اخبار اليمن
موقع كل يوم -الثورة نت
نشر بتاريخ: ٢٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥
الثورة /متابعات
“أم جهاد”، أم لأربعة أطفال، تساعد زوجها في انتشال المياه التي أغرقت خيمتهم التي نزحوا إليها وسط قطاع غزة، بعد تدمير منزل العائلة في حي التفاح شرق مدينة غزة، بينما يرتجف أطفالها من البرد نتيجة تعرضهم للأمطار بشكل مباشر، ما أدى لتبللها بالكامل وبدلاً من أن تكون وسيلة للتدفئة أضحت كقطعة الثلج التي تغطي أجساد الأطفال المرتجفة.
هذا مشهد من آلاف المشاهد التي يمكن العثور عليها بشكل سريع مع تصفح أي من مواقع التواصل الاجتماعي، أو من خلال المرور في أي حارة أو شارع أو زقاق أو مخيم في قطاع غزة الذي يستقبل موسم الشتاء بخوف وقلق شديد على عكس ما كان عليه الحال قبل حرب الإبادة التي تركت غزة في حالة دمار وخراب غير مسبوقة.
فمع بداية المنخفضات الجوية الأولى هذا الشتاء، تتكشف من جديد ملامح المأساة الإنسانية التي يعيشها سكان قطاع غزة، ولا سيما آلاف العائلات التي وجدت نفسها محاصرة داخل خيام لا تقوى على صدّ الرياح ولا تمنع تسرب مياه الأمطار.
وفي ظل البرد القارس، تتحول الخيام الهشة إلى مستنقعات من الطين، والمساكن المتضررة إلى ما يشبه الصناديق المخترقة، ويجد الأطفال والنساء وكبار السن أنفسهم في مواجهة مباشرة مع الظروف المناخية القاسية، دون توفر الحد الأدنى من مقومات الحماية أو البنية التحتية الأساسية.
وبينما تتساقط الأمطار بغزارة ويشتد المنخفض الجوي، تتفاقم المعاناة اليومية للنازحين الذين فقدوا منازلهم ومصادر رزقهم، في ظل نقص حاد في المأوى الملائم، وغياب الخدمات الصحية، وشحّ في الغذاء والمياه النظيفة.
ويبرز هذا الواقع كإنذار إضافي بحجم الأزمة الإنسانية التي تحتاج إلى تدخل عاجل، يضمن توفير بدائل آمنة وكريمة للعيش، ويخفف من وطأة الظروف المناخية على الفئات الأكثر هشاشة.
إعلان حرب.. خيام مهترئة وطين
الخيام المنتشرة في مناطق النزوح أشبه بملاذات مؤقتة غير صالحة للسكن، مصنوعة من قماش مهترئ لا يحمي من تقلبات الطقس ولا أمطار الشتاء، وتغيب البنية التحتية بالكامل؛ فلا كهرباء، ولا مياه نظيفة، ولا مرافق صحية كافية، في حين تتكدس العائلات في مساحات ضيقة تفتقر للخصوصية والسلامة.
ومع أول هطول للأمطار، يتحول الطين إلى بيئة غير صالحة للعيش، وتتسرب المياه إلى داخل الخيام لتبتل الأفرشة والبطانيات القليلة، في حين تصبح الليالي الباردة معاناة مضاعفة، يقضي خلالها النازحون ساعات طويلة في محاولة تجفيف ما يمكن أو رفع متاعهم عن الأرض المبتلة دون جدوى. وكل مرة تشتد فيها الأمطار، يخشى السكان انهيار الخيمة أو غمرها بالمياه، ما يجعل النوم رفاهية نادرة.
ويزداد الضغط النفسي على الأسر بسبب غياب البدائل الآمنة، في ظل حالة ترقب دائم لأي تغيّر في الطقس، في حين يعمل أفرادها على تثبيت أعمدة الخيام المهترئة بقطع قماش وحبال بسيطة. ومع شروق الشمس، تبدأ معركة جديدة لتنظيف الخيام وتجفيفها، لا تقل قسوة عن المعاناة خلال الليل.
الصحفي الفلسطيني محمد قاعود، قال في منشور له على موقع “فيس بوك”، إن المنخفض في غزة ليس حالة طقس، المنخفض إعلان حرب جديدة، ويعني أن تُصفع الخيام بالمطر كأن الحرب تستكمل ما بدأته الطائرات، ويعني أن تُركل العائلات خارج زاوية الدفء الوحيدة التي صنعتها من بقايا النايلون والكرتون، ويعني أن يمشي الناس في الطين وكأنهم يعبرون سجلاً آخر للجراح المفتوحة.
ويرى “قاعود” المنخفض الجوي في غزة امتحان جديد لأناس لم يتبقَّ فيهم شيء قابل للامتحان.













































