اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٢٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥
يؤكد اللواء نبيل السيد، الخبير الاستراتيجي وعضو العديد من المنتديات الدولية للعلاقات الخارجية، أن زيارة الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ إلى مصر، وإلقاءه خطابًا تاريخيًا من قلب جامعة القاهرة العريقة، ليست مجرد زيارة بروتوكولية، بل محطة نوعية تعكس نضوج العلاقات بين البلدين ودخولها مرحلة أعمق من الشراكة الإستراتيجية. ويضيف اللواء أن اختيار القاهرة لتكون أول جامعة يزورها الرئيس الكوري منذ توليه منصبه، يحمل رسالة واضحة بأن مصر شريك إقليمي له وزن دولي واحترام واسع في آسيا والعالم.
يرى اللواء نبيل السيد أن العلاقات بين مصر وكوريا الجنوبية لم تكن يومًا علاقات طارئة أو وليدة اللحظة، بل هي روابط ممتدة لأكثر من سبعة عقود، حين كانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت رسميًا باستقلال كوريا الجنوبية عام 1948. ويشير إلى أن الذاكرة الكورية تحتفظ لمصر بدورٍ محوري حين استضافت القاهرة قمة الحلفاء عام 1943، التي كان إعلانها سببًا مباشرًا في استقلال كوريا وخلاصها من الاحتلال الياباني.
ويعتبر اللواء أن هذا الإرث التاريخي لا يزال يشكل عمقًا وجدانيًا وسياسيًا لدى الشعب الكوري، ويجعل من مصر شريكًا استثنائيًا يحظى بتقدير كبير في الأوساط الرسمية والشعبية في كوريا.
ويؤكد اللواء نبيل السيد أن التحولات التي يشهدها العالم اليوم، خاصة في مجالات التكنولوجيا والصناعة والذكاء الاصطناعي والطاقة الجديدة، تجعل من الشراكة بين القاهرة وسول ضرورة استراتيجية، وليست مجرد تبادل مصالح. فاقتصاد كوريا المصنف ضمن أقوى 13 اقتصادًا على مستوى العالم، وخبراته الصناعية في مجالات الإلكترونيات والصناعات الثقيلة والسيارات، تمثل نموذجًا يمكن لمصر الاستفادة منه بشكل واسع، خاصة في ظل خطط الدولة المصرية لتطوير الصناعة المحلية وتعميق التصنيع والتكنولوجيا.
يرى اللواء نبيل السيد أن العلاقات السياسية بين مصر وكوريا الجنوبية خلال العقد الأخير شهدت زخمًا كبيرًا، عبر زيارات رئاسية متبادلة واتصالات رفيعة المستوى، تؤكد وجود ثقة متبادلة وإدراك مشترك لأهمية التعاون. ويشير إلى أن كوريا تنظر لمصر باعتبارها قوة إقليمية قادرة على تحقيق الاستقرار في منطقة تعاني من تحديات مستمرة، بينما ترى مصر في كوريا نموذجًا ناجحًا لتحقيق النهضة الاقتصادية والتعليمية.
ويضيف أن الدعم والمواساة المتبادلة في الأحداث الإنسانية، مثل حادثة الطائرة الكورية الأخيرة أو حادث التدافع في سيول، يؤكد أن العلاقات بين البلدين تجاوزت الجانب الرسمي لتصل إلى مستوى من التعاطف الإنساني الذي يعكس عمق الروابط.
يشدد اللواء نبيل السيد على أن التعليم يمثل الجسر الأهم بين البلدين، فالتجربة الكورية في تطوير التعليم أصبحت نموذجًا عالميًا، ومصر تسعى لتوسيع التعاون في هذا المجال عبر المنح والبرامج المشتركة وتبادل الخبرات. ويرى أن الاستثمار في العنصر البشري هو أساس أي نهضة، والتعاون المصري الكوري في هذا الجانب سيُنتج جيلاً قادرًا على بناء قطاع صناعي وتكنولوجي متطور.
ويختتم اللواء نبيل السيد رؤيته بالتأكيد أن مصر وكوريا الجنوبية اليوم أمام فرصة تاريخية لتطوير العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الكاملة. فالعالم يشهد تغيرات كبيرة، والدول ذات العلاقات العميقة والثابتة هي القادرة على مواجهة التحديات والاستفادة من الفرص.
ويضيف أن زيارة الرئيس الكوري لجامعة القاهرة وإشادته بمكانة مصر وحضارتها، هي رسالة بأن المستقبل يحمل تعاونًا أكبر، وأن البلدين يسيران بخطى ثابتة نحو معادلة فريدة.. تاريخ مشترك، ومصالح متبادلة، ومستقبل يكتبه الطرفان معًا بثقة وشراكة حقيقية.


































