اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
مع تزايد قدرات الآلات وذكائها، يتصاعد القلق من تأثيرها على وظائف البشر، وكشف تقرير حديث أن الذكاء الاصطناعي أصبح قادرا بالفعل على استبدال نحو 12% من الوظائف في الولايات المتحدة، بينما تعد قطاعات المال والرعاية الصحية والخدمات المهنية الأكثر هشاشة أمام هذا التحول.
صادر هذا التحليل عن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT، الذي قدم نموذجا محاكاتيا جديدا لسوق العمل الأمريكي تحت اسم Iceberg Index، بالتعاون مع مختبر Oak Ridge الوطني، ويقيس هذا النموذج مدى تطابق مهارات الذكاء الاصطناعي مع ما يقارب ألف وظيفة ضمن سوق العمل الأمريكي.
وبحسب التقرير، فإن القدرات الحالية للذكاء الاصطناعي تكفي لجعل 1.2 تريليون دولار من الأجور السنوية معرضة لخطر الاستبدال الآلي.
ويحاكي النموذج كيفية تعامل 151 مليون عامل في الولايات المتحدة مع أدوات الذكاء الاصطناعي الناشئة، لتحديد المهام الأكثر عرضة للأتمتة حتى على مستوى الرموز البريدية، ما يزود صناع القرار بصورة دقيقة عن المجتمعات والقطاعات الأكثر تضررا.
وقال براسانا بالابراكاش، مدير مختبر Oak Ridge وأحد قادة البحث، في تصريحات لـ CNBC: “نحن نبني نسخة رقمية لسوق العمل الأمريكي”.
وأشار إلى أنه تم بالفعل مشاركة النموذج مع حكومات الولايات لدعم خطط إعادة التأهيل المهني واستراتيجيات العمل المستقبلية.
ورغم الأرقام الكبيرة، يؤكد الباحثون أن الدراسة لا تتوقع عمليات تسريح جماعية، لكنها تكشف كيف بدأت أنظمة الذكاء الاصطناعي بإعادة تشكيل طبيعة الوظائف بهدوء، حتى خارج المهام الأكثر شهرة مثل كتابة الشيفرات أو توليد الصور.
فالعمليات الروتينية في اللوجستيات والإدارة والمحاسبة والموارد البشرية باتت تنتقل تدريجيا إلى أنظمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي القادرة على معالجة المستندات وتحليل البيانات وأتمتة سير العمل.
وفي القطاع الصحي، تتولى هذه الأنظمة مهام مثل الجدولة ومعالجة المطالبات الطبية، مما يتيح للكوادر الطبية التركيز بشكل أكبر على رعاية المرضى.
يشير التقرير إلى أن الوظائف التي تعتمد على التحليل المتكرر ومعالجة المستندات هي الأكثر عرضة للتغيير.
ويقول الباحثون: “محللو المال لن يختفوا، لكن أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على تنفيذ جزء كبير من مهام المعالجة الروتينية والتحليل الأساسي”.
ما يعني إعادة هيكلة الأدوار المهنية وتغيير المهارات المطلوبة، دون أن يؤدي ذلك بالضرورة إلى تقليل عدد الموظفين على المدى القريب.
يلفت التقرير إلى أن وظائف قطاع التكنولوجيا تظهر بالفعل مؤشرات واضحة على هذا التحول، فمع قدرة النماذج الحالية على توليد أكثر من مليار سطر كود يوميا، تعيد الشركات النظر في عمليات التوظيف، وتقلل اعتمادها على المبرمجين المبتدئين.
ويضيف التقرير:'هذه التغيرات المرصودة في وظائف التكنولوجيا تشير إلى إعادة تنظيم أوسع لطبيعة العمل، تتجاوز تطوير البرمجيات'.
تغييرات مماثلة تحدث بصمت في الموارد البشرية واللوجستيات والعمليات الخلفية، وهي وظائف أساسية لكنها غالبا بعيدة عن الأضواء.
مع استمرار الذكاء الاصطناعي في التغلغل داخل بيئات العمل، يوضح تقرير MIT أن الخطر الحقيقي لا يكمن في اختفاء الوظائف بالكامل، بل في إعادة تشكيلها، وتحول المهارات المطلوبة للبقاء في سوق العمل.
فالسنوات المقبلة ستشهد بحسب الباحثين تحولا جذريا في كيف ينجز العمل، وليس فقط من ينجزه.


































