كيف لا تؤثر التكنولوجيا الصينية في شبابها كما تؤثر في شباب العالم؟

'إنهم لا يقدمون هذا الإصدار من تيك توك إلى بقية العالم. إنهم يدركون أن التكنولوجيا تؤثر في الشباب، ويطورون نسخة محلية غنية في حين يشحنون نسخة أفيونية إلى بقية العالم'، بحسب ما قاله المدير التنفيذي لمركز التكنولوجيا الإنسانية (CHT)، تريستان هاريس، في مقابلته في برنامج 60 Minutes على قناة CBS.

'في نسختهم من تيك توك، إذا كنت أصغر من 14 عامًا، فإنهم يعرضون لك تجارب علمية يمكنك إجراؤها في المنزل، ومعروضات المتاحف، ومقاطع فيديو وطنية، ومقاطع فيديو تعليمية. ويقصرون استخدام التطبيق على أربعين دقيقة في اليوم'.

أطلقت شركة ByteDance للتكنولوجيا، التي يقع مقرها في بكين، تطبيق الفيديو القصير عام 2016 في الصين باسم دوين Douyin، وباسم تيك توك TikTok خارج البلاد في عام 2017، واندمجت مع music.ly في أغسطس 2018.

في سبتمبر 2021، بلغ عدد مستخدمي تيك توك النشطين مليار مستخدم شهريًا، حدث هذا خلال خمس سنوات فقط، ما يعد أقصر فترة انتشار مقارنة بالعديد من المنافسين.

جذب تطبيق تيك توك المجتمع الأميركي، فقد بلغ عدد المستخدمين المتفاعلين على التطبيق في الولايات المتحدة 109.5 مليون مستخدم بتاريخ أكتوبر/ تشرين الأول 2022 وفقًا لإحصائيات Statista، وهو ما يضع الولايات المتحدة في أعلى قائمة جمهور تيك توك في جميع أنحاء العالم، تليها البرازيل بـ 76.6 مليون مستخدم، وإندونيسيا بـ 69.6 مليون مستخدم، وروسيا بـ 57.2 مليون مستخدم، وفيتنام بـ 51.1 مليون مستخدم.

يعد تطبيق تيك توك واحدًا من أكثر التطبيقات التي يجري تحميلها، بأكثر من 15.54 مليون مستخدم نشط يوميًا عبر أجهزة أندرويد في جميع أنحاء العالم، و29.7 مليون مستخدم نشط يوميًا عبر أجهزة أبل بتاريخ يناير 2022، وفقًا لإحصائيات Statista.

يقول المدعي العام لولاية إنديانا، تود روكيتا: 'يعد تطبيق تيك توك تهديدًا خبيثًا وخطيرًا للمستخدمين في ولاية إنديانا من قِبل شركة صينية تعرف جيدًا الأضرار التي تلحق بالمستخدمين'.

أثار تطبيق تيك توك التوتر في أجزاء كثيرة من العالم، بما في ذلك باكستان والهند والولايات المتحدة. على سبيل المثال، حظرت الهند العديد من التطبيقات الصينية، بما في ذلك تيك توك، في يونيو/ حزيران 2020. وقالت وزارة المعلومات والتكنولوجيا في البلاد: 'هذا القرار هو خطوة متعمدة لضمان سلامة القطاع الإلكتروني وسيادته في الهند'.

وبالمثل، أوضحت هيئة الاتصالات الباكستانية (PTA) في يوليو 2021 قائلة: 'في ضوء الأحكام المتصلة بقانون منع الجرائم الإلكترونية لعام 2016، منعت الهيئة الوصول إلى تطبيق تيك توك وموقعه الإلكتروني في البلاد. وقد جرى اتخاذ الإجراء بسبب استمرار وجود محتوى غير لائق على المنصة، وإخفاقها في إزالة هذا المحتوى'.

من جانب آخر، قاد تيك توك التوجهات في الثقافة الأميركية، وأدى دورًا كبيرًا في الخطاب المدني والسياسي في جميع أنحاء العالم. لكن الملكية والتحكم في التطبيق من قِبل شركة التكنولوجيا الصينية الكبيرة، ByteDance، أثارت المخاوف، إذ إن وصول شركة صينية إلى معلومات تخص الملايين من المواطنين الأميركيين والقدرة على التأثير فيهم قد يشكل خطرًا كبيرًا على الأمن القومي للبلاد.

بهذا، دخل المسؤولون عن تطبيق تيك توك في مفاوضات مع حكومة الولايات المتحدة حول مخاطر الأمن القومي المحتملة التي تشكلها ملكية التطبيق لشركة ByteDance منذ 2020.

وازداد إلحاح هذه المخاطر عام 2022 بعد أن أظهر تقرير فوربس أن فريق ByteDance خطط لاستخدام تطبيق تيك توك لمراقبة مواقع الصحافيين الذين يعملون لصالح فوربس، وهو ما ظهر بعد تقرير آخر من فوربس اكتشف أن حسابات تيك توك التي تديرها الحكومة الصينية هاجمت السياسيين الأميركيين قبل انتخابات التجديد النصفي.

قال تقرير فوربس نقلًا عن السناتور مارك وارنر: 'هذا التطور الجديد يعزز المخاوف، ويشير إلى أن منصة وسائل التواصل الاجتماعي قد سمحت لمهندسيها والرؤساء التنفيذيين في الصين باختراق البيانات الخاصة بالمستخدمين الأميركيين، على الرغم من أن الهيئات التشريعية زعمت من قبل أن هذه البيانات محمية الخصوصية'.

كتب المستشار العام في تيك توك، إريك أندرسن، في رسالة بريد إلكتروني داخلية جرت مشاركتها مع فوربس: 'من المعتاد أن تمتلك الشركات مجموعات التدقيق الداخلي المخولة بالتحقيق في انتهاكات قواعد السلوك. إلا أننا في هذه الحالة نشير إلى إساءة استخدام الأفراد لسلطتهم للوصول إلى بيانات مستخدمي تيك توك“. ونتيجة لذلك، وقّع الرئيس جو بايدن مشروع قانون في ديسمبر/ كانون الأول 2022 يتضمن حظر تنزيل تطبيق تيك توك على الأجهزة الحكومية بسبب المخاوف المتعلقة بالأمن القومي، إذ يمكن لشركة ByteDance الصينية، التي تمتلك تيك توك، أن تستخدم المنصة للتجسس على المواطنين.

وجد مركز مكافحة الكراهية الرقمية غير الربحي (CCDH) في تقرير نُشر في ديسمبر 2022 أن مستخدمي تيك توك الجدد من المراهقين يتعرضون لمحتويات تشجع على الانتحار خلال أقل من ثلاث دقائق من إنشاء حساباتهم، وبعد خمس دقائق أخرى، تبدأ محتويات أنظمة الأكل غير الصحية في الظهور لهم. في الواقع، بلغ عدد مشاهدات محتوى طريقة الأكل غير الصحية في تيك توك أكثر من 13.2 مليار مشاهدة، وفقًا لتقرير CCDH.

قال المدعي العام لولاية إنديانا، تود روكيتا، الذي رفع قضيتين ضد تيك توك، في بيان: 'يعد تطبيق تيك توك تهديدًا خبيثًا وخطيرًا للمستخدمين في ولاية إنديانا من قِبل شركة صينية تعرف جيدًا الأضرار التي تلحق بالمستخدمين“. في هذا الصدد، لا يختلف تيك توك عن تطبيقات الوسائط الاجتماعية الأخرى، إذ أبلغت فرانسيس هوغين من قبل عن إفصاحات مماثلة تخص التأثير السيئ لإنستغرام في المراهقين.

برزت الصين ليس فقط بوصفها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، لكن أيضًا بقواعدها التي تشذ عادةً عن بقية العالم. فبينما كان الجميع يشجعون على فتح الاقتصادات بعد الجائحة، التزمت الصين بسياسة 'صفر كوفيد'، وفرضت عمليات الإغلاق والاختبارات.

وبالنمط نفسه غير المألوف، شنّت الصين حملة واسعة النطاق العام الماضي على عمالقة التكنولوجيا، بما في ذلك شركتا تنسنت وعلي بابا وغيرها.

منذ سبتمبر 2021، لم يعد يُسمح للأطفال باستخدام ألعاب الفيديو لأكثر من ثلاث ساعات في الأسبوع، ولا يُسمح لهم بأكثر من 40 دقيقة يوميًا على النسخة الصينية من تيك توك، دوين Douyin. كواحدة من النتائج المنشودة للوائح التي أثرت في قطاع الألعاب، قالت الصين إنها حلّت مشكلة إدمان ألعاب الفيديو بين الشباب، وفقًا لتقرير شارك في تأليفه مزود البيانات Gamma Data (CNG): 'انخفضت نسبة الأطفال الذين يقضون أقل من ثلاث ساعات في الأسبوع على ألعاب الفيديو بنحو 75%'.

قال هاريس: 'بسؤال مجموعة من المراهقين من الولايات المتحدة والصين عن مهنتهم التي يطمحون إليها، كانت الإجابة رقم 1 في الولايات المتحدة هي مؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي، أما الإجابة رقم 1 في الصين فكانت رائد فضاء“ بحسب فوربس.​