سفراء القرآن في رمضان.. الشيخ عبد العظيم زاهر صاحب الصوت الذهبي

بصوت متميز ينطلق عبر أثير إذاعة القرآن الكريم، أتقن القارئ الشيخ عبدالعظيم زاهر المولود في 22 فبراير 1904 بمحافظة القليوبية قراءة القرآن الكريم، إذ كان صاحب الصوت القوي والنبرة المميزة في دولة التلاوة، وكان متمكنًا في حفظة حتى أنه روي أنه كان يقرأ الآيات بالعكس وهذا على سبيل المذاكرة لا على سبيل الاستهزاء أو التلاعب، لذا قال عنه الشيخ على محمود: «لم يخطئ قط وكان حافظاً جيداً للقرآن الكريم»، والشيخ أبوالعينين شعيشع: «مزمار من مزامير داود».

ولد الشيخ عبدالعظيم زاهر في 22 فبراير لعام 1904 بمحافظة القليوبية، حفظ القرآن الكريم مبكرًا وعمره لم يتجاوز الثامنة، ووجد والده الفرصة مواتية لتعليم نجله فنون القراءات، فألحقه بمعهد القراءات بالقاهرة، وتتلمذ على يد الشيخين خليل الجنايني وحنفي السقا.

بدأ الشيخ القارئ عبدالعظيم زاهر حياته «كمسري» بشركة الترام، وكان يتلو القرآن الكريم في الحفلات التي يقيمها زملائه، حتى ذاع صيته في جميع الأوساط، ثم استقال من شركة الترام، وارتدى الجبة والقفطان والعمامة، وسجل الشيخ عبدالعظيم لمختلف الإذاعات المصرية والأجنبية وشارك في البعثات التي أرسلتها وزارة الأوقاف المصرية لإحياء ليالي شهر رمضان في الدول العربية الشقيقة.

التحق عبدالعظيم زاهر، بالإذاعة سنة 1936، وتم اختياره قارئًا بمسجد محمد على قبل ثورة يوليو 1952، وانتقل بعدها لمسجد صلاح الدين، وجذب صوته عشاق القرآن الكريم، فأطلق مدير الإذاعة آنذاك محمد سعيد باشا لطفي عليه 'الصوت الذهبي'، وقدمه الإذاعي محمد فتحي ليقرأ على الهواء مباشرة بهذا اللقب.

كان الشيخ زاهر يستطيع التلاوة بنفس القدر من الإتقان والإبداع لمدة 5 ساعات متواصلة، واختير ليقرأ القرآن الكريم بمسجد محمد على بالقاهرة واستمر حتى ثورة يوليو عام 1952.

ربطت الشيخ عبدالعظيم زاهر علاقة قوية ووثيقة بالشيخ محمد رفعت، فكان كل منهما يحرص على سماع الآخر، وكان الشيخان يتبادلان طعام الإفطار سويًا في رمضان، فإذا كانت التلاوة للشيخ زاهر، خرج بعد المغرب قاصدًا منزل الشيخ رفعت بدرب الجماميز، ليتناول معه الإفطار، وإذا كانت التلاوة للشيخ رفعت، خرج بعدها إلى منزل الشيخ زاهر بحلمية الزيتون.

ظهر صوت الشيخ في مشهد من فيلم في بيتنا رجل أثناء اختباء الشاب «إبراهيم حمدي»، الذي قام بدوره الفنان عمر الشريف، في منزل أحد المواطنين، بعد نجاحه في اغتيال رئيس الوزراء المتعاون مع الاستعمار، ذلك المشهد الذي زينه أذان المغرب بصوت الشيخ عبد العظيم زاهر.

من بين المواقف في حياة الشيخ عبد العظيم زاهر، والتي تدل وبدون شك بأنه على مكانة واعتزاز مقرئ القرآن بما يتلوه قبل نفسه، ما وقع من خلافات بينه وبين مدير الإذاعة الإنجليزي «ماركوني» قبل تمصيرها، والذي قال له الشيخ آنذاك 'شرف للإذاعة وجود مشايخ القرآن المصريين، ولا تجد هذا الشرف مع وجودك كمدير لها، ليقرر بعدها مقاطعة الإذاعة ويتضامن معه الشيخ محمد رفعت، ومع مطالبات الجمهور بعودتهما رضخ المسؤول الإنجليزي لطلباتهما وعادا مرفوعي الرأس.

لم يكن هذا بالموقف الوحيد في حياة الشيخ زاهر، إذ كان يمتلك أرضًا يقوم بتأجيرها لأحد أفراد قريته لزراعتها، حيث كان يتم زرع القطن فيها فأصب المحصول دودة القطن وتلف معظمة، مما وضع المستأجر في ورطة كبيرة وقام على إثر ذلك ببيع البيهمة التي تساعده في الحرث ليسدد ما عليه من ديون للشيخ، فلما عرف الشيخ عبدالعظيم زاهر ذلك الأمر، أقسم على الفور بألا يأخذ مليمًا واحدًا منه وقال: «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا».

رحل الشيخ عبدالعظيم زاهر، عن عالمنا وصعدت روحه إلى السماء في يوم الثلاثاء 8 من ذي القعدة سنة 1390هـ الموافق 8 يناير 1971، وتمت الصلاة عليه في مسجد عمر مكرم ليواري جثمانه الثرى بمسقط رأسه بقرية مجول بالقليوبية، بعد أن أصيب في نهاية حياته بانفصال في الشبكية بعينه اليمنى عام 1967، وأجرى عملية جراحية، ثم أصيب بمرض الصفراء في العام التالي،وبعد وفاته منح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى في مصر في احتفال ليلة القدر سنة 1991، كما أصدرت إمارة عجمان طابعًا بريديا يحمل صورته تكريمًا له.