اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٢١ تموز ٢٠٢٥
في ظل التصعيد المستمر للغارات الإسرائيلية على قطاع غزة وتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق، تشهد المنطقة تحركات دبلوماسية مكثفة على المستويين الإقليمي والدولي، في محاولة لاحتواء الأزمة المتفاقمة وتقديم الدعم الإغاثي لسكان القطاع.
وتأتي العاصمة المصرية القاهرة في قلب هذه الجهود، حيث تستضيف اجتماعات ثلاثية بين مسؤولين من مصر وقطر وإسرائيل، تهدف إلى مناقشة تفاصيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، إلى جانب ترتيبات خاصة بخروج المرضى وعودة العالقين.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن هناك تحركات مصرية مدروسة تجرى على أعلى المستويات، تأتي بتوجيهات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبتنسيق وثيق مع عدد من الدول العربية الشقيقة.
وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ 'صدى البلد'، أن الموقف المصري يستند إلى ثوابت راسخة في التعامل مع القضية الفلسطينية، في مقدمتها دعم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.
وأشار فهمي، إلى أن التحركات المصرية لا تقتصر على تأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بل تشمل أيضا التمسك بالمرجعيات الشرعية الدولية، ورفض جميع المحاولات الرامية إلى تقسيم القطاع إلى كانتونات أو مناطق معزولة تفصل بين السكان الفلسطينيين.
وأشار إلى أن إدخال المساعدات بصورة عاجلة يتطلب تدخلا دوليا فاعلا، من خلال منظمات ووكالات معتمدة، كما شدد على ضرورة تشكيل لجان متابعة دولية، شرط ألا تضم أطرافا متورطة في الانتهاكات، مثل الولايات المتحدة وإسرائيل.
وشدد فهمي، على ضرورة أهمية تحرك الدول العربية التي ترتبط بعلاقات رسمية مع إسرائيل، وعلى رأسها الإمارات والبحرين والمغرب والأردن، للمساهمة في الدفع نحو حلول إنسانية عاجلة، سواء من خلال عمليات إنزال جوي أو فتح ممرات بحرية لنقل المساعدات.
واختتم: 'هناك جهود دبلوماسية عربية نشطة تبذل حاليا لعقد جلسة طارئة في مجلس الأمن الدولي، بهدف إقرار آلية زمنية واضحة تضمن إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة خلال أسبوع واحد فقط'.
ووفق ما أفادت به مصادر مطلعة، فإن الاجتماعات التي تستمر لمدة يومين، شهدت تقدما ملموسا وتوافقا مبدئيا حول عدد من القضايا الإنسانية المرتبطة باتفاق وقف إطلاق النار، حيث تسعى مصر إلى إزالة العراقيل التي تعيق الوصول إلى تفاهمات نهائية، مع التأكيد على حرصها على إدخال كميات كافية من المساعدات الغذائية والطبية إلى سكان القطاع المحاصر.
من جانبه، أكد الدكتور ماجد الأنصاري، المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، أن المفاوضات لا تزال جارية في الدوحة بالتوازي مع اجتماعات القاهرة، مشيرا إلى العمل على الوصول إلى 'اتفاق إطاري' يمثل قاعدة للمفاوضات غير المباشرة بين الأطراف المعنية.
وأوضح الأنصاري خلال مؤتمر صحفي أن بلاده لا تكترث بتصريحات من وصفهم بـ'المتاجرين السياسيين' بالقضية، مؤكدا استمرار الجهود القطرية بكل حيادية ومهنية.
وأضاف: 'لا يمكن لأي وسيط أن يفرض سقفا زمنيا على المفاوضات، سواء بشأن غزة أو أي ملف إقليمي آخر'، مؤكدا في الوقت نفسه أنه 'لا يمكن القبول بحالة الإفلات من العقاب إزاء السلوك العبثي الذي تمارسه إسرائيل في المنطقة'.
وفي السياق ذاته، سلط اللواء خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، الضوء على الجهود الكبيرة التي تبذلها مصر في دعم غزة، حيث أشار في مداخلة هاتفية مع الإعلامية بسمة وهبة عبر برنامج '90 دقيقة' على قناة 'المحور'، إلى أن هناك مئات الأطنان من المساعدات الإغاثية المخزنة والمجهزة من قبل الهلال الأحمر المصري، تنتظر فتح المعابر لبدء دخولها إلى القطاع.
وبين مجاور أن المساعدات خضعت لعمليات فحص دقيقة لضمان سلامتها، سواء من حيث الأغذية أو الأدوية، وفقًا للمعايير الدولية، وأشار إلى أن مصر استقبلت أكثر من 90% من الجرحى والمصابين الفلسطينيين الذين تمكنوا من عبور معبر رفح، في حين لم تستقبل باقي الدول العربية سوى أعداد ضئيلة نسبيا.
وأوضح أن المرحلة الأولى من إدخال المساعدات واجهت عراقيل ورفضا من الجانب الإسرائيلي، لكن مصر على أتم الاستعداد لتوسيع نطاق المساعدات خلال المرحلة الثانية، حال التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وتطبيقه ميدانيا.
بالتوازي مع التحركات المصرية والقطرية، تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة تقديم دعم إنساني غير مشروط لقطاع غزة، ضمن مبادراتها المتواصلة التي تعبّر عن التزامها الثابت بالمبادئ الإنسانية، بعيدا عن أية حسابات سياسية.
وقد أطلقت الإمارات مؤخرا السفينة الثامنة ضمن عملية 'الفارس الشهم 3'، والتي غادرت من ميناء خليفة 'كيزاد' في أبوظبي، حاملة أكبر شحنة مساعدات إنسانية ترسلها الدولة إلى غزة منذ بداية الحرب. السفينة، التي أطلق عليها اسم 'خليفة 8'، أبحرت نحو ميناء العريش المصري، استعدادا لتفريغ حمولتها ونقلها إلى القطاع عبر معبر رفح البري، وذلك بالتنسيق الكامل مع السلطات المصرية والجهات المختصة.
وتضمنت حمولة السفينة ما يقارب 4372 طنا من المواد الغذائية، و1433 طنا من مواد الإيواء، و860 طنا من المواد الطبية، و501 طن من المستلزمات الصحية، ليصل إجمالي المساعدات التي قدمتها الإمارات حتى الآن إلى نحو 77,266 طنا.
كما تستخدم أبوظبي قنوات التواصل التي تربطها بتل أبيب لتسهيل مرور المساعدات وتجاوز العقبات اللوجستية، في خطوة تؤكد التزامها العملي بدعم الشعب الفلسطيني، رغم تعقيدات المشهد السياسي والتوترات الإقليمية.
ولم تقتصر المبادرات الإماراتية على الإغاثة الفورية، بل امتدت لتشمل مشاريع إنسانية واستراتيجية طويلة الأمد، منها مبادرات تهدف إلى معالجة الأزمات البنيوية في غزة، وفي مقدمتها أزمة المياه المزمنة التي يعاني منها القطاع.