اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
شهدت نيويورك أول اختبار سياسي حاد للعمدة المنتخب زهران ممداني، بعدما اندلعت أزمة غير مسبوقة بينه وبين الجماعات اليهودية في المدينة إثر احتجاج أمام كنيس بارك إيست في مانهاتن. هذا الحدث لم يمر مرور الكرام، بل فجّر نقاشًا واسعًا حول أسلوب الرجل الذي يستعد لتولي منصبه في يناير المقبل، وكيفية تعاطيه مع القضايا الحساسة التي تمس علاقة المدينة بإسرائيل والجالية اليهودية.
مشهد الاحتجاج
خرج عشرات المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطينية إلى محيط الكنيس، حيث كانت منظمة Nefesh B’Nefesh تعقد فعالية لدعم هجرة اليهود إلى إسرائيل. رفع المحتجون الأعلام الفلسطينية ورددوا شعارات نارية مثل 'الموت للجيش الإسرائيلي' و'عولمة الانتفاضة'، ما أثار صدمة داخل المجتمع اليهودي الذي اعتبر أن هذه الهتافات تحمل نبرة معادية للسامية وتشكل تهديدًا مباشرًا لأمن دور العبادة.
موقف ممداني
وسارع ممداني إلى إصدار بيان مقتضب أدان فيه استخدام لغة تدعو إلى العنف، لكنه في الوقت نفسه انتقد الكنيس لاستضافته فعالية مرتبطة بالاستيطان الإسرائيلي. أوضح مكتبه أن العمدة المنتخب يرى أن المساحات الدينية يجب ألا تتحول إلى منصات لترويج أنشطة مخالفة للقانون الدولي. هذا الموقف المزدوج أثار جدلًا واسعًا، إذ اعتبره البعض محاولة للتوازن بين حرية التعبير ورفض التحريض، فيما رآه آخرون تقليلًا من خطورة الشعارات التي رُفعت أمام الكنيس.
ولاحقًا، أكد ممداني أنه سيحمي دائمًا دور العبادة اليهودية، وأنه لن يقبل أي لغة تدعو إلى الموت أو العنف ضد أي طرف، لكنه شدد على أن انتقاده موجّه إلى المؤسسات التي تروّج لسياسات إسرائيلية مثيرة للجدل.
ردود الفعل
الجماعات اليهودية لم تتأخر في الرد. الحاخام آري بيرمان، رئيس جامعة يشيفا، وصف تصريحات ممداني بأنها غير مسؤولة وتؤجج الانقسام. منظمة مكافحة التشهير (ADL) أعلنت إطلاق حملة لمراقبة سياسات العمدة الجديد، معتبرة أن بيانه ساهم في خلق بيئة عدائية ضد اليهود.
سياسيون بارزون مثل حاكمة نيويورك كاثي هوكول والعمدة المنتهية ولايته إريك آدامز أدانوا الاحتجاج ووصفوه بأنه هجوم معادٍ للسامية، في حين طالب بعض أعضاء المجلس البلدي ممداني بتوضيح موقفه بشكل أكثر صراحة.
ممداني، المعروف بانتقاداته الحادة لإسرائيل، وصف حربها في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر بأنها 'إبادة جماعية'، ورفض الاعتراف بحق إسرائيل في أن تكون دولة يهودية. هذه المواقف جعلت شريحة واسعة من اليهود في نيويورك تشكك في نواياه، وهو ما انعكس في نتائج الانتخابات، حيث صوّت 64% منهم لمنافسه أندرو كومو، مقابل ثلث فقط لممداني.
رغم ذلك، حاول ممداني خلال حملته طمأنة الجالية اليهودية بأنه سيضمن أمنهم وحماية دور عبادتهم، لكن الاحتجاج الأخير أعاد إلى الواجهة التساؤلات حول مدى قدرته على تحقيق هذا التوازن بين قناعاته السياسية ومسؤولياته كعمدة.
دلالات الحدث
الاحتجاج أمام كنيس بارك إيست لم يكن مجرد تظاهرة عابرة، بل شكّل لحظة فارقة في علاقة ممداني بالجماعات اليهودية. الحدث كشف عن هشاشة الثقة بين الطرفين، وأبرز التحديات التي سيواجهها العمدة الجديد في إدارة مدينة متعددة الأعراق والأديان.
فبينما يسعى ممداني إلى الدفاع عن حرية التعبير وحق الفلسطينيين في الاحتجاج، يجد نفسه مضطرًا إلى مواجهة مخاوف اليهود من تصاعد معاداة السامية. هذا التوازن الدقيق سيحدد إلى حد كبير ملامح ولايته المقبلة، وقد ينعكس على علاقته بالبيت الأبيض وإدارة ترامب التي تراقب عن كثب أي توتر في أكبر مدينة أمريكية.
يفتح أول صدام بين ممداني والجماعات اليهودية الباب أمام مرحلة سياسية معقدة في نيويورك. العمدة المنتخب يقف أمام معادلة صعبة: كيف يحمي حرية التعبير ويصون حق الاحتجاج، وفي الوقت نفسه يضمن أمن الجالية اليهودية ويكبح أي خطاب معادٍ للسامية. هذه الأزمة المبكرة قد تتحول إلى اختبار حقيقي لقدرته على إدارة مدينة لا تنام، وتعيش على وقع التوترات المحلية والدولية في آن واحد.


































