النقد الدولي يحث الصين على معالجة الاختلالات الاقتصادية

مباشر- دعا صندوق النقد الدولي الصين إلى إصلاح الاختلالات 'الكبيرة' في اقتصادها، بما في ذلك موجة الانكماش التي أدت إلى انخفاض قيمة سعر الصرف الحقيقي للرنمينبي وعززت الصادرات في وقت تصاعد التوترات التجارية، وفقاً لما نقلته صحيفة 'فايننشال تايمز'.

جاء هذا البيان بعد أيام من ظهور بيانات رسمية لعام 2025 تُظهر أن فائض الصين السنوي في تجارة السلع سيتجاوز تريليون دولار لأول مرة، وفي الوقت الذي حذرت فيه الشركات الأوروبية من أن انخفاض قيمة العملة قد يؤدي إلى زيادة الرد التجاري، بما في ذلك فرض تعريفات جمركية محتملة.

قال صندوق النقد الدولي يوم الأربعاء في ختام مراجعته السنوية لثاني أكبر اقتصاد في العالم: 'أدى انخفاض التضخم مقارنة بالشركاء التجاريين إلى انخفاض قيمة سعر الصرف الحقيقي، مما ساهم في قوة الصادرات ودعم النمو، ولكنه أدى أيضاً إلى تفاقم الاختلالات الخارجية' .

وأضاف الصندوق أن الحجم الاقتصادي الكبير للصين وتصاعد التوترات التجارية العالمية يجعلان الاعتماد على الصادرات أقل جدوى للحفاظ على نمو قوي.

وجاءت المراجعة في الوقت الذي قالت فيه غرفة التجارة الأوروبية في الصين إن الرنمينبي انخفض إلى أدنى مستوى له في 10 سنوات مقابل اليورو هذا العام، على الرغم من أن دخل التجارة الضخم للصين كان من المفترض أن يعزز قيمة عملتها.

انخفضت قيمة الرنمينبي بنسبة 7.5% مقابل اليورو هذا العام.

وقال الاقتصاديون إن سعر الصرف الفعلي الحقيقي للصين - وهو متوسطه المرجح مقابل سلة أوسع من العملات - انخفض بنسبة 18% عن ذروته في مارس/آذار 2022 خلال جائحة كوفيد-19. وانخفضت الأسعار في الصين خلال تلك الفترة بسبب ضعف الطلب المحلي وفائض المعروض الصناعي.

قال ينس إسكيلوند، رئيس غرفة التجارة الأوروبية إن خفض قيمة الرنمينبي من شأنه دعم الصادرات، موضحاً أن هذا الإدراك يُسهّل على شركاء الصين التجاريين اتخاذ إجراءات انتقامية، مثل تحقيقات مكافحة الإغراق وفرض الرسوم الجمركية.

وتُجدر الإشارة إلى أن بنك الشعب الصيني يحدد سعر صرف الرنمينبي، لكن بكين تقول إنها تلتزم بمبادئ السوق وتنفي التلاعب بالعملة لأغراض سياسية.

أعلنت الصين مراراً وتكراراً عن فوائض تجارية كبيرة مع بقية العالم منذ بدء الجائحة، معتمدة على نمو الصادرات لتعويض ضعف الاقتصاد المحلي الذي يعاني من تراجع سوق العقارات.

بدلاً من بذل جهد واسع النطاق لتعزيز الطلب المحلي، أعطت بكين الأولوية للصناعة، وخاصة قطاعات التكنولوجيا المتقدمة، في إطار تنافسها مع الولايات المتحدة على التفوق الاقتصادي.

وقد رسّخ هذا التوجه ضغوطاً انكماشية. وأظهرت بيانات رسمية صدرت يوم الأربعاء انخفاض أسعار المنتجين بنسبة 2.2% في نوفمبر، وهو الشهر الثامن والثلاثون من الانكماش، بينما ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 0.7%، وهو أعلى مستوى له منذ فبراير 2024.

بينما يُعزى الفضل في زيادة حصة الصين في سوق التصدير العالمي إلى وفورات الحجم والكفاءة، يقول الاقتصاديون إن انخفاض قيمة عملتها قد لعب أيضاً دوراً قوياً.

وأوضح بنك 'إتش إس بي سي' في تقرير له أنه يمكن تلخيص القدرة التنافسية الاستثنائية للصين بدقة من خلال تحركات سعر الصرف الفعلي الحقيقي.

دعا براد سيتسر، وهو زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية، ومارك سوبيل، الرئيس الأمريكي لمركز الأبحاث OMFIF، الصين إلى السماح للرنمينبي بالارتفاع في ورقة بحثية نُشرت الشهر الماضي ، قائلين إن هذا من شأنه أن يقلل من الفوائض التجارية الحساسة جيوسياسياً ويعزز الطلب المحلي من خلال زيادة القدرة الشرائية للمستهلكين.

تُصوّر الصين نفسها كركيزة أساسية للتجارة العالمية في مواجهة حرب التعريفات الجمركية التي شنّها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.