اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٠ نيسان ٢٠٢٥
يعتبر الذهب الملاذ الآمن الأول للمستثمرين، خاصة في أوقات الأزمات وعدم اليقين الاقتصادي.
بلغت أسعار الذهب أعلى مستوى لها على الإطلاق بوصولها إلى 3357.12 دولارًا للأوقية االواحدة خلال الأسبوع الماضي، مما يعكس الطلب المتزايد على هذا المعدن الثمين، وفق موقع 'جولد هب'.
ورغم أن نظام ربط العملات بالذهب لم يعد معمولًا به منذ عقود، إلا أن المعدن الأصفر لا يزال يحظى بمكانة استراتيجية لدى البنوك المركزية، نظرًا لقدرته على الصمود أمام التقلبات السياسية والاقتصادية وكونه من الأصول 'السائلة' التي يمكن تحويلها بسهولة إلى نقد.
في ظل التوترات الجيوسياسية والتقلبات الاقتصادية العالمية، تتجه البنوك المركزية بشكل متزايد نحو تعزيز احتياطياتها من الذهب كأداة للتحوط ضد التضخم، تذبذب العملات، والاعتماد الزائد على الدولار الأمريكي.
أسباب إقبال البنوك المركزية على الذهب
وفقًا للموقع الرسمي لمجلس الذهب العالمي (World Gold Council)، تمتلك البنوك المركزية حوالي خُمس إجمالي الذهب المستخرج عبر التاريخ، مما يبرز أهميته كجزء من الاحتياطيات الدولية.
منذ عام 2010، تحولت البنوك المركزية من بائع صافٍ إلى مشترٍ صافٍ للذهب، حيث بلغت المشتريات السنوية حوالي 650 طنًا في المتوسط، مع ذروة في عام 2024 بإجمالي 1050 طنًا.
يُعزى هذا الإقبال إلى عوامل مثل التوترات الجيوسياسية، التضخم المستمر، والعقوبات الاقتصادية التي دفعت الدول إلى تنويع احتياطياتها بعيدًا عن الدولار.
كما أن ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية فوق 2500 دولار للأونصة في 2024 عزز جاذبيته كاستثمار آمن.
الدول الأربع في صدارة زيادة احتياطيات الذهب
استنادًا إلى بيانات موقع 'جولد هب'، للربع الرابع من عام 2024 وتقارير اقتصادية غربية، برزت بولندا والصين وتركيا والهند كالدول الأربع الأولى في زيادة احتياطيات الذهب خلال عام 2024. فيما يلي تفصيل لكل دولة:
1. بولندا: الرائدة في الشراء
تصدرت بولندا قائمة المشترين في 2024، حيث زادت احتياطياتها بمقدار 89.54 طنًا، ليصل إجمالي احتياطياتها إلى 448.23 طنًا، وفقًا لتقرير موقع BestBrokers.com.
تمثل هذه الكمية حوالي 18% من إجمالي احتياطيات البنك الوطني البولندي، ويُعزى هذا النشاط إلى قرب بولندا من الصراع الروسي الأوكراني، مما دفعها إلى تعزيز احتياطياتها كإجراء وقائي.
أشار حاكم البنك، آدام غلابينسكي، إلى أن الهدف هو رفع نسبة الذهب إلى 20% من الاحتياطيات، وقد نقلت بولندا جزءًا من احتياطياتها من لندن إلى وارسو لتعزيز السيادة المالية.
2. الصين: استراتيجية التنويع
احتلت الصين المرتبة الثانية، حيث أضافت 256 طنًا إلى احتياطياتها في 2024، ليصل إجماليها إلى 2279.56 طنًا، وفقًا لتقرير موقع ' ديسكفري أليرت' الأسترالي، تمثل هذه الكمية 5% من إجمالي احتياطيات البنك الشعبي الصيني (PBoC). استأنفت الصين مشترياتها في نوفمبر 2024 بعد توقف لستة أشهر، مضيفة 5 أطنان إضافية. تعكس هذه الخطوة استراتيجية لتقليل الاعتماد على الدولار وسط التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى دعم الإنتاج والاستهلاك المحلي للذهب.
3. تركيا: دعم العملة المحلية
جاءت تركيا في المرتبة الثالثة، حيث اشترت 45 طنًا في النصف الأول من 2024، ليصل إجمالي احتياطياتها إلى 595.37 طنًا، وفقًا لتقريرVisual Capitalist، تواجه تركيا تحديات اقتصادية داخلية، بما في ذلك التضخم وتذبذب سوق الذهب المحلي، مما دفع البنك المركزي إلى تعزيز احتياطياته لدعم الليرة التركية. على عكس عام 2023، الذي شهد بيع 159 طنًا لتلبية الطلب المحلي، اتخذت تركيا نهجًا استراتيجيًا في 2024 لتجديد مخزونها.
4. الهند: النمو الاقتصادي والأهمية الثقافية
احتلت الهند المرتبة الرابعة، حيث أضافت 37 طنًا إلى احتياطياتها في النصف الأول من 2024، ليصل إجماليها إلى 876.18 طنًا، وفقًا لتقرير MINING.COM.
تمثل هذه الكمية 10% من احتياطيات بنك الاحتياطي الهندي (RBI). تُعزى الزيادة إلى الأهمية الثقافية للذهب في الهند، إلى جانب النمو الاقتصادي المتسارع.
كما أعادت الهند إدخال 100 طن من احتياطياتها المخزنة في المملكة المتحدة، مما يعكس اتجاهًا عالميًا لإعادة توطين الذهب.
أكبر الدول من حيث إجمالي احتياطيات الذهب
بينما ركزت الدول الأربع المذكورة على زيادة احتياطياتها، تظل الدول الغربية مثل الولايات المتحدة وألمانيا في صدارة إجمالي الاحتياطيات. وفقًا لبيانات GoldHub للربع الرابع من 2024، تتصدر القائمة:
الولايات المتحدة: تمتلك 8133.46 طنًا، أي ما يعادل 72.4% من إجمالي احتياطياتها، ويُخزن أغلبها في مقر الاحتياطي الوطني 'فورت نوكس'.
ألمانيا: تمتلك 3351.53 طنًا (71.5% من الاحتياطيات)، وقد أعادت تدريجيًا تخزين ذهبها في فرانكفورت بين 2013 و2017.
إيطاليا: تمتلك 2451.84 طنًا، موزعة بين روما، سويسرا، نيويورك، وإنجلترا.
فرنسا: تمتلك 2437.00 طنًا، مخزنة بشكل رئيسي في باريس.
تُظهر هذه الأرقام استقرار احتياطيات الدول الغربية، بينما تركز الدول الناشئة على الزيادة النشطة.
احتياطيات الذهب في العالم العربي
في السياق العربي، تتصدر السعودية الدول العربية باحتياطي يبلغ 323.07 طنًا، بقيمة 26.3 مليار دولار، وفقًا لتقرير نشرته مجلة فوربس الأمريكية، ويليها لبنان بـ286.8 طنًا (59.8% من الاحتياطيات)، ثم الجزائر (173.6 طنًا)، العراق (148.3 طنًا)، ليبيا (146.7 طنًا)، ومصر (126.6 طنًا). تعكس هذه الأرقام حرص الدول العربية على تعزيز احتياطياتها وسط ارتفاع الطلب الإقليمي.
الاتجاهات العالمية والتوقعات المستقبلية
تشير تقارير من مصادر غربية مثل رويترز وفاينانشيال تايمز إلى أن البنوك المركزية ستظل من المشترين الصافين للذهب في 2025، مدفوعة بالحاجة إلى التحوط ضد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية، ويُظهر استطلاع مجلس الذهب العالمي لعام 2024 أن 29% من البنوك المركزية تخطط لزيادة احتياطياتها خلال الـ12 شهرًا القادمة، وهي أعلى نسبة منذ بدء الاستطلاع في 2018.
مع استمرار التحديات الجيوسياسية، مثل الصراعات في أوروبا الشرقية والتوترات في آسيا، يبدو أن السباق نحو الذهب سيظل مفتوحًا.
وتبرز بولندا والصين وتركيا والهند كالدول الأربع الأولى في زيادة احتياطيات الذهب في 2024، مدفوعة بالتوترات الجيوسياسية، التحديات الاقتصادية، والسعي لتنويع الأصول.
في الوقت نفسه، تحافظ الدول الغربية مثل الولايات المتحدة وألمانيا على احتياطياتها الضخمة، بينما تسعى الدول العربية، بقيادة السعودية، إلى تعزيز مكانتها.
مع وصول أسعار الذهب إلى مستويات قياسية، يظل الذهب ركيزة استراتيجية في عالم يتسم بعدم اليقين، مما يعزز دوره كملاذ آمن في الأوقات العصيبة والضبابية وكلما يتصاعد عدم اليقين وتشتد التوقعات الاقتصادية قتامة.