اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٢١ أيلول ٢٠٢٥
واشنطن- نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرًا أعدته كاثرين بورتر تساءلت فيه عن المقترح الفلسطيني الفرنسي، وإن كان سيغيّر 75 عامًا من الدبلوماسية الفاشلة.
فقد حشد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون 142 دولة حول خطة طريق لحل الدولتين بعد نهاية غزة، ولكن ما هو ناقص في قائمة الدول هي أمريكا وإسرائيل.
وأعلن ماكرون أنه سيعترف رسميًا بدولة فلسطينية مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، كجزء من حملة دبلوماسية واسعة النطاق قادها في محاولة لإنقاذ حل الدولتين مع إسرائيل الذي يتلاشى بشكل سريع.
وتهدف الخطة، التي نوقشت مع السعوديين على مدى الأشهر الستة الماضية، إلى توفير خارطة طريق لإعادة إعمار غزة وضمان السلام بعد انتهاء الحرب هناك، التي تقترب من دخول عامها الثالث. وقد حظيت بدعم 142 دولة.
ومنذ أن أعلن ماكرون، في تموز/ يوليو، أنه سيعترف بفلسطين، حذت أكثر من ست دول حذوه، بما في ذلك كندا وبريطانيا، التي من المتوقع أن يعلن رئيس وزرائها كير ستارمر الأحد عن اعترافه بالدولة الفلسطينية. أما بقية الدول فستعلن عن الاعتراف يوم الإثنين، خلال افتتاح جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وتعلق الصحيفة بأن أشد مؤيدي الخطة في الدائرة المقربة لماكرون يقرون بأنها تفتقد العنصر الأساسي: أي تلميح إلى دعم إسرائيل أو الولايات المتحدة لها. وهذا ما جعل جهود ماكرون تبدو وكأنها تضاف إلى أكثر من 75 عامًا من الدبلوماسية الفاشلة، منذ أن دعت الأمم المتحدة عام 1947 لأول مرة إلى إنشاء دولة عربية إلى جانب دولة يهودية.
ومع ذلك، يصر ماكرون وفريقه الدبلوماسي على أن الدبلوماسية تستحق هذا الجهد، حتى لو اعتبرها آخرون ضربًا من الخيال، مهما كانت حسنة النية.
ونقلت الصحيفة عن آرون ديفيد ميلر، الزميل البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي قوله: “إن العناصر اللازمة لاختبار إمكانية حل الدولتين غير موجودة ببساطة”. وأضاف ميلر، الذي كان مستشارًا سابقًا لوزراء الخارجية الأمريكيين في المفاوضات العربية الإسرائيلية: “ليس لدي أي اعتراض على العناصر الجوهرية لما يستعد السعوديون والفرنسيون القيام به”، و”لكن هذا منفصل تمامًا عن الواقع الحالي”.
ويشمل هذا الواقع الهجوم البري الذي شنته القوات الإسرائيلية على وسط مدينة غزة هذا الأسبوع، والذي أدى بالفعل إلى نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين، وإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرًا أنه “لن تكون هناك دولة فلسطينية”، وإدانة شاملة من إدارة ترامب، التي عملت خلف الكواليس للضغط على الحلفاء لعدم الموافقة على الخطة.
وكان ماركو روبيو قد استبعد الفكرة أثناء زيارته لإسرائيل، معتبرًا إياها رمزية وتجعل “حماس أكثر جرأة”، وحذّر من أن الدفع باتجاه دولة فلسطينية قد يدفع إسرائيل إلى رد فعل، في إشارة إلى ضم الضفة الغربية، وتصريحات الوزراء المتطرفين في الحكومة.
ويرى ماكرون وفريقه أن هذا التراجع مؤشر على شعور كل من إسرائيل والولايات المتحدة بضغط متزايد من العزلة الدولية. ومنذ البداية قال ماكرون إن الالتزام السياسي القوي بإقامة دولة فلسطينية هو وحده الكفيل بفتح الطريق أمام سلام قائم على دولتين، وإقناع “حماس” بإلقاء سلاحها، ودفع المنطقة نحو الاستقرار في نهاية المطاف.
ويرتبط اعترافه بدولة فلسطينية ارتباطًا وثيقًا بخطة “اليوم التالي” المكونة من 42 نقطة، والتي تم صياغتها مع السعوديين، والتي تحدد “خطوات ملموسة ومحددة زمنيًا ولا رجعة فيها” نحو حل الدولتين بمجرد إعلان وقف إطلاق النار. وتمت الموافقة على الخطة، المعروفة أيضًا باسم “إعلان نيويورك”، بموافقة 142 دولة في الجمعية العامة هذا الشهر.
وتشمل خطواتها العملية إنشاء “لجنة إدارية انتقالية” للإشراف على الحكم، وإنشاء قوة استقرار تحت رعاية الأمم المتحدة لتوفير الأمن. وقال دبلوماسيون فرنسيون إنه لا يزال يتعين تحديد تفاصيل الدول التي ستشارك بقوات. كما أدان القرار هجوم “حماس” في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وكذلك التهجير القسري للفلسطينيين، ودعا إلى إطلاق سراح جميع الأسرى المتبقين لدى “حماس”. كما يطالب “حماس” “بإنهاء حكمها في غزة وتسليم سلاحها”.
ويعتبر فريق ماكرون الوثيقة إنجازًا، نظرًا لتوقيع العديد من الدول العربية والشرق أوسطية على الوثيقة، بمن في ذلك حلفاء تقليديون لـ “حماس”. ولكن، على غرار الخطة التي قادها ماكرون مع “تحالف الراغبين” لتأمين سلام محتمل في أوكرانيا، تعتمد خطة اليوم التالي لغزة على مشاركة الولايات المتحدة. وتتطلب موافقة من الحكومة الإسرائيلية المتحدية ومن “حماس”، التي رفضت حتى الآن نزع سلاحها.
وتمت صياغة الخطة على أساس أن الولايات المتحدة وحدها هي التي تملك النفوذ لوقف الحرب، نظرًا لاعتماد إسرائيل على الأسلحة الأمريكية، كما قالت ريم ممتاز، رئيسة تحرير مدونة “أوروبا الإستراتيجية” التي تديرها مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي. وقالت ممتاز، الخبيرة في السياسة الخارجية الفرنسية: “تقدم فرنسا والمملكة العربية السعودية أكبر قدر ممكن من المساعدة الملموسة والبناءة لتمكين الرئيس ترامب من تحقيق السلام الذي وعد به، وكذلك التطبيع الإقليمي”.
مع أنها تعتقد أن واقعية الخطة هي نقطة قوتها، إلا أنها ترى فيها أيضًا “أكبر نقاط ضعفها، لأن أمريكا غير مشاركة فيها”. وقال ميلر، مفاوض السلام السابق، إن الفرنسيين والسعوديين “لا يفهمون ترامب بشكل صحيح”، مضيفًا أن “العنصر المفقود هو قدرة ترامب وإرادته ورغبته في مواجهة بنيامين نتنياهو”، و”لم أرَ خلال الأشهر التسعة الماضية ما يشير إلى أن ترامب مستعد للضغط على إسرائيل في ما يتعلق بغزة وحماس”.
وتقول الصحيفة إن دعم حل الدولتين ظل، ولعقود، السياسة الرسمية للولايات المتحدة. لكن الحكومات الأمريكية المتعاقبة اعتقدت أيضًا أن الدولة الفلسطينية يجب أن تتحقق بعد تسوية مفاوضات السلام الكاملة بين إسرائيل والفلسطينيين، وليس من خلال إعلانات أحادية الجانب أو قرارات الأمم المتحدة. وفي العام الماضي، منعت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي من المضي قدمًا في مسعى فلسطيني للاعتراف به كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة. وأوضحت ليندا توماس غرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة آنذاك، أن “الفلسطينيين لا يسيطرون على جزء كبير مما يفترض أن يكون دولتهم. إنها تحت سيطرة منظمة إرهابية”، في إشارة إلى “حماس”.
ولطالما دعمت الأمم المتحدة فكرة الدولة الفلسطينية، وقد عززت هذه الفكرة مفاوضات السلام على مدى عقود. وضعت اتفاقيات أوسلو، الموقعة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، جدولًا زمنيًا لتقرير المصير الفلسطيني.
وقال ماكس رودينبيك، مدير مشروع إسرائيل وفلسطين في مجموعة الأزمات الدولية في لندن، إن الاعتراف بدولة فلسطينية قبل انتهاء عملية السلام يقلب النمط التقليدي، معلقًا: “المشكلة على الأرض، الدولة الفعلية التي يتحدث عنها الناس تتقلص كل دقيقة”، و”منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر في الضفة الغربية وحدها، بلغت مساحة الأراضي الجديدة التي استولى عليها المستوطنون الإسرائيليون حوالي ثلاثة أضعاف مساحة غزة”.
وقد اعترفت أكثر من 140 دولة حول العالم بدولة فلسطينية، بما في ذلك إسبانيا وأيرلندا والنرويج، التي فعلت ذلك العام الماضي. لكن ما يميز فرنسا هو ارتباطها العاطفي والتاريخي بإسرائيل، بالإضافة إلى مكانتها الدبلوماسية. وتعد فرنسا موطنًا لأكبر عدد من السكان اليهود والمسلمين في أوروبا الغربية، وهي القوة النووية الوحيدة والعضو الدائم الوحيد في مجلس الأمن في الاتحاد الأوروبي.
وأضافت ممتاز أن رمزية اعتراف فرنسا بفلسطين كانت مهمة للدول العربية، حيث منحت ماكرون بعض النفوذ للحصول على التزامات منها. ومع ذلك، فحتى من يدعمون الخطة يدركون أن احتمالات نجاحها بعيدة. وعلق جيرار أرو، السفير الفرنسي السابق لدى إسرائيل والولايات المتحدة والأمم المتحدة: “إنها بادرة يأس”، و”نحن نسير نحو كارثة، ونحاول منعها”.
