اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ١٩ أيار ٢٠٢٥
النجاحات المتواصلة والطموحات الكبيرة قد تكون علامات على شخصية قوية ومنضبطة، إلا أن خلف هذه الصورة قد تختبئ أحيانًا شخصية مرهفة، تمتلك رؤى غير واقعية، وبينما تسعى إلى الكمال وتضع المعايير المستحيلة، يحاصرها خوف شديد من الفشل، بينما تفتقد المرونة في مواجهة الظروف المختلفة، فتتوتر وتوجه النقد الشديد للذات، إذا لم تسِر الأمور كما خطّطت لها، بحسب الرجل.
كل ما سبق يمكننا جمعه تحت عنوان سمات الشخصية الكمالية، إلا أن الأمور لا تتوقّف عند حدود التوتر والقلق، حيث تمتد التبعات لتشكل عبئًا جسديًا على صاحبها، وربما ترتبط بمتلازمةالقولون العصبي، فما العلاقة بين القولون العصبي والشخصية الكمالية؟ وكيف يمكن التعامل مع هذه المتلازمة؟
القولون العصبي: أسبابه وأعراضه الشائعة
متلازمة القولون العصبي هي مجموعة من أعراض القولون التي تحدث معًا، وقد تضمُّ:
ولا يُوجَد سبب مُحدّد معروف لمتلازمة القولون العصبي، ولكن يعتقد الباحثون أنّه قد ينجم عن خلل في الاتصال بين الأمعاء والدماغ، بما قد يُسبِّب:
كذلك قد تُحفِّز بعض العوامل، التي قد تختلف من شخصٍ لآخر، أعراض القولون العصبي، مثل:
العلاقة النفسية بين التوتر والقولون العصبي
قد تعصف العواطف الشديدة بالقولون، مثل التوتر أو القلق أو حتى الاكتئاب؛ إذ تؤدي إلى تحفيز مواد كيميائية في الدماغ تنشّط إشارات الألم في الأمعاء، ما يُؤدِّي إلى تفاعل القولون معها وحدوث أعراض القولون العصبي، حسب 'Webmd'.
كذلك فإنّمستويات التوترالعالية مرتبطة بتغيُّرات في الجهاز الهضمي، مثل:
وحسب مراجعةٍ نشرت عام 2021 في دورية 'Annual Review of Medicine'، فإنّ التوتر المرتفع قد يغيِّر طريقة تواصل الدماغ والأمعاء معًا، بما قد يزيد فُرص المعاناة من بعض الأعراض، مثل:
وقد ذكرالدكتور إدوارد بانشارد، أستاذ علم النفس في جامعة ولاية نيويورك، أنّ نحو 60% من مرضى القولون العصبي يستوفون واحدًا أو أكثر من معايير الاضطرابات النفسية.
من هي الشخصية الكمالية؟ وكيف تتصرف؟
هي شخصية تسعى إلى الكمال، تمتلك معايير شخصية عالية جدًّا، وهي شديدة الانتقاد في تقييم نفسها، فهي شخصية تُصرّ على الكمال وبلوغ المثالية فيما تفعله، ولا تقبل ما هو أقلّ من ذلك.
كما تكون توقّعات صاحب هذه الشخصية مثالية غير واقعية، وكُلّما كان مرتبطًا بتلك التوقعات، كان صعبًا عليه قبول الواقع، خاصةً في الأوقات التي يرتكب فيها أخطاء، أو عندما لا تسير الأمور كما خطّط لها.
وفيما يلي بعض أهم صفات الشخصية الكمالية:
1. التفكير بطريقة 'الكل أو لا شيء':
التفكير بطريقة 'الكل أو لا شيء' من أبرز صفات الكماليين، مثل أصحاب الإنجازات الكبيرة، وفي حين أنّ الشخص الطبيعي يشعر بالرضا عندما يعلم أنّه قد بذل قصارى جهده وحقق هدفًا ما وإن لم يبلغ كل المطلوب، فإنّ الشخص الكمالي لن يقبل بأقل من الكمال، وما هو أقلّ من ذلك هو فشل بالنسبة له.
2. شديد النقد:
يميل الشخص الكمالي إلى أن يكون كثير الانتقاد لا لنفسه فحسب، بل للآخرين أيضًا، فالكماليّ غالبًا ما يسلِّط الضوء على الأخطاء والعيوب بدلًا من دعم الآخرين.
3. التوقّعات غير الواقعية:
من الطبيعي أن تكون توقّعات الشخصية الكمالية غير واقعية، فغالبًا ما يضع أهدافه الأوّلية بعيدًا عن متناوله، وهذا قد يزيد توتره بشأن عدم بلوغ ما يرِيد، رغم أنّ ما يطلبه قد يكون غير واقعي، بل يحتاج إلى أن يبدأ بهدفٍ أصغر، ثُمّ يتدرّج، وقد يصل أو لا يصل إلى ما يرِيده بنهاية المطاف.
4. التركيز فقط على النتائج:
لا يرى صاحب الشخصية الكمالية إلّا الهدف الفعلي نفسه، في حين قد يستمتع غيره بما يفعله في مطاردة أهدافه، لكن يصير الشخص الكماليّ أسِيرًا لرغبته في تحقيق الهدف وتجنُّب الفشل، لدرجة أنّه لا يستمتع بنموّه الشخصي والسعي الدؤوب الذي يفعله.
5. التسويف:
صفة عجيبة بالنسبة مقارنة بما سبق.. أليس كذلك؟!
نعم، المثاليّ أكثر عُرضةً للمماطلة والتسويف فيما يفعل، بما قد يضرّ إنتاجيته، خاصةً مع سعيه للكمال وعدم قدرته على التكيّف مع بيئته، وغالبًا ما يكون السبب في التسويف هو الخوف من الفشل، فقد يكون شديد القلق بشأن القيام بشيءٍ غير كامل من وجهة نظره، لدرجة ألّا يقوم بأي شيء خوفًا من الفشل!
العلاقة بين الكمالية واضطرابات الجهاز الهضمي
حسب بحثٍ نشر عام 2007 في 'BMJ Journals'، فإنّ الأشخاص المُصابِين بالقولون العصبي أكثر ميلًا لامتلاك ميولٍ مثالية، كما أنّ لديهم توقّعات غير واقعية لأنفسهم.
ويُعدّ التوتر هو الرابط بين الشخصية الكمالية ومتلازمة القولون العصبي، فالدماغ والأمعاء مترابطان بشدّة، وقد يؤدي التوتر إلى اضطراب التواصل بين الدماغ والأمعاء، مما يُؤدِّي إلى ظهور أعراض القولون العصبي.
وقد تتحوّل الأعراض نفسها إلى مصدر للتوتر، بما قد يُعطِّل الشخص المثاليّ من بلوغ المعايير التي يتوقّعها من نفسه، فهو لا يقبل بالتراجع خطوة إلى الوراء أو الاكتفاء بما قد حقّقه بالفعل، ومِنْ ثَمّ قد يظلّ أسيرًا لهذه الحلقة المفرغة؛ إذ تدفعه شخصيته إلى تجاوز حدوده، مما يضع جسمه وعقله في حالة من الإرهاق المستمر.
الشخصية الكمالية والعُزلة الاجتماعية
ليت الأمر يتوقّف فقط على معاييرٍ مثالية، بل تتعلّق الكمالية أيضًا بالخوف من الفشل والرفض، وحتى القلق من رؤية الآخرين للعيوب أو الأخطاء والتعرّض لانتقادٍ إزاء ذلك.
وهذا ما قد يجعل المرء يتجنّب بعض الأنشطة أو التواصل الاجتماعي مع الآخرين؛ خشية ظهور أعراض القولون العصبي، كما قد يختار فرد آخر قضاء وقتٍ إضافي في التأكّد من خلوّ عمله من أخطاء، حتى إذا كان قد فحصه مسبقًا بالفعل!
وفي كلتا الحالتين، فإنّ تجنُّب الناس أو ترك القليل من الوقت للأشياء التي تهمّك، قد يؤدي إلى غياب حقيقي لأي منفذ للتوتر، بالإضافة إلى العُزلة الاجتماعية.
وحسب دراسة نشرت عام 2007 في دورية 'Psychiatry'، فإنّ انخفاض الدعم الاجتماعي الذي يحصل عليه الشخص، مرتبط بزيادة التوتر وانخفاض القدرة على التأقلم معه، ما قد يفاقِم القولون العصبي ويزيده سوءًا فوق ما هو عليه!
نصائح للتعامل مع القولون العصبي
بدايةً ينبغي معرفة كيف يتعامل المرء مع نفسه إن كان من أصحاب الشخصية الكماليّة، وفيما يلي بعض النصائح التي تساعد على ذلك:
وهذا قد يساعد على تهدئة القلق المُصاحِب لطبع الشخصية الكمالية، مثلما يساهم في تخفيف أعراض القولون العصبي،كما يُنصَح أيضًا في هذا السياق بما يلي لتخفيف التوتر:
كذلك ينبغي تجنُّب الأطعمة التي قد تزيد أعراض القولون العصبي لديك، كما قد يساعد تناولالبروبيوتيكأو التزامالنظام الغذائي قليل الفودمابفي التمتّع بصحةٍ أفضل لجهازك الهضمي.