اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
في مشهد غير مسبوق يجمع بين الثقافة الشعبية والاحتجاج السياسي، أصبح علم 'قبعة القش' المستوحى من سلسلة كتب وقصص المانجا اليابانية الشهيرة 'ون بيس' رمزًا عالميًا لحركات احتجاجية يقودها الجيل زد في عدة دول، من نيبال إلى مدغشقر، ومن جاكرتا إلى باريس. هذا التحول اللافت من صفحات القصص المصورة إلى ساحات الغضب الشعبي يعكس، وفقًا لـ'دويتشه فيله'، قدرة الرموز الثقافية على تجاوز حدود الترفيه لتصبح أدوات تعبير سياسي عابر للقارات.
العلم الذي يحمل جمجمة ضاحكة ترتدي قبعة قش حمراء، والمعروف باسم 'جولي روجر' في عالم 'ون بيس'، كان في الأصل شعارًا لقراصنة خياليين يقودهم 'مونكي دي لوفي'، بطل السلسلة التي بدأت عام 1997. لكن في عام 2025، تحول هذا الرمز إلى شعار مقاومة يرفعه شباب غاضبون في وجه أنظمة سياسية يعتبرونها فاسدة أو قمعية. في كاتماندو، نيبال، رُفع العلم فوق بوابة البرلمان المشتعل خلال احتجاجات ضد حظر حكومي على وسائل التواصل الاجتماعي، وفقًا لـ'سي بي سي نيوز'، في مشهد وثّقته عدسات الصحافة العالمية.
الجيل زد، الذي يُعرف أيضًا باسم 'الزومرز'، يشمل المواليد بين عامي 1997 و2012، وهو أول جيل نشأ في ظل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وفقًا لـ'ويكيبيديا' و'توداي'. يتميز هذا الجيل بقدرته على التنسيق الرقمي والاحتجاج بلا قيادة مركزية، كما حدث في مدغشقر، حيث أدى الغضب الشعبي إلى إسقاط الحكومة بعد أن انضم الجيش إلى المتظاهرين الذين رفعوا علم قبعة القش في الساحات العامة، وفقًا لـ'إن بي سي نيوز'. وفي المغرب، ظهر العلم في مظاهرات ضد البطالة والفساد، بينما استخدمه شباب إندونيسيا في احتجاجات ضد عنف الشرطة.
أما جيل ألفا، فيضم المواليد من عام 2010 حتى 2024، ويُعد أول جيل يولد بالكامل في عصر الذكاء الاصطناعي والمساعدات الرقمية، وفقًا لصحيفة '20 سامثينج' البلجيكية. هذا الجيل يتفاعل مع العالم من خلال الأجهزة اللوحية والمحتوى المرئي منذ سنوات الطفولة الأولى، ويُتوقع أن يكون أكثر تكيفًا مع الواقع الافتراضي والتقنيات الناشئة، مما يجعله الجيل الأكثر تأثيرًا في تشكيل مستقبل التعليم والعمل والثقافة العالمية.
وفقًا لـ'ذا تايمز أوف إنديا'، فإن اختيار علم 'ون بيس' لم يكن عشوائيًا. فالسلسلة تتمحور حول الحرية، التمرد على السلطة، والسعي لتحقيق العدالة خارج الأطر التقليدية. هذه القيم تتماشى مع روح الجيل زد، الذي يرى في 'لوفي' قائدًا رمزيًا لا يخضع للقواعد، ويقاتل من أجل أصدقائه ومبادئه. وقد أشار تقرير لـ'آر تي إي' الأيرلندية إلى أن هذا النوع من الرموز 'يخلق شعورًا بالانتماء العابر للحدود، ويمنح الحركات الاحتجاجية طابعًا إنسانيًا وشعبيًا يصعب قمعه'.
وفي مواجهة هذا الرمز الجديد، وجدت الحكومات نفسها في موقف حرج من وجهة النظر القانونية؛ إذ كيف يمكن تجريم علم مأخوذ من مانجا؟ في بعض الحالات، حاولت السلطات حظر رفع العلم في المظاهرات، لكن ذلك أدى إلى مزيد من الانتشار، حيث أصبح يُطبع على القمصان، يُرسم على الجدران، ويُستخدم كصورة رمزية على الإنترنت، وفقًا لـ'إن بي آر'.
ما بدأ كقصة مغامرات بحرية تحول إلى رمز عالمي للحرية والتمرد. علم قبعة القش لم يعد مجرد شعار لقراصنة خياليين، بل أصبح راية يرفعها جيل يبحث عن صوت، عن عدالة، وعن مستقبل لا تحدده الأنظمة التقليدية. وفي زمن تتقاطع فيه الثقافة والسياسة، يبدو أن المانجا اليابانية قد وجدت طريقها إلى قلب الميادين.


































