة في شأن بعض الأخطار التي قد تنجم عنها في حالة تقليدها، مؤكداً أنه يحرص منذ أعوام على شراء تلك المنتجات من محال موثوق فيها، ولديها سمعة طيبة في جودة خدمات الزيوت العطرية، ولا تتلاعب بخامات العبوات أو نسبة الكحول التي تُضاف إليها، قائلاً 'أختار أماكن بيع تلك المنتجات بعناية ولا أهتم بمنشورات الدعاية التي تملأ ’السوشيال ميديا‘ حتى لا أتعرض لأضرار صحية في المستقبل'.
وخلال الأعوام الماضية، تنامت تجارة تركيبات العطور بمصر، وأصبحت تلقى رواجاً كبيراً وسط مزاحمة كبيرة من السوريين الذين جاؤوا إلى مصر في أعقاب الحرب الأهلية، واستثمروا في هذا المجال بأصناف عطرية مختلفة لاقت استحسان كثير من المصريين.
'اندبندنت عربية' أجرت جولة ميدانية على بعض المحال التجارية وأماكن بيع تركيبات الزيوت العطرية بالمناطق الشعبية المكتظة بالسكان، التي تنتشر في الحسين والعتبة والموسكي وشبرا والسيدة زينب والسيدة نفيسة وباب الشعرية' في محاولة لاستكشاف هذا العالم عن قرب، ومعرفة دهاليزه وأسراره.
في منطقة العتبة (وسط القاهرة)، التقينا الشاب الثلاثيني أحمد حامد، أحد أصحاب بيع التركيبات العطرية بالجملة، يقول 'ورثت تلك المهنة عن والدي وأجدادي واكتسبت الصنعة وبدأت العمل بها عام 2017 عقب التخرج الجامعي'، مضيفاً أن الإقبال على تلك التجارة كان قليلاً في البداية لكن مع مرور الأعوام اكتسبت زخماً واسعاً، وبدأ يتوافد إليها زبائن من مختلف محافظات الجمهورية، نظراً إلى رخص سعرها وجودة الخامات المستخدمة، موضحاً أن الزبون هو الذي يفرض ذوقه على السوق، واختياراته هي التي تحدد اتجاهات التجار في جلب المطلوب.
وفق حامد، فإن التركيبات العطرية تتكون من خليط من زيوت عطرية وكحول طبي ومياه مقطرة لتهدئة نفاذية الكحول بخلاف التعتيق الذي يستغرق أسابيع عدة لثبات التركيز، منوهاً بأن أغلب المحال تعتمد على العبوات أحجام 30 و50 و100 مللي، وتتراوح كُلفة الأسعار ما بين 150 جنيهاً (3.15 دولار) حتى 250 جنيهاً (5.25 دولار)، في حين قد يصل سعر العبوات الأوريجينال بالمولات والمناطق الراقية إلى 7 آلاف جنيه (147.12 دولار)، موضحاً أن هناك إقبالاً من الرجال والسيدات على شراء بعض الأصناف العطرية.
وعن تلك الصنعة يقول حامد 'المهنة سهلة ولا تحتاج إلى مؤهلات علمية أو خبرات، ويمكن لأي شخص عبر الاطلاع على فيديوهات عبر يوتيوب أو منصات التواصل الاجتماعي أن يتعلم طرق التركيب بسهولة'، مُدللاً على ذلك بتزايد أعداد التجار في المهنة واتساعها في كثير من المناطق، مضيفاً أن المهنة لم تعد مربحة مثلما كانت في الماضي، مستشهداً 'حينما كنت أبيع في الماضي بجنيه أربح ربع جنيه وأصبحت أبيع بخمسة جنيهات والربح ربع جنيه أيضاً'، مما جعل كثيراً من التجار يتوقفون عن العمل في الزجاجات حجم الـ30 مللي، كونها لا تُدر دخلاً كبيراً عليهم، ويفضّلون العمل في العبوات الـ50 والـ100 مللي.
وتعقيباً على تساؤل 'اندبندنت عربية' في شأن خضوع تلك الصنعة لرقابة رسمية، يقول الثلاثيني إن كل الخامات المستخدمة مسموح بها، ولا نستخدم خامات مجهولة، ولا نعمل في الخفاء، وتربطنا تعاقدات مع شركات عالمية كبرى، وأغلب الخامات نستوردها من الخارج، مشيراً إلى أنه يبيع كميات كبيرة من العبوات لزبائنه في محافظات نائية كونه يعمل بـ'الجملة لا القطاعي'، مضيفاً أن الزبون يحصل على البضاعة التي يريدها بعد أن يرسل لي طلبه عبر 'واتساب'، موضحاً أن حجم الإقبال من المستهلكين يتزايد في فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة عكس فصل الشتاء.
وعن أصحاب المحال السورية، يقول الثلاثيني إن المنافسة بين المصريين والسوريين في تلك الصنعة كانت قوية بخاصة في الفترة من 2019 حتى 2023، لكن بعد ذلك عاد المصريون للتربع على عرش تلك التجارة بفضل جودة الخامات التي يستخدمونها والتعاقد مع شركات عالمية معروفة في مجال الزيوت العطرية الخام.
بابتسامة تعلو الوجه وممسكاً بيديه ورقة 'الاختبار الصغيرة' التي تحوى عينة من أفضل المنتجات العطرية لديه، يقف الشاب السوري بشار حسين (37 سنة)، الذي ورث المهنة عن أجداده في سوريا وبدأ ممارستها في مصر قبل خمسة أعوام، في محله التجاري بحي السيدة زينب بوسط القاهرة، لاستقبال المارة العابرين في الطريق بعبارة الترحيب الشهيرة لديه 'يسعد صباحك' لاستقطاب الزبائن والاطلاع على أفضل منتجات العطور التركيب والأسعار والعروض الجديدة.
يقول بشار، خلال حديثه، إنه يعتمد على الخامات الآمنة ذات الجودة العالية والكحول الطبي بنسب التركيز والنقاء المسموح بها، ويحرص على تنويع الأصناف الموجودة لديهم لكسب الزبائن، مشيراً إلى أن السمعة الطيبة هي أساس جلب الزبائن، منوهاً بأن النساء تفضل تركيب أكثر من نوع زيت عطري لإخراج عطرها الخاص، عن الرجل الذى يفضل شراء منتج جاهز، لافتاً إلى أنه يحقق أرباحاً ومبيعات عالية في فترات المواسم والأعياد والمناسبات.
لا يكترث الثلاثيني، بالأقاويل التي تتردد حول وجود منافسة بين المحال السورية والمصرية في هذه السوق، قائلاً 'الجميع يسعى من أجل لقمة العيش، هدفنا خدمة الزبائن وتقديم أفضل جودة ممكنة، ولسنا في منافسة، لكننا نتشارك لتقديم أفضل منتج للمستهلك والزبون له مطلق الحرية في اختيار الصنف العطري الذي يرغب فيه'، منوهاً بأن القدرة الشرائية للمستهلكين تناقصت نسبياً في الأعوام الماضية، بسبب الظروف والأوضاع الاقتصادية، فضلاً عن أن البعض لا يزال ينظر إليها أنها سلعة 'ترفيهية ليست ضرورية'.
ويضيف بشار أنه يعتمد في عمله على الكحول الإيثانول المستخدم في معظم العطور الأصلية والمصرح به عالمياً، لأنه مذيب ممتاز للزيوت العطرية، ويساعد على نشر الرائحة بسرعة عند الرش ويتبخر بسرعة من دون ترك أثر لزج وآمن على الجلد بتركيزات مناسبة، ولا يتعامل مع الكحول الميثيلي، لأن استخدامه ممنوع في العطور أو مستحضرات التجميل، ويعتبر ساماً ويؤدي إلى مشكلات صحية خطرة ويكثر استخدامه في العطور المقلدة.
يلفت الثلاثيني الانتباه إلى أن أسعار عطور التركيب متقاربة بين كل المحال، وهناك عوامل تتحكم في القيمة السعرية أهمها، نوعية الخامات المستوردة من الخارج سواء فرنسا أو سويسرا أو إيطاليا ومستوى الشركات التي يتعامل معها في هذا المجال ومدى تركيز ونقاء الكحول والمثبتات وحجم الدعاية التي يروج بها لمنتجاته، منوهاً بأن المنافسة في هذا المجال لم تعد تقتصر على المحال فقط، بل تنافس فيها أيضاً المنصات الإلكترونية التي أصبحت تزاحم في حصة السوق.
وفي شأن الرقابة على تلك المنتجات، يقول وكيل المجلس التصديري للصناعات الطبية الدكتور محمد صلاح، إن تجارة العطور المُركبة التي تُباع في المحال التجارية بالمناطق الشعبية أو على الأرصفة لا تخضع لرقابة من أي جهة، مشيراً إلى أن تلك التجارة تنامت بصورة كبيرة في الأعوام الماضية، وأصبحت رائجة ولها زبائنها، نظراً إلى أن فارق الأسعار بين العطور الأصلية المستوردة والمُركبة أصبح كبيراً للغاية ومن ثم أصبح الزبائن يقبلون على شرائها.
يضيف صلاح، خلال حديثه إلى 'اندبندنت عربية'، أن العطور المركبة قائمة على تقليد الماركات الشهيرة الفرنسية والإيطالية التي تُقدر بآلاف الجنيهات، في حين أن العطور المركبة التي تعتمد على الزيوت العطرية والكحول الطبي والمثبتات قد تصل العبوة الواحدة لـ200 جنيه (4.20 دولار)، لافتاً إلى أن هناك تركيزات محددة من الكحول الطبي، أبرزها نسبة الـ70 والـ95 في المئة.
وفي رأي وكيل المجلس التصديري للصناعات الطبية، فإن تلك التجارة أصبح يعمل بها أشخاص محترفون لديهم خبرة كبيرة بهذا المجال وقدرة على استقطاب الزبائن، سواء عبر الترويج لمنتجاتهم وأصنافهم أو عبر منصات التواصل الاجتماعي، لافتاً إلى أن تلك التجارة لم تعد تقتصر على المصريين فقط بل تشهد مزاحمة من السوريين أيضاً، الذين أصبحوا قادرين على جذب كثير من الشرائح المصرية، بسبب جودة الخامات التي يقدمونها في منتجاتهم، مردفاً 'ما دامت هناك منافسة في السوق، فالمنتج الجيد قادر على إثبات نفسه'.
ويضيف صلاح أن الدولة المصرية تنبهت لخطورة تلك القضية وأصبحت المصانع تهتم بتقديم منتجات عطرية ذات جودة عالية وبسعر مناسب ويطابق المواصفات القياسية المصرية ويحوى كميات منضبطة من الزيوت والخامات المصرية لسد الفجوة الراهنة في السوق المحلية، وتكون بديلاً للتركيبات العطرية التي أصبحت تغزو المناطق الشعبية .
ويشير وكيل المجلس التصديري للصناعات الطبية إلى عدم وجود إحصاء دقيق بحجم تجارة المركبات العطرية، إلا أنه قدر في الوقت ذاته حجم سوق تجارة التجميل بمصر التى تضم مستحضرات التجميل والعناية الشخصية والماكياج والعطور وغيرها بـ 2.5 مليار دولار أي بما يعادل 120 مليار جنيه مصري.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إن 'مصر استوردت عطوراً ومزيلات عرق وماء تواليت بنحو 440 مليون دولار'.
ويوضح وكيل المجلس التصديري للصناعات الطبية، خلال حديثه لـ'اندبندنت عربية'، أن المشكلة الأخطر في تجارة تركيبات العطور أن بعض ضعاف النفوس يستخدمون نوعيات من الكحول الرديئة الجودة وغير المنضبطة على مستوى النقاء والتركيز، مثل كحول 'الميثايل أو الميثانول'، الذي يحظر استخدامه لأنه ينجم عنه مُشكلات صحية خطرة مثل العمى، بخلاف الإصابة بالتهابات خطرة، عكس الكحول الإيثيلي الذي يُسمح باستخدامه في التركيبات العطرية، مضيفاً أن الكارثة الكبرى أنه في حال حدوث أي أضرار صحية للمستهلكين فإنه يصعب التقدم بشكاوى، لأنها سوق غير رسمية خارج الرقابة.
وعلى مدى الأعوام الماضية، دهمت السلطات الأمنية بمصر مخازن ومحال تجارية غير مُرخصة تبيع عبوات عطور مُقلدة مخالفة للاشتراطات والمواصفات القياسية وتمارس الغش التجاري وتهدد صحة وسلامة المستهلكين، ففي سبتمبر (أيلول) من عام 2018 تمكنت أجهزة الأمن بالقاهرة، من ضبط 1685 عبوة عطور مجهولة المصدر داخل مخزن مستحضرات تجميل بمنطقة الموسكي التجارية بوسط القاهرة، وفي مارس (آذار) 2019 ضبطت الأجهزة الأمنية بمحافظة الإسكندرية الساحلية (200) طن من الزيوت العطرية الخفيفة الشديدة الخطورة المجهولة المصدر يضاف عليها كيماويات لإنتاج زيت الباكم وباور الفرامل وهيدروليك منتج نهائي غير مطابق للمواصفات داخل مخزن 'غير مرخص'.
وفي أكتوبر 2022 تمكنت الجهات الأمنية بالقاهرة من ضبط مسؤول عن مخزن لتعبئة العطور من دون ترخيص والعثور بداخله على 69720 زجاجة عطور أنواع مختلفة مجهولة المصدر من دون مستندات تدل على مصدرها، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، تمكنت مديرية التموين في محافظة القليوبية (شمال القاهرة) من ضبط مخزن مواد عطرية من دون ترخيص عثر به على 19.500 عبوة معطر أنواع مختلفة ومصنع مواد غذائية من دون ترخيص يحتوى على نحو 300 كيلو مواد مختلفة.
يوافقه الرأي الرئيس السابق لشعبة العطور ومستحضرات التجميل بغرفة صناعة الدواء الدكتور محمد البهي، موضحاً أن الكحول يمثل عصب صناعة العطور، لافتاً إلى أن بعض التجار يستغلون غياب الرقابة ويستخدمون كحولاً غير آمن صحياً، وقد يُسبب الوفاة إذا وصل لمنطقة 'الحلق أو الجوف' في الإنسان.
يضيف البهي أن تلك التركيبات المنتشرة في المحال الصغيرة لا تخضع للرقابة أو التفتيش وغير مُسجلة في أي جهة وتندرج تحت مسمى 'القطاع غير الرسمي'، إلا في حالات الغش التجاري وتقليد العلامات التجارية والتلاعب في المواصفات القياسية التي تخضع لرقابة وزارة الصناعة والرقابة الصناعية ووزارة التموين، وتقوم تلك الجهات بدورها بالتأكد من تطبيق المواصفات القياسية ونسب الكحول والروائح طبقاً لوصف المنتجات نفسها.
وفق البهي، فإن غلاء أسعار العطور الأصلية نتيجة استيراد أغلب مدخلات الصناعة ووضع ضريبة قطعية على أسعار المنتجات منح الفرصة لتلك التجارة 'غير الرسمية' وزهيدة الكلفة للانتشار والرواج والإقبال عليها من كثير من المستهلكين.
ويختلف مع الطرح السابق عضو مجلس إدارة غرفة الأدوية ومستحضرات التجميل الدكتور ماجد جورج، موضحاً أن أسعار العطور الأصلية المستوردة من الخارج التي تباع في المناطق الراقية والمولات التجارية لم ترتفع مثلما يُروج وثابتة كما هي، مشيراً إلى أن أسعار الأصناف الموجودة في السوق منذ عشرات الأعوام هي الأسعار الحالية نفسها، لكن ما اختلف هو فارق قيمة العملة فقط، لافتاً إلى أن حجم صادرات مصر من مستحضرات التجميل والعطور يُقدر بـ300 مليون دولار.
وعن تجارة التركيبات العطرية، يقول جورج، إن تلك التجارة قائمة على دمج بعض الخلطات ببعض وتقليد الماركات العالمية ووضعها في عبوات زجاجية تلائم الفولكلور المصري.
وعن الانتشار اللافت للسوريين في تلك التجارة، يقول عضو مجلس إدارة الغرفة إن مصر بلد مفتوح للمنافسة أمام الجميع ومن مختلف الجنسيات ما دام سيضيف للدخل القومي، شريطة أن يدفع الشخص الضرائب بانتظام وأن يوثق أوراق منشأته بصورة رسمية، وأن يتحرك وفق الأطر القانونية الرسمية التي تضعها الدولة.


































