البحر الأحمر.. وجهة صيفية فريدة

في نقطة التقاء الجغرافيا والتاريخ، يقف البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية كصفحة مفتوحة من كتاب الطبيعة، لم تُقلب بَعْدُ كما يجب. على الساحل الغربي للمملكة، يمتد هذا البحر العميق بألوانه المتدرجة بين الأزرق النيلي والفيروزي، محاطًا بأرخبيلات من الجزر البكر، وسواحل لم تمسسها يد الإنسان إلا برفق!، بحسب زهرة الخليج.

عالم تحت الماء

ليس البحر الأحمر مجرد شاطئٍ هادئ، أو مساحة مفتوحة للسباحة؛ فهو أشبه بمتحف طبيعي مفتوح، تنقلك مياهه الصافية إلى عوالم تحت الماء تتقاطع فيها الشعاب المرجانية مع أسراب الأسماك الملونة، وتنبض بالحياة مخلوقات بحرية، تندر رؤيتها في أماكن أخرى. ولا غرابة في ذلك، فهذه المياه تُعد موطناً لنحو 300 نوع من الشعاب المرجانية، وما يزيد على 1200 نوع من الأسماك، 10% منها لا توجد إلا هنا. في البحر الأحمر، تتجلى الطبيعة بأبهى صورها، دون حاجة إلى أي تدخل. إن هذا الامتداد المائي الساحر يظل واحداً من أعظم الكنوز البيئية في العالم، حيث تلتقي الشعاب المرجانية النادرة بالحياة البحرية المتنوعة، وتحتضن السواحل مساحات شاسعة من الصفاء، الذي لا يعكره ازدحام. هنا، نشأت مشاريع سياحية متقنة على رأسها مشروع البحر الأحمر، الذي يعد أحد أكثر مشاريع السياحة المتجددة طموحاً، وتدعمه فلسفة احترام المكان لا غزوه، حيث تفرض الطبيعة إيقاعها، وتدعوك إلى اكتشافها بشروطها؛ لتكون ضيفاً متأملاً لجمال ظل لقرون بعيداً عن الأعين.

بين البحر.. والصحراء

لا تبدأ الحكاية في البحر الأحمر من البحر ذاته فقط، بل من تنوع الجغرافيا التي تحيط به. من جهة، هناك الجبال الشاهقة، التي تعكس تغير التضاريس من الرمل إلى الصخر. ومن جهة أخرى الأودية العميقة، التي تنحتها السيول، فتصنع مسارات طبيعية للمشي والمغامرة. وما بين البحر والصحراء، يكتشف الزائرون صورة السعودية، التي لم يتخيلوها؛ بلاد ذات وجوه عدة، وطبيعة تشكل فسيفساء من المشاهد. إن البحر الأحمر، هنا، ليس وجهة صيفية للهروب من حر الصيف فحسب، بل مساحة للعافية والتأمل. فالحرارة التي تلامس الـ33 درجة مئوية صيفاً، تبقى مقبولة بفعل نسيم البحر الدائم، والرطوبة المنخفضة، ما يجعل التجربة مريحة حتى في أشد أشهر السنة حرارة.

ولأن البحر الأحمر لا يُروى في نص واحد، فقد تعددت خيارات الإقامة، بين الجزر والمنتجعات الصحراوية. وليس الهدف من المنتجعات، هنا، أن تكون مجرد مأوى فاخر، بل جزءاً من تجربة أصيلة، تنقل الضيوف إلى قلب الطبيعة؛ ما يجعل كل منتجع أشبه بقصة تُروى عن المكان وأهله، وليس مجرد فندق فاخر، مغلق الجدران. في تلك البقعة من العالم، يستطيع السائح أن يبدأ يومه بجلسة يوغا أمام شروق الشمس على الكثبان الرملية، ثم ينتقل إلى مغامرة غوص تفتح أمامه كتاب البحر بكل فصوله؛ لينهي يومه بجلسة تأمل تحت سماء لا تشوبها أضواء المدن، حيث يمكن للنجوم أن تحكي قصصاً ظلت مختبئة. هذه الوجهة، أيضاً، صديقة للعائلات، حيث تتنوع الأنشطة بين استكشاف الطبيعة، والاطلاع على التراث المحلي، والمشاركة في برامج تعليمية للأطفال، تزرع فيهم احترام البيئة. أما العائلات، التي تبحث عن الراحة والاستجمام، فستجد في أماكن «سبا» البحر الأحمر المتعددة، وتجارب الطعام الراقية، ما يكفي لتدليل الحواس. ويتميز البحر الأحمر، اليوم، بأن الوصول إليه لم يعد مغامرة، بل رحلة سهلة مع افتتاح مطار البحر الأحمر الدولي، الذي يربط الوجهة بمدن خليجية عدة، بينها دبي؛ ليصبح الحلم أقرب من أي وقت مضى.

خمس محطات فاخرة للعائلات في البحر الأحمر

لأولئك الذين يخططون لرحلات عائلية.. اخترنا خمسة من أبرز الفنادق والمنتجعات، التي تقدم تجارب متكاملة، تلائم الصغار والكبار:

1. منتجع سانت ريجيس البحر الأحمر: وجهة فاخرة تجمع بين الأناقة الكلاسيكية، والدفء العائلي. يقدم «المنتجع» خدمات المضيف الشخصي، وتجارب «السبا»، إلى جانب أنشطة مخصصة للأطفال تجعل كل لحظة فرصة لاكتشاف جديد. ميزة إضافية: الأطفال دون الـ12 سنة، سيستمتعون بوجبات مجانية، وسيشاركون في الأنشطة دون رسوم إضافية.

2. «نجوما» محمية ريتز كارلتون: تقع على جزيرة «أمحات» الخاصة، حيث الفيلات العائمة فوق المياه الكريستالية. وبجانب الرحلات البحرية وجلسات الفلك، يوفر «المنتجع» سبا للعافية الشاملة. والأطفال، هنا، يستمتعون بوجبات مجانية، وأنشطة منتقاة ترافق تجربة الأهل.

3. منتجع شبرا: لعشاق التصميم العصري والاستدامة، يقدم «المنتجع» تجربة تعتمد على الطاقة الشمسية، مع فيلات فوق الماء، وعلى الشاطئ. «المنتجع» مناسب للعائلات، التي تبحث عن الطبيعة والهدوء، مع أنشطة شاطئية، واستكشاف الجزر.

4. منتجع «سيكس سينسز» الكثبان الجنوبية: إذا كانت العائلة تبحث عن مزيج من الرفاهية والتعلم البيئي، فإن «سيكس سينسز» العنوان الأمثل. مع ورش بيئية للأطفال في «Earth Lab»، وعلاجات «سبا» مستوحاة من الصحراء، وتجارب يوغا، وعلاج صوتي، يضمن «المنتجع» عطلة ثرية وهادئة في الوقت نفسه.

5. منتجع «ديزرت روك»: للراغبين في تجربة مختلفة وسط الطبيعة الجبلية، يقدم «المنتجع» فيلات محفورة في الصخور، مع أنشطة، مثل: المشي في الطبيعة، ورحلات النجوم، وجلسات السرد القصصي. وهنا سيستمتع الأطفال بطعام مجاني، ومجموعة من الأنشطة اليومية.

أقرب مما تظن

المفارقة أن هذا المكان، الذي يبدو بعيداً، أصبح أكثر قرباً من أي وقت مضى؛ فرحلات الطيران المباشرة إلى مطار البحر الأحمر الدولي (RSI) تجعل الوصول إلى هذه العوالم المخفية يستغرق بضع ساعات فقط، وليس مغامرة شاقة.

ربما لا تزال مناطق البحر الأحمر تكتب أول فصولها كوجهة سياحية معاصرة، لكنها بلا شك تملك ما يكفي من التاريخ والطبيعة والحلم؛ لتروي كل الحكاية.. ومن يعرف كيف يُصغي، سيجد في البحر الأحمر مرآة يرى من خلالها العالم.. كما لم يعرفه من قبل!