اخبار مصر
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
استضاف المتحف البريطاني في لندن حفلاً بمناسبة افتتاح المتحف المصري الكبير وعبر دبلوماسيون وشخصيات إنجليزية عن إعجابهم الشديد بروعة المقتنيات
على بعد مئات الأميال، وفي البهو الرئيس بالمتحف البريطاني وسط لندن، جلس بعض من أبرز شخصيات المجتمع البريطاني والسفراء الأجانب والفنانين والإعلاميين يتابعون تلك 'الجوهرة' المصرية الكبرى 'جيم GEM، أو المتحف المصري الكبير Grand Egyptian Museum' يترقبون ميلاد تلك التحفة التي تجمع بين عبق الفراعنة وسحر العمارة الحديثة.
فـ'جيم' ليس مجرد متحف، بل وعد بأن الماضي لا يزول ويزداد بريقاً كلما مر عليه الزمن. ومن بين رمال الجيزة ارتفعت هذه التحفة المعمارية لتحتضن كنوز الفراعنة وتقدمها للعالم هدية ثمينة، وهكذا بدت في عيون الحضور الذين احتفلوا مع السفارة المصرية في المملكة المتحدة بهذا الصرح الأثري والتاريخي.
الحفل الذي استضافه المتحف البريطاني، والذي يزخر بكنوز وآثار مصرية، أهمها حجر رشيد، الذي تطالب السلطات المصرية باسترداده، شهد حضور عدد من السياسيين والدبلوماسيين وممثلين عن القصر الملكي والحكومة البريطانية وممثلي الشركات البريطانية والمصرية وقيادات دينية، حيث شارك في الحفل ألستر هاريسون المستشار الدبلوماسي للملك تشارلز، وعمدة وستمنستر اللورد بول ديمولدنبرغ، والأنبا أنجيلوس أسقف إيبارشية لندن للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إضافة إلى عدد من الفنانين والمؤثرين بينهم أحمد الغندور مقدم برنامج الدحيح والفنان المصري أحمد عز.
بدأ الحفل بكلمة رئيس قسم آثار مصر والسودان بالمتحف البريطاني دانييل أنتون الذي أعرب عن سعادته للمشاركة في الاحتفال بهذا الصرح الإنساني، كما تحدث السفير المصري أشرف سويلم معرباً عن سعادته للاحتفاء العالمي بالحضارة المصرية. وتم عرض لقطات من حفل افتتاح المتحف في القاهرة، تلته أنشودات باللغة المصرية القديمة للسوبرانو حياة سليم.
تحدث المستشار الدبلوماسي للملك تشارلز لـ'اندبندنت عربية'، معرباً عن رغبته في زيارة مصر ليشاهد بنفسه مقتنيات المتحف المصري الكبير. وقال 'لقد سُئلت إذا تمكنت من الذهاب إلى هناك ولم أستطع سوى مشاهدة معروض واحد، فماذا سأختار؟'، وأضاف 'سأختار قناع توت عنخ آمون الجنائزي، الذي شاهدته للمرة الأولى في هذا المتحف (المتحف البريطاني) قبل 35 عاماً، عندما جاءت كنوز توت عنخ آمون إلى بريطانيا لفترة قصيرة. لقد عادت تلك الكنوز إلى هنا مرة أو مرتين، لكنها لن تغادر المتحف المصري الكبير بعد الآن، وسنكون نحن من يسافر لرؤيتها مجدداً'.
وأضاف 'يبدو أن المتحف رائع بحق. وأظن أنه عندما أزوره - وهو ما آمل أن أفعله قريباً - سأحتاج إلى التخطيط بدقة، لأنني علمت أن مشاهدة جميع القطع الأثرية، حتى ولو للحظات، تستغرق نحو 70 يوماً، لذا سأضطر إلى الانتقاء، لكن المتحف يبدو مدهشاً تماماً، ويبدو أن تصميمه الحديث يتناغم مع الأهرام القريبة منه، ليجسد حقب التاريخ المعماري المصري عبر العصور'.
وحول سر انبهار الشعب البريطاني بالحضارة المصرية القديمة قال ألستر هاريسون 'أعتقد أنها واحدة من أقدم الحضارات التي نعرفها، ومن وجهة النظر البريطانية، من المدهش أن نفكر في حضارة كانت مزدهرة في وقت كانت فيه أوضاع بريطانيا أقل تطوراً بكثير. ربما كان الاختلاف في المناخ عاملاً كبيراً في سرعة تطور كل من حضارتينا، وهذا جانب مهم'.
وأضاف 'لكنني أرى أيضاً أن الجمال الخالص في كثير من جوانب الحضارة المصرية هو ما يثير الإعجاب حقاً. فالأهرام، على سبيل المثال، تمثل روائع هندسية مذهلة. أنا متخصص في الرياضيات، ويسحرني بشدة الطريقة التي بُنيت بها على يد أناس كانوا بلا شك يفهمون الأسس الرياضية الكامنة وراءها. أما جمال التماثيل، أبي الهول والكنوز التي عُثر عليها في أماكن عديدة، فهو ببساطة مدهش. لذلك أعتقد أن الخلطة الفريدة بين الجمال واستمرارية الحضارة المصرية عبر العصور هي ما يجعلها حضارة استثنائية حقاً'.
بالسؤال في شأن مطالبات مصر لبريطانيا لاسترداد حجر رشيد، رفض السفير المصري الحديث في هذا الشأن، فيما قال مستشار ملك بريطانيا إنه ليس مطلعاً على آخر مستجدات المناقشات في شأن الأمر.
وحجر رشيد هو لوح ضخم اكتشفته الحملة الفرنسية عام 1799، في مدينة رشيد بمصر، ويحمل نصاً واحداً من ثلاث لغات هي الهيروغليفية والديموطيقية واليونانية القديمة، ومن خلاله تمكن الفرنسي جان فرنسوا شامبليون عام 1822 من فك رموز الهيروغليفية القديمة ليفتح الآفاق الأوسع نحو قراءه النصوص والنقوش المصرية القديمة وفهم الجوانب المختلفة عن الحضارة المصرية.
وأعرب الفنان أحمد عز في حديثه إلى 'اندبندنت عربية' عن فخره وسعادته بهذا الحدث، وبسؤاله عن غياب عمل فني يتناول مصر القديمة قال إن هذا النوع من الأعمال الفنية مكلف للغاية، ولابد أن تقود الدولة إنتاجاً ضخماً مثل هذا. وأضاف أن هناك توجهاً عاماً ورغبة حقيقية في إنتاج عمل فني عن الحضارة المصرية القديمة.
استغرق بناء المتحف المصري الكبير ذي التصميم المعاصر والقاعات الضخمة العالية السقف أكثر من 20 عاماً، وتجاوزت كلفة بنائه مليار دولار، ويتوقع أن يستقطب 5 ملايين زائر سنوياً للتجوال في قاعات تضم قطعاً أثرية مشهورة، وأخرى تُعرض للمرة الأولى، من آثار الحضارة الفرعونية التي امتدت على أكثر من 30 سلالة و5 آلاف عام. ويبدأ المتحف ببهو شاسع يصعد منه 'الدرج العظيم' الذي تعرض عليه تماثيل آلهة فرعونية ومعبودات وفراعنة، وينتهي الدرج بإطلالة بانورامية على أهرام الجيزة.
ويتمثل كنز المتحف الأكبر المجموعة الكاملة للفرعون توت عنخ آمون التي اكتشفها عالم الآثار الإنجليزي هوارد كارتر عام 1922 في مقبرة بوادي الملوك في صعيد مصر، مسجلاً واحداً من أهم أحداث القرن الـ20 في علم المصريات، لا سيما أن الكنوز المذهلة التي عثر عليها تعد شهادة نادرة عن فنون وثقافة عصر الدولة الحديثة. وللمرة الأولى يتم عرض المجموعة الكاملة التي تشمل نحو 5 آلاف قطعة أثرية، والتي كانت مشتتة بين متاحف عدة في مصر أو تجوب العالم أو في مخازن.
وبلغت إيرادات السياحة في مصر 14.4 مليار دولار في السنة المالية 2023-2024، بزيادة قدرها 34.6 في المئة على العام السابق، مع عدد قياسي من السياح منذ الجائحة.
واستقبلت مصر 15 مليون زائر خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، بزيادة قدرها 21 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، مع إيرادات بلغت 12.5 مليار دولار (بزيادة قدرها 14.7 في المئة)، وفقاً للأرقام الرسمية. وتتوقع السلطات أن يبلغ عدد السياح هذا العام 17.8 مليون شخص، وأن يرتفع إلى 18.6 مليون في 2026، بفضل السياحة الشاطئية والسياحة الثقافية.
وأُرجئ افتتاح المتحف المصري الكبير مراراً لأسباب عدة، بعضها كان مرتبطاً بموجة احتجاجات 'الربيع العربي' أو جائحة 'كوفيد-19'، وبعدما حددت السلطات تاريخ الثالث من يوليو (تموز) 2025 موعداً لافتتاح المتحف، قررت إرجاءه مجدداً على خلفية التوترات الإقليمية حينها، لا سيما الحرب في غزة ومرحلة ما بعد حرب إيران وإسرائيل.


































