كيف ستنجد المساعدات العربية أهالي غزة من كماشة الإبادة الإسرائيلية؟

محمد أبو رزق - الخليج أونلاين

تواجه الدول العربية والمنظمات الإنسانية التي تنوي إرسال مساعدات إلى غزة صعوبات في إيصالها.

مع بدء عملية 'طوفان الأقصى' التي نفذتها كتائب 'القسام' الجناح العسكري لحركة 'حماس'؛ رداً على الانتهاكات الإسرائيلية، تجندت بعض الدول العربية لدعم الفلسطينيين في قطاع غزة الذين يتعرضون لإبادة جماعية من جيش الاحتلال.

وتواجه الدول العربية والمنظمات الإنسانية التي تنوي إرسال مساعدات إلى الفلسطينيين بقطاع غزة صعوبات في إيصالها، خاصة مع قصف الاحتلال معبر رفح البري، والتهديد بقصف أي شاحنة تحمل مواد غذائية أو طبية لسكان القطاع.

ويعد معبر رفح الممرَ الوحيد لقطاع غزة إلى العالم الخارجي، وهو الوحيد للغزيين الذي لا تسيطر عليه دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وقصفت طائرات إسرائيلية للمرة الثانية خلال أقل من 24 ساعة، معبر رفح البري، في حين أوردت القناة الـ12 الإسرائيلية أن الجانب المصري تلقى تحذيراً إسرائيلياً من مغبة السماح بدخول إمدادات إغاثية إلى القطاع.

واستهدف القصف المنطقة العازلة بين البوابتين المصرية والفلسطينية لمعبر رفح، مما أدى إلى وقوع أضرار بالقاعة الداخلية في الجانب الفلسطيني للمعبر، وفقاً لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي حروب إسرائيلية سابقة على غزة، لطالما لعبت مصر وقطر دوراً بارزاً في فك الحصار وإيصال مساعدات، إلا أن ذلك يبدو أكثر صعوبة في الوضع الحالي.

فقد أعلن وزير الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت، الاثنين 9 أكتوبر الجاري، فرض حصار كامل على قطاع غزة وقطع جميع الإمدادات عنه من مياه وغذاء وكهرباء ووقود، بعدما أطلقت كتائب القسام، السبت، معركة 'طوفان الأقصى' التي أدت إلى مقتل وخطف المئات من جنود جيش الاحتلال ومستوطنيه.

كما ذكرت القناة 12 العبرية، الثلاثاء 10 أكتوبر الجاري، أن الاحتلال الإسرائيلي هدد مصر بضرب أي شاحنات تحمل مساعدات وبضائع تحاول الوصول إلى قطاع غزة.

ممرات إنسانية

لا يوجد منفذ لقطاع غزة إلا من خلال معبر رفح البري مع مصر، وحاجز بيت حانون مع 'إسرائيل'، والبحر الأبيض المتوسط، وجميعها مغلقة حالياً.

وأمام حالة الإغلاق والتشديد الإسرائيلي على القطاع، دعت منظمة الصحة العالمية إلى فتح ممر إنساني إلى غزة، سيكون هو الخيار الوحيد لإدخال المساعدات العربية والدولية.

من جهتها، أكدت الأمم المتحدة، الثلاثاء (10 أكتوبر)، أن الحصار الكامل لقطاع غزة -الذي أعلنته إسرائيل- محظور بموجب القانون الدولي الإنساني.

وقال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، في بيان، إنّ 'فرض حصار يعرّض حياة المدنيين للخطر من خلال حرمانهم من السلع الأساسية للبقاء، محظور بموجب القانون الدولي الإنساني'.

وأضاف البيان أن أي قيود على حركة الأشخاص والبضائع في سبيل تنفيذ الحصار قد ترقى إلى مستوى العقاب الجماعي.

وناقش رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، الثلاثاء (10 أكتوبر)، مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، ضرورة تفعيل آليات العمل الدولي عبر الأمم المتحدة ومنظماتها في إطار خفض التصعيد وضمان وصول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى المتضررين.

من جهته، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تجري محادثات مع 'إسرائيل' ومصر بشأن توفير ممر آمن للمدنيين في غزة.

وأضاف سوليفان للصحفيين، في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض: 'نركز على هذه المسألة، وهناك مشاورات جارية، لكن تفاصيلها محل نقاش بين الوكالات التنفيذية، ولا أريد أن أعلن الكثير بشأنها علناً في الوقت الراهن'.

مساعدات عربية عاجلة

ووسط هذا الإغلاق على غزة، اتجهت دول عربية لمساعدة غزة، حيث وجّه رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد، بتقديم مساعدات عاجلة بقيمة 20 مليون دولار للشعب الفلسطيني.

وأوضحت وكالة الأنباء الإماراتية 'وام'، أن الدعم الذي وجَّه به بن زايد، الثلاثاء، سيقدم من خلال وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'الأونروا'.

كما أمر ملك البحرين، حمد آل خليفة، بتقديم مساعدات عاجلة إلى الفلسطينيين، 'وذلك في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يمر بها الأشقاء'، بحسب وكالة الأنباء البحرينية 'بنا'.

وأضافت الوكالة أن هذا الدعم 'يأتي من خلال وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في إطار مواقف البحرين ونهجها تجاه دعم الأشقاء في مختلف الظروف، ومد يد العون لهم والذي يعد من ثوابت المملكة'.

بدوره وجّه العاهل الأردني، الثلاثاء، بإرسال مساعدات إنسانية وطبية عاجلة إلى قطاع غزة عن طريق معبر رفح بالتنسيق الكامل والمسبق مع الجانب المصري.

الحكومة التونسية أعلنت من جهتها، إرسال مساعدات عاجلة إلى غزة دعماً للشعب الفلسطيني، إثر القصف الإسرائيلي العنيف والمكثف.

إلى ذلك، أعلنت الحملة الشعبية الكويتية لدعم الفلسطينيين جمع أكثر من 3.3 ملايين دولار خلال 6 ساعات من إطلاق حملة 'فزعة فلسطين'، برعاية وزارتي الخارجية والشؤون الاجتماعية.

وشمل التوجيه 'تحديد الاحتياجات المطلوبة للفلسطينيين في الضفة الغربية وتوفيرها بالسرعة الممكنة (دون ذكر آلية إيصالها)'.

كما وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإرسال قافلة مساعدات إنسانية وإغاثية إلى فلسطين، وذلك بعد ساعات قليلة من تحذير السلطات الإسرائيلية بقصف أي مساعدات توجه للقطاع.

وضمت قافلة المساعدات أطباء من جميع التخصصات وأدوية وأجهزة طبية لدعم الفلسطينيين.

نداءات دولية

بدوره، يؤكد الناطق باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'الأونروا' عدنان أبو حسنة، أن دولة الاحتلال الإسرائيلي رفضت فتح ممرات إنسانية لإدخال مساعدات إنسانية عاجلة لقطاع غزة.

ويقول أبو حسنة في حديثه لـ'الخليج أونلاين': 'الأونروا بحاجة إلى تمويل عاجل من أجل القيام بإغاثة وإعاشة النازحين الفلسطينيين بقطاع غزة في مدارسها الخاصة مع وصول عدد النازحين إلى 170 ألفاً واقترابه من 200 ألف، وهو يفوق قدرات المنظمة الدولية'.

ويبين أبو حسنة، أن 'الأونروا' ستطلق نداء طوارئ موجهاً إلى العالم كاستجابة إنسانية طارئة لما يحدث في غزة.

وحول طريقة إدخال المساعدات لغزة، يوضح أبو حسنة أن هناك اتصالات تجريها 'الأونروا' والأمين العام للأمم المتحدة تطالب بفتح ممرات إنسانية لسكان قطاع غزة، ولكن دولة الاحتلال ترفض ذلك.

ويشير إلى أن 'الأونروا' تحتاج إلى تمويل كبير، من أجل مواجهة الكارثة الكبرى والتداعيات الإنسانية الخطيرة لما يحدث في غزة من هدم وتهجير.

ويلفت إلى أنه في الأيام القادمة سينفد الوقود والمستلزمات الطبية والغذائية، وهو ما سينعكس على مناحي الحياة كافة في غزة.

وحول المساعدات التي أعلنت عنها الإمارات، يوضح أبو حسنة أن الدعم الإماراتي مرحب به، وسيتم من خلال 'الأونروا' التي لديها اتصالات متواصلة مع أبوظبي.

المساعدات الأوروبية

وفي خطوة كانت ستزيد من معاناة الفلسطينيين، علق الاتحاد الأوروبي مساعداته التنموية للفلسطينيين وقرر إعادة تقييم جميع برامجه الحالية وتأجيل ميزانيات مشاريع عام 2023 كافة حتى إشعار آخر، وسط استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، إلا أنه تراجع عن التعليق في وقت لاحقٍ الاثنين (9 أكتوبر).

وجاء التراجع بعد ساعات من إعلان المفوض الأوروبي أوليفر فارهيلي، على منصة إكس، أنهم علقوا على الفور جميع المدفوعات لفلسطين، مضيفاً أن برنامج المساعدة التنموية الذي علّقوه يبلغ 691 مليون يورو.

تمسك مصري

أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة، شدد على ضرورة أن تتمسك مصر بموقف قوي لإدخال المساعدات لقطاع غزة، بعد تهديدات جيش الاحتلال بقصف أي شاحنة مساعدات تدخل من معبر رفح.

ويؤكد نافعة في حديثه لـ'الخليج أونلاين'، أنه ليس من حق دولة الاحتلال الإسرائيلي التهديد بضرب قوافل المساعدات المصرية والعربية التي ستذهب لقطاع غزة.

ويتوقع أن يتسبب التهديد الإسرائيلي بقصف قوافل المساعدات من معبر رفح في خلافات مع مصر.

ويشير إلى أن القانون الدولي شكّل حماية لوصول قوافل المساعدات الإنسانية لمن يعيش في حرب.