اخبار اليمن
موقع كل يوم -المهرية نت
نشر بتاريخ: ٢٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥
يحتفي العالم في 20 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام باليوم العالمي للطفولة، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1954 بهدف حماية الأطفال وتعزيز حقوقهم وتحسين حياتهم في مختلف أنحاء العالم.
وفي الوقت الذي يعيش فيه ملايين الأطفال حول العالم هذا اليوم في أجواء احتفالية، يقف أطفال اليمن على هامش الاهتمام الدولي، وهم يواجهون واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث.
فبعد 11 عامًا من الحرب، تعيش الطفولة في اليمن واقعًا بالغ القسوة في مؤشرات الصحة والتعليم والاقتصاد، فضلًا عن الانتهاكات الواسعة التي يتعرض لها الأطفال من مختلف أطراف الصراع.
وتكشف تقارير أممية ومحلية أن أجيالًا كاملة باتت مهددة بفقدان مستقبلها، فيما يستمر الصراع في تقويض أي جهود لإعادة بناء ما دمرته الحرب.
ويرى أحمد القرشي، رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة، أن واقع الطفولة في اليمن 'كارثي بكل المقاييس في مختلف المجالات، سواء على صعيد الأمن أو التعليم أو الصحة وغيرها'.
ويشيرفي حديثه لـ'المهرية نت' إلى أن' جذور هذه الأزمة تعود إلى عام 2004، حيث شهد شمال اليمن وغربه مواجهات دامية، فضلًا عن الثارات القبلية، وأدت سنوات الحرب إلى تدمير حقوق الطفل في مختلف مجالات الحياة'. مؤكدًا بأن 'المنظمات المدنية والمؤسسات الحكومية لم تعد قادرة على معالجة القضايا بسبب هذا الانهيار'.
المجال التعليمي
وتظهر بيانات حديثة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن التعليم في اليمن يواجه انهيارًا خطيرًا؛ إذ يُقدر عدد الأطفال خارج المدرسة بحوالي 4.5 مليون طفل حتى منتصف 2025، فيما تضررت 2,424 مدرسة بين تدمير كلي أو جزئي.
كما كشف تقرير المنظمة أن 94.7 % من الأطفال بعمر 10 سنوات غير قادرين على قراءة نص بسيط، وهو أعلى مستوى تسجله البلاد في مؤشرات فقر التعلم عالميًا.
وتعليقا على ذلك، يقول الناشط الإعلامي والكاتب الصحفي عميد المهيوبي لـ'المهرية نت': إن التعليم في اليمن تدهور إلى مستويات غير مسبوقة، وحُرم آلاف الأطفال من الالتحاق بالمدارس بسبب الفقر وعدم قدرة الأسر على تغطية المصاريف الأساسية للدراسة.
وأضاف أن' الحرب تسببت بإغلاق العديد من المدارس، وتضرر بعضها بشكل كلي أو جزئي، إضافة إلى غياب الكادر التدريسي المؤهل ونقص الكتب والمناهج'.
وأردف 'أن سيطرة جماعة الحوثي على المؤسسات التعليمية في مناطق نفوذها، وفرض مناهج جديدة تحمل تغييرات أيديولوجية، خلق فجوة تعليمية بين المحافظات وزاد من اضطراب العملية التعليمية'.
وتابع: 'أمام هذه الظروف، يواجه الأطفال في سن التأسيس خطر الانقطاع المبكر عن التعليم وفقدان المهارات الأساسية للتعلم، على الرغم من جهود المنظمات الدولية والمبادرات المجتمعية، في تحسين جودة التعليم، بالإضافة إلى صرف حوافز للمعلمين، لكن حرمان الأطفال من الحصول على التعليم لا يزال مستمرا بسبب الصراع'.
كما أن تأخر صرف الرواتب، خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، دفع الكثير من المعلمين للبحث عن بدائل للعيش، مما أثّر بشكل مباشر على جودة التعليم.
ويحذّر خبراء من أن أطفال فئة 11–14 عامًا، خاصة مواليد الحرب، يشكلون الشريحة الأكثر تضررًا، إذ ارتفعت بينهم معدلات الأمية وعدم امتلاك المهارات الأساسية للتعلم.
المجال الصحي
يشهد القطاع الصحي انهيارًا واسعًا نتيجة الحرب، إذ فقدت المئات من المرافق الطبية قدرتها التشغيلية بسبب الاستهداف المباشر أو نقص التمويل والكوادر.
ووفق خطة الاستجابة الإنسانية لليونيسف لعام 2025، فإن 580 ألف طفل لم يحصلوا على أي جرعة تطعيم، ما يعرّضهم لأمراض يمكن الوقاية منها بسهولة.
وفي عام 2024، سُجلت آلاف حالات الاشتباه بالكوليرا و 680 وفاة في 22 محافظة، وكان 16% من الضحايا من الأطفال دون الخامسة.
كما يعاني 50% من الأطفال دون سن الخامسة من التقزم نتيجة سوء التغذية المزمن، بحسب تقرير لليونيسف في مارس 2025.
ويؤكد عميد المهيوبي أن 'أطفال اليمن يفتقرون إلى الحد الأدنى من الخدمات الصحية، خاصة في ظل تدمير المنشآت الطبية وغياب الكوادر المتخصصة، لا سيما مراكز رعاية الأمومة والطفولة'.
وأضاف أن' كثيرًا من الأطفال تعرضوا للقنص والاستهداف المباشر، ما خلف إعاقات دائمة في صفوفهم دون أن تتوفر لهم رعاية علاجية مناسبة'.
وأفاد بأن' تفاقم الوضع الصحي نتيجة غياب حملات التطعيم والتوعية، أدى إلى انتشار أمراض كان يمكن الوقاية منها، في ظل غياب منظومة صحية قادرة على التعامل مع احتياجات السكان.
ويشير إلى أن سوء التغذية يمثل أخطر التحديات، إذ يعاني مئات الآلاف من الأطفال من سوء التغذية الحاد بسبب الفقر وانعدام الأمن الغذائي، ما يهدد حياتهم بشكل يومي.
المجال الاقتصادي
يُعد الانهيار الاقتصادي أحد أبرز العوامل التي عمقت معاناة الأطفال في اليمن، وبحسب تقديرات خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2025، يعتمد جزء كبير من السكان على المساعدات الإنسانية، في ظل تدهور القدرة الشرائية لأغلب الأسر.
كما أن ضعف البنية التحتية والخدمات الأساسية - مثل المياه والصرف الصحي - زاد من الأمر سوءًا، حيث ترتبت عليه تبعات مباشرة على صحة الأطفال وتعليمهم.
ويرى المهيوبي أن' الفقر المدقع أصبح عاملًا رئيسيًا في تحويل حياة الأطفال إلى معركة يومية للبقاء، فقد دفع الوضع الاقتصادي المتدهور كثيرًا من الأسر إلى دفع أبنائها للعمل في سن مبكر، ما أدى إلى انتشار عمالة الأطفال بشكل واسع في الشوارع وورش العمل والمهن الخطرة'.
وأضاف كما ارتفعت أعداد الأطفال المتسولين في المدن، في مشهد يعكس حجم الانهيار المعيشي وتراجع دور مؤسسات الرعاية الاجتماعية.
وأوضح بأن كثيرًا من الأطفال تحولوا إلى معيلين لأسرهم، ما أدى إلى ضياع سنوات الطفولة، ودخولهم دورة الفقر والضياع، وقد تستمر مدى الحياة'.
الانتهاكات
ومع استمرار الصراع الدائر في البلاد ترتفع حصيلة الانتهاكات بحقوق الطفولة في اليمن بشكل كبير من مختلف أطراف النزاع.
فبحسب تقرير الأمين العام للأمم المتحدة لعام 2024، تم توثيق 318 حالة قتل وتشويه لأطفال، منهم 254 صبيًا و64 فتاة، نتيجة استهداف مباشر أو بسبب مخلفات الحرب.
كما وثقت منظمة رايتس رادار 1,499 حادثة انتهاك ضد الأطفال في اليمن خلال 2024، بينها قتل وإصابة 45 طفلًا.
وتشير اليونيسف إلى أن أكثر من 10,200 طفل قتلوا أو أصيبوا منذ بدء النزاع في مارس 2015.
ويقول عميد المهيوبي إن' الأطفال في اليمن يتعرضون لشتى أنواع الانتهاكات من مختلف أطراف الصراع، وفي مقدمتها تجنيدهم وإقحامهم في الأعمال العسكرية في الجبهات، سواء كمقاتلين أو كحراس أو في مهام لوجستية'.
وتابع' كما تشمل الانتهاكات أيضًا القتل المباشر، والإصابة، والإعاقة الدائمة، والتشريد، والتهجير القسري، إلى جانب استغلال الأطفال في أعمال خطرة ومهينة'.
ويشير أحمد القرشي إلى أن:' الانتهاكات ضد الأطفال تنوعت بين التجنيد والحرمان من التعليم والخدمات الأساسية والتهجير القسري فضلًا عن الانتهاكات المجتمعية والأسرية التي تصاعدت بسبب غياب مؤسسات العدالة وانهيار النظام القضائي'.
ولفت إلى أن' أكثر من 70% من السكان يعيشون في مناطق خارج عن سلطة القضاء الرسمي، وتخضع لإدارة المشرفين التابعين للجماعات المسلحة أو القبلية، مما أدى إلى تفاقم مأساة الطفولة بشكل غير مسبوق في تاريخ اليمن الحديث'.
ويختتم القرشي حديثه بقوله إن:' هذه الظروف مجتمعة أدت إلى تفاقم مأساة الطفولة بشكل غير مسبوق في تاريخ اليمن الحديث، وسط استمرار الحرب وغياب الحلول الحقيقية وانعدام مؤسسات الدولة القادرة على حماية الأطفال وضمان حقوقهم الأساسية'.
