اخبار اليمن
موقع كل يوم -الأمناء نت
نشر بتاريخ: ٢٨ أيلول ٢٠٢٥
دعت المملكة العربية السعودية، مساء السبت المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الكاملة لوقف المأساة الإنسانية التي تتفاقم في قطاع غزة، مطالبة بضرورة اتخاذ إجراءات دولية حاسمة لوقف 'إجرام إسرائيل وردعها'.
جاءت هذه الدعوة القوية والواضحة في كلمة السعودية التي ألقاها وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لتؤكد مركزية القضية الفلسطينية في السياسة الخارجية للمملكة وتعبيرها عن قلق إقليمي وعالمي متصاعد إزاء استمرار الانتهاكات الإسرائيلية.
وأكد الوزير السعودي أن 'ما يحدث في قطاع غزة تم تصنيفه رسميا بالمجاعة في ظل ممارسات وحشية تمارسها إسرائيل دون رادع'.
وأوضح أن 'المعاناة التي يشهدها الشعب الفلسطيني والأزمة في غزة وممارسات إسرائيل تتنافى مع الميثاق والمبادئ والقانون الدولي الإنساني'.
ودعا الأمير فيصل بن فرحان المجتمع الدولي إلى 'تحمّل مسؤولياته لوقف المأساة في قطاع غزة'، مشددا على أن 'تقاعس المجتمع الدولي عن اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية لن يسهم إلا في زعزعة الأمن والاستقرار إقليميا وعالميا'.
ويمثل هذا الربط الاستراتيجي بين استقرار المنطقة بأسرها والأمن العالمي بالوضع في غزة تحليلا متعمقا من الرياض، مفاده أن استمرار الأزمة بفعل 'إجرام إسرائيل' هو فتيل تفجير أوسع نطاقا.
وتستند هذه التحذيرات إلى الحقائق الميدانية، حيث تواصل إسرائيل، منذ السابع من أكتوبر 2023، ارتكاب إبادة جماعية خلفت عشرات الآلاف من القتلى والمصابين، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى مجاعة أزهقت أرواح مئات الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال.
كما تغلق إسرائيل منذ 2 مارس الماضي، جميع المعابر المؤدية إلى غزة مانعة أي مواد غذائية أو مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده.
وتسمح إسرائيل أحيانا بدخول مساعدات محدودة جدا لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المجوعين ولا تنهي المجاعة، لا سيما مع تعرض معظم الشاحنات للسطو من عصابات تقول حكومة غزة إن إسرائيل تحميها.
وشدد الوزير السعودي على أن 'آن الأوان لإيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية'، مبينا أن المملكة ستواصل جهودها الحثيثة للوصول إلى تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة.
ولا تقف الرؤية السعودية عند حدود المطالبة بوقف الحرب، بل تتجاوزها إلى طرح مسار تنفيذي واضح للسلام الشامل، حيث أعلنت المملكة عن مبادرتها بالتعاون مع النرويج والاتحاد الأوروبي لإطلاق 'التحالف الدولي لحل الدولتين'.
ويمثل هذا التحالف خطوة عملية لإخراج حل الدولتين من إطار التصريحات النظرية إلى مسار عملي، وهو ما يعزز مصداقية الموقف السعودي في البحث عن استقرار طويل الأمد.
ورحبت المملكة بالعدد المتزايد من الدول التي اعترفت بدولة فلسطين في الفترة الأخيرة، معتبرة إياها خطوة مهمة نحو تكريس حل الدولتين وترسيخ السلام.
وارتفع إجمالي الدول المعترفة بفلسطين إلى 159 دولة بعد اعتراف 11 بلدا جديدا مؤخراً على هامش اجتماعات الجمعية العامة، مما يشير إلى تحول تدريجي في الموقف الدولي يتماشى مع الرؤية السعودية لحل الصراع.
طالب الأمير فيصل مجلس الأمن الدولي بضرورة دعم مسار حل الدولتين، مؤكدا أن هذا الحل هو السبيل الوحيد لإرساء الأمن.
ولم تقتصر المطالب السعودية على القضية الفلسطينية، بل امتدت لتشمل قضايا الاستقرار الإقليمي الأوسع، حيث جدد إدانة المملكة للاعتداءات الإسرائيلية 'السافرة' على قطر في سياق يهدف إلى زعزعة استقرار دول الجوار.
كما دعا إلى الانسحاب الإسرائيلي الكامل من لبنان، مؤكدا دعم المملكة لبيروت في مسألة حصر السلاح بيد الدولة، وهو موقف يهدف إلى تعزيز السيادة اللبنانية ومنع تمدد الصراع عبر الحدود.
وحثت السعودية، المجتمع الدولي لدعم جهود استقرار سوريا، رافضة الاعتداءات الإسرائيلية على أراضي وسيادة الدولة السورية.
ويؤكد هذا الشمول في الخطاب السعودي أن استقرار المنطقة وحدة واحدة، وأن أي انتهاكات للسيادة في أي دولة عربية، سواء في سوريا أو لبنان، تخدم أجندات التصعيد.
وشدد الأمير فيصل بن فرحان على أن 'المملكة تؤكد أهمية حماية أمن الملاحة في البحر الأحمر، وضرورة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل في المنطقة'، وهو ما يعكس قلقا استراتيجيا من التهديدات العابرة للحدود التي قد تتفاقم في ظل الفوضى الناتجة عن حرب غزة.
وتمثل هذه التصريحات القوية والشاملة من منبر الأمم المتحدة خارطة طريق سعودية للسلام والاستقرار الإقليمي، تبدأ بوقف فوري للإبادة في غزة وتتوج بتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة كحل جذري للصراع.