اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٢ تموز ٢٠٢٥
في ظل التحديات الاقتصادية التي تشهدها المملكة المتحدة، برزت شكاوى عمال قصر هايجروف، المقر الريفي الخاص بالملك تشارلز الثالث، كمؤشر على التوترات داخل المؤسسة الملكية. يعاني العاملون، وخاصة البستانيون، من أجور منخفضة وظروف عمل صعبة، إلى جانب مطالب مكثفة من الملك تشارلز تتعلق بصيانة الحدائق والمهام اليومية.
تشمل هذه الشكاوى نقص الموارد، انخفاض الروح المعنوية، والإجهاد البدني والنفسي الناتج عن محاولة تلبية توقعات الملك.
تكشف هذه الأزمة عن فجوة بين التوقعات التقليدية للعمل في الأسرة الملكية والواقع الاقتصادي الحديث، مما يثير تساؤلات حول استدامة النموذج الملكي في ظل الضغوط الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة، وفقًا لصحيفة الصنداي تايمز.
طبيعة المطالب الملكية: عبء العمل المكثف
يُعرف الملك تشارلز الثالث بشغفه بصيانة حدائق هايجروف، لكن هذا الشغف ترجم إلى مطالب مكثفة أثقلت كاهل العاملين.
وفقًا لتقارير بي بي سي، يطالب الملك بمهام دقيقة تشمل العناية بالنباتات النادرة، تنسيق الحدائق وفقًا لمعايير بيئية صارمة، والالتزام بجداول عمل صعبة. تشير تقارير صحيفة الصنداي تايمز إلى أن 11 من أصل 12 بستانيًا في هايجروف استقالوا منذ عام 2022، مشيرين إلى استحالة تلبية طلبات الملك بسبب نقص الموارد والضغط المستمر. على سبيل المثال، أفاد أحد العمال بأن الملك طلب من بستاني عدم الظهور أمامه مرة أخرى بعد أن أظهر عدم معرفة بزهرة معينة، مما يعكس مستوى التوقعات العالية والضغط النفسي على العاملين. يرى الخبراء أن هذه المطالب، رغم ارتباطها باهتمامات تشارلز البيئية، تضع العمال في موقف صعب، حيث يُتوقع منهم أداء مهام معقدة دون دعم كافٍ، مما يؤدي إلى استياء متزايد.
الأجور المنخفضة: تحدي اقتصادي واجتماعي
تُعد الأجور المنخفضة نقطة الخلاف الرئيسية لعمال قصر هايجروف. وفقًا لصحيفة الجارديان، تتراوح رواتب العاملين، بما في ذلك البستانيون والموظفون الإداريون، بين 20،000 و30،000 جنيه إسترليني سنويًا، وهي أرقام تُعتبر أقل من المتوسط في لندن، حيث تتجاوز تكلفة المعيشة هذه الأجور بكثير.
أفادت صحيفة الصنداي تايمز أن العمال يواجهون صعوبات مالية بسبب هذه الرواتب، خاصة مع ارتفاع تكاليف السكن والنقل. كما أشار تقرير إلى أن بعض العاملين أصيبوا بإصابات جسدية أثناء محاولتهم تلبية متطلبات العمل الشاقة، مثل صيانة الحدائق في ظروف غير مناسبة.
يرى المراقبون أن هذه الأجور تعكس افتراضًا قديمًا بأن 'هيبة' العمل في القصر الملكي تعوض عن التعويض المالي المنخفض، لكن هذا النهج لم يعد مقبولًا في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية الحديثة، مما يزيد من مخاطر نقص العمالة المؤهلة.
تأثير التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة
تتزامن شكاوى العمال مع أزمة اقتصادية تضرب المملكة المتحدة، حيث ارتفعت تكاليف المعيشة بشكل كبير منذ عام 2023. وفقًا لصحيفة الجارديان، أدى التضخم في أسعار الطاقة والسكن إلى تفاقم الضغوط المالية على العاملين ذوي الدخل المنخفض، بما في ذلك عمال القصر.
أفادت صحيفة الصنداي تايمز أن أحد العاملين قدم شكوى رسمية في أواخر عام 2023 ضد إدارة الحدائق، مشيرًا إلى نقص التوظيف، ضعف الموارد، والإصابات الناتجة عن العمل الشاق. رغم إطلاق مؤسسة الملك تحقيقًا خارجيًا كشف عن سوء الإدارة ونقص الموظفين، إلا أن المشكلات استمرت، مما يعكس فشلًا في معالجة الأسباب الجذرية للأزمة.
يرى الخبراء أن هذه التحديات تعكس صعوبة مواكبة المؤسسة الملكية للتغيرات الاقتصادية، حيث يواجه العمال ضغوطًا متزايدة دون تحسينات كافية في الأجور أو ظروف العمل.
رد فعل المؤسسة الملكية: تحقيقات وتسويات محدودة
ردت مؤسسة الملك على هذه الشكاوى بإجراء تحقيق، كما أشارت تقارير صحيفة الصنداي تايمز. أوصى التحقيق بتوفير تدريب إضافي، دعم نفسي، ومراجعة الأجور، لكن مصادر داخلية أكدت استمرار المشكلات.
في المقابل، دافع متحدث باسم مؤسسة الملك عن أداء القصر، مشيرًا إلى أن معدل دوران الموظفين في هايجروف أقل من المتوسط الوطني، وأن الرواتب شهدت زيادات سنوية منذ عام 2022.
وفقًا لقناة بي بي سي، أشار المتحدث أيضًا إلى زيادة في أعداد الزوار والأرباح التشغيلية، لكن المراقبون يرون أن هذه الادعاءات لا تعالج بشكل مباشر استياء العمال، خاصة مع استمرار نقص الموارد والضغط المكثف.
يشير الخبراء إلى أن هذه الاستجابة قد تكون محاولة لتجميل صورة المؤسسة الملكية دون تقديم حلول جذرية، مما يعرضها لانتقادات متزايدة.
التداعيات على صورة المؤسسة الملكية
تثير هذه الأزمة تساؤلات حول قدرة المؤسسة الملكية على التكيف مع التوقعات الحديثة للعدالة في بيئة العمل.
وفقًا لصحيفة الجارديان، أدت الشكاوى إلى نقاش عام حول ما إذا كانت الأسرة الملكية تستغل 'هيبتها' لتبرير أجور منخفضة وظروف عمل غير عادلة.
يرى المراقبون أن هذه القضية قد تضر بسمعة الملك تشارلز، الذي يُروج لنفسه كمدافع عن القضايا البيئية والاجتماعية، حيث يبدو أن هناك تناقضًا بين خطابه العام وممارسات إدارة قصره.
كما يحذر الخبراء من أن استمرار هذه الأزمة قد يؤدي إلى استقالات إضافية، مما يعيق قدرة القصر على جذب مواهب جديدة. في سياق اقتصادي صعب، قد يدفع هذا الوضع إلى مزيد من التدقيق العام في تمويل المؤسسة الملكية ودورها في المجتمع.
ضرورة السعي لإصلاحات جذرية
كشفت شكاوى عمال قصر هايجروف عن تحديات عميقة تواجه المؤسسة الملكية، من أجور منخفضة وظروف عمل صعبة إلى مطالب مكثفة من الملك تشارلز. تسلط هذه الأزمة الضوء على الفجوة بين التوقعات التقليدية للعمل في القصر والواقع الاقتصادي الحديث.
يرى الخبراء أن استمرار هذه المشكلات دون إصلاحات جذرية، مثل تحسين الأجور، زيادة الموارد، وتوفير بيئة عمل داعمة، قد يعرض المؤسسة الملكية لمزيد من الانتقادات ويضعف صورتها العامة.
يؤكد المراقبون أن هذه القضية تتطلب من الملك تشارلز وإدارته اتخاذ خطوات ملموسة لتحسين ظروف العمال، ليس فقط للحفاظ على كفاءة القصر، بل لتجنب مزيد من الجدل حول شرعية المؤسسة الملكية في عصر يطالب بالعدالة والمساواة.