اللغتان المهرية والسقطرية.. ركيزتان أصيلتان في مشروع دولة الجنوب القادمة

يأتي الاحتفاء بيوم اللغة المهرية في الثاني من أكتوبر، ليجدد التأكيد على المكانة الرفيعة التي تحتلها هذه اللغة في وجدان الجنوبيين، إلى جانب اللغة السقطرية، باعتبارهما لغتين عريقتين تخصان محافظتين من أهم محافظات الجنوب؛ المهرة وسقطرى.

هاتان المحافظتان بما تحملانه من إرث لغوي وثقافي فريد تمثلان عمقًا حضاريًا لا يمكن تجاوزه عند الحديث عن الهوية الجنوبية الجامعة.

فاللغة المهرية، بضاربة جذورها في التاريخ، واللغة السقطرية بما تحمله من مفردات وأساليب تعبيرية استثنائية، تشكلان معًا ذاكرة متجددة للجنوب، ورمزًا للتنوع الثقافي والثراء الحضاري الذي يميّز هذا الوطن.

الاعتراف بهاتين اللغتين لا يُعد مجرد تكريم للتراث، بل هو إقرار عملي بأن الجنوب القادم سيبنى على قاعدة احترام التنوع اللغوي والثقافي وتطويره.

وقد كان من أبرز مخرجات الحوار الوطني الجنوبي الذي مثّل محطة سياسية وتاريخية فارقة، التأكيد على منح اللغة المهرية واللغة السقطرية اهتمامًا خاصًا من حيث التأصيل والتوثيق.

يُضاف إلى ذلك إدخال اللغتين ضمن المناهج التعليمية بما يضمن نقلهما إلى الأجيال القادمة.

كما نصّت التوصيات على اعتماد اللغتين لغة رسمية ثانية في نطاق إقليميهما ضمن دولة الجنوب القادمة، باعتبار ذلك جزءًا من العدالة الثقافية وضمانًا لحقوق أبناء المهرة وسقطرى في الحفاظ على هويتهم الأصيلة.

هذا التوجه يعكس وعيًا جنوبيًا متقدمًا بأن التنمية الشاملة لا تنفصل عن التنمية الثقافية، وأن بناء الدولة العادلة لا يتحقق دون الاعتراف بكل مكونات الهوية.

فالمهرية والسقطرية ليستا لغتين محليتين فقط، بل هما رصيد وطني يوثق حضارة الجنوب ويعزز وحدته من خلال احترام خصوصيات مناطقه.

إحياء يوم اللغة المهرية هذا العام لا يقتصر على الاحتفاء بلسان قديم صمد أمام الزمن، بل هو أيضًا إعلان التزام بتعهدات سياسية راسخة، تؤكد أن الجنوب القادم سيحمل كل لغاته ولهجاته إلى المستقبل، باعتبارها جسورًا للتواصل، وعناوين للهوية، وأعمدة راسخة لدولة الجنوب الفيدرالية المنشودة.