اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ١٧ أيار ٢٠٢٥
وسط موجة الاهتمام الأوروبي المتزايد بالحضارة المصرية القديمة في القرن التاسع عشر، برز اسم عالم فرنسي يُدعى فرانسوا شاباس الذي يصادف اليوم ذكرى وفاته، كواحد من أبرز المساهمين في كشف أسرار اللغة الهيروغليفية والنصوص القديمة التي حيرت العالم لقرون.
لم يكن شاباس مجرد باحث أكاديمي، بل كان بمثابة “مترجم الفراعنة” الذي منح الحروف الصامتة حياةً جديدة، وقربنا خطوة نحو فهم عميق لحضارة ازدهرت على ضفاف النيل قبل آلاف السنين.
ولد فرانسوا شاباس عام 1821 في فرنسا، وفي سنوات شبابه أبدى اهتمامًا خاصًا بالتاريخ القديم، لكنه لم يكتفِ بالقراءة السطحية، بل غاص في أعماق النقوش والنصوص المصرية القديمة، متحديًا صعوبات الترجمة والرمزية المعقدة للغة الهيروغليفية.
تأثر شاباس كثيرًا بأعمال جان فرانسوا شامبليون، أول من فك رموز حجر رشيد، لكنه سار على خطى أكثر تخصصًا، وركز على التحليل اللغوي للنصوص وفهم معاني الكلمات من خلال السياق الثقافي والديني للمصريين القدماء.
أهم ما ميز أعمال شاباس هو طريقته المنهجية في التعامل مع النقوش.
كان لا يترجم النصوص بشكل حرفي فحسب، بل يحاول فك المنظومة الفكرية الكامنة وراء الكلمات.
وقد ساعده في ذلك إتقانه لعدة لغات قديمة، منها القبطية والعبرية، ما منحه منظورًا مقارنًا لفهم الدلالات الرمزية للنصوص المصرية.
من أبرز إسهاماته كانت تحليلاته للنقوش على المعابد والمقابر، خصوصًا تلك التي تتعلق بالحياة اليومية والعقائد الجنائزية.
وعلى عكس كثير من الباحثين الذين ركزوا على الملوك والحروب، اهتم شاباس بنقل صوت الإنسان العادي في مصر القديمة، وهو ما أعطى أبحاثه بعدًا إنسانيًا نادرًا في ذلك الوقت.
ومع أن شاباس لم يزر مصر بنفسه، فإن ارتباطه العلمي بها كان عميقًا.
فقد اعتمد على الرسومات والنصوص التي جلبها المستكشفون والبعثات العلمية، وكتب عددًا من المؤلفات والمقالات التي شكّلت مرجعًا للدارسين بعده.
ورغم أن اسمه قد لا يكون مشهورًا في الثقافة العامة مثل شامبليون، إلا أن الأوساط الأكاديمية تعرف تمامًا قيمة جهوده في التأسيس لعلم المصريات الحديث