اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
وسط انتقادات داخلية لرفض السلطات الإيرانية حضور قمة شرم الشيخ للسلام، التي عُقدت أمس الاثنين برئاسة مشتركة بين الرئيس السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، قال الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية، الدكتور محمد محسن أبو النور، إن الرئيس الإيراني رفض حضور قمة شرم الشيخ للسلام، وهو لا يعرف أسباب الرفض.
وكتب عبر صفحته على موقع 'فيسبوك': 'من غرائب النظام الإيراني عند تحليل سياساته أن الرئيس فيه، بالرغم من أنه يمكنه استثمار صلاحياته الدستورية الكبيرة للعب أدوار سياسية مهمة ومفصلية، إلا أن كل الوقائع تثبت أن حركة الرئيس في هذا النظام تتوقف على طبيعة شخصه، ومدى نفوذه وقربه من بيت القيادة، وليس على محض شكل صلاحياته الدستورية في النظام'.
وأوضح أن الرئيس الإيراني يملك صلاحيات دستورية واسعة، وهو – على الأقل وفقًا للمادة 176 من الدستور – يتولى رئاسة المجلس الأعلى للأمن القومي في البلاد، وذلك المجلس هو الذي من شأنه اتخاذ كل القرارات المفصلية ذات الصفة الإستراتيجية في أوقات الحرب والسلم.
وأضاف أبو النور: 'بل إن هذا المجلس يتدخل كذلك في قرارات أصغر كلما كان ذلك ممكنًا، وفقًا لسياسات البلاد العليا التي يديرها المرشد الأعلى للبلاد منفردًا، بناءً على صلاحياته الواسعة جدًا وفقًا للمادة 110 من ذلك الدستور لعام 1979م وتعديلاته لعام 1989م. ومن هنا يمكن القول إن الذي ظهر في صورة الأحداث تلقى دعوة حضور قمة شرم الشيخ للسلام ورفضها هو الرئيس مسعود بزشكيان الذي يجلس في قصر الباستور، ووزير خارجيته الدكتور عباس عراقجي الذي يجلس في مكتبه بشارع الحديقة الوطنية (خيابان باغ ملى) وسط طهران'.
أوضح أبو النور: 'لكن المؤكد أن الذي لم يظهر في صورة الأحداث، وأدار كل الأمور، هو شخص آخر موجود في بيت القيادة أو في المجلس الأعلى للأمن القومي، وغالبًا هو الذي يعطي الإذن للرئيس أو لوزير الخارجية أو حتى لوزير الدفاع بالمشاركة في أي حدث أو رفض المشاركة فيه، وسوف أثبت ذلك حالًا. يقول الدكتور محمد جواد ظريف، وزير خارجية إيران (2013 ــ 2021م) ونائب الرئيس الإيراني للشؤون الإستراتيجية السابق في كتابه صمود الدبلوماسية (ص377)، إنه سافر في عام 2015م مع وزير الدفاع الدكتور حسين دهقان لحضور اجتماع سداسي وفق آلية أستانة في روسيا لتسوية الأزمة السورية. لكن بعد أن وصلا (ظريف ودهقان) إلى موسكو صدر أمر من أمانة المجلس الأعلى للأمن القومي بعدم مشاركة وزير الدفاع في الاجتماعات السداسية. ومن المؤسف – والكلام لظريف – أن عدم عقد الاجتماع السداسي أدى إلى إبرام الاتفاقات الدفاعية الخاصة بسوريا على مستوى ثنائي بين تركيا وروسيا فقط، وتنحية إيران من وثائق الأمم المتحدة حول هذا الأمر'.
وتابع: 'يؤكد الدكتور محمد جواد ظريف أن صدور الأمر المفاجئ من جانب المجلس الأعلى للأمن القومي في البلاد لم يتضح له سببه مطلقًا، أي إنه لم يعرف حتى وقت كتابة كتابه سبب منع وزير الدفاع من المشاركة في اجتماعات أستانة السداسية وتعريض دور إيران في سوريا إلى خطر بالغ! وبناءً على تلك الصورة، وبغض النظر عن كل الجدل الهائل الدائر في إيران منذ يوم الخميس الماضي وحتى الآن، حول مشاركة إيران في قمة شرم الشيخ للسلام، والتي أوصى أغلب مجتمع السياسات والأوساط الأكاديمية والمهنية في البلاد بضرورة حضورها من جانب الرئيس أو على الأقل على مستوى وزير الخارجية، فإن الواجب معرفته أن أي نظام في العالم إذا أراد أن يخاطب إيران ويحصل منها على قرار، فعليه مخاطبة بيت القيادة رأسًا، وهنا يُشار بصراحة إلى شخص المرشد الأعلى للبلاد آية الله علي خامنئي دون غيره'.
وأضاف أبو النور: 'وللحديث بقية عن تداعيات رفض إيران حضور هذه القمة التاريخية، وأثر ذلك الرفض – الذي ربما لا يعرف الرئيس أسبابه (تحليل وليس معلومة) – على تموضع إيران في السياسات الإقليمية، وفي القلب منها قضية المنطقة الأولى وهي القضية الفلسطينية'.
تبريرات غير منطقية
أما الكاتب الإيراني الشهير مهرداد خدير، فوجه انتقادات شديدة لعراقجي بسبب تغيب إيران عن شرم الشيخ، وكتب في صحيفة عصر إيران تحت عنوان: 'تبريرات غير مقنعة لوزير الخارجية عراقجي والمتحدث باسمه حول غياب إيران عن قمة شرم الشيخ!'
ونقل الباحث في الشؤون الإيرانية، محمود شعبان، نص المقال الذي اعتبر تبريرات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بعدم قبول دعوة الحضور غير مقبولة، موضحًا أن الدعوة لم تطلب من إيران التفاعل مع أي طرف، بل فقط الحضور كشاهد على إنهاء الحرب.
وبرر عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، عدم حضور فعاليات القمة، بالقول: 'إيران تشكر الرئيس السيسي على دعوته للمشاركة في قمة شرم الشيخ، ورغم رغبتنا في التفاعل الدبلوماسي، لا يمكن للرئيس مسعود بزشكيان ولا أنا أن نتعامل مع أطراف هاجمت الشعب الإيراني وما زالت تهددنا وتفرض علينا العقوبات'.
كما انتقد مهرداد خدير تبرير المتحدث باسم الخارجية، السيد بقائي، الذي قال فيه: 'الدور الفاعل في التطورات الإقليمية لا يتحقق بالمشاركة الفعلية أو عدمها في الأحداث'.
وقال مهرداد: 'إذا لم يتحقق الدور الفاعل بالمشاركة أو عدمها، فكيف يتحقق إذن؟ هل بالبيانات المتكررة؟ أم بنفي المتحدث؟ أم ربما بحضور الوزير فعاليات رياضية مثل مباريات فريق كرة القدم للمحترفين؟!'.
ولفت مهرداد إلى أن الانطباع العام في الرأي العام الإيراني يتمثل في رؤيتين رئيسيتين:
الأولى، أنه لو كان الأمر بيد عراقجي نفسه، لربما حضر القمة في شرم الشيخ، فهو يشارك في العديد من المناسبات الدولية، وحضوره لا يعني بالضرورة تأييد كامل المحتوى. كان بإمكانهم القول إنهم حضروا بناءً على طلب الأطراف الفلسطينية، وبالتالي يبدو أنه لم يُسمح له بالذهاب.
وأضاف: 'إيران تبدو كأنها أكثر حماسًا من حماس نفسها. في السابق، كان التبرير هو أن السلطة الفلسطينية لا تمثل كل الفلسطينيين، ويجب مراعاة حماس (حركة المقاومة الإسلامية). الآن، بعد أن خففت حماس موقفها، تبدو إيران متمسكة بموقف متشدد'.