مغلقٌ بأمرٍ من اليمن… ماذا يعني حصار مطار اللد (بن غوريون)؟

خاص-الخبر اليمني:

في صباح 4 مايو، اخترق صاروخٌ باليستي أطلقه اليمن من صنعاء طبقات الدفاع الجوية الإسرائيلية، وسقط على بعد أمتار من صالة 3 في مطار بن غوريون، فأصاب ثمانية أشخاص وأغلق المدرج لستّ ساعات. ما بدا للوهلة الأولى حادثاً عابراً تحوّل في أقل من أسبوعين إلى حظرٍ جوّيٍّ مع إعلان صنعاء أن هذا الحظر سيكون شاملا طالما استمر العدوان والحصار على غزة، والنتيجة الأولية: عشرون شركة طيرانٍ دولية أوقفت رحلاتها إلى تل أبيب، لتُغلَّق سماءُ فلسطين المحتلة بشكل شبه تام لأول مرة منذ عقود.

مطار اللد المسمى إسرائيليا 'بن غوريون' ليس مطاراً عاديّاً؛ فهو معبر إسرائيل شبه الوحيد إلى العالم، إذ استقبل 21.1 مليون مسافرٍ دولي في 2023، أي نحو 97 في المئة من الحركة الجوية للبلاد.

بناء المطار وجهازه الأمني المتشدّد كانا جزءاً من «قصة النجاح» الصهيونية: مركزٌ محصَّنٌ يستقبل السائح والزائر الصهيوني والمستثمر بلا انقطاع حتى في أحلك الحروب. لذلك جاءت الضربة اليمنية صادمة، لأنها أظهرت هشاشة القلعة التي روّجت لها تل أبيب عقوداً طويلة.

ردّ فعل شركات الطيران كان سريعاً ومتزايداً، لاسيما مع استمرار الضربات اليمنية بشكل شبه يومي، فشركة الخطوط الجوية البريطانية (British Airways) أعلنت تمديد وقف رحلاتها حتى 31 تموز/يوليو بعد أن نقلت طاقمها إلى فيينا تحت وابل الصواريخ.

إلى جانب الخطوط الجوية البريطانية أوقفت مجموعة لوفتهانزا، بأذرعها الستّ، (لوفتهانزا، والسويسرية، والخطوط الجوية النمساوية، والخطوط الجوية الإيطالية، وبروكسل إيرلاينز، ويورو وينجز ) عملياتها حتى 8 يونيو على الأقل.

الخطوط الجوية المتحدة  جمّدت رحلات نيويورك-تل أبيب إلى 13 يونيو، بينما رفعت EasyJet سقف التعليق إلى 30 يونيو.

شركة طيران كندا (Air Canada) مضت أبعد من الجميع عندما أجّلت عودتها إلى 8 أيلول/سبتمبر، أي ذروة موسم السياحة.

بل إن الناقلات الأصغر – ترانسافيا، LOT البولندية، Air Baltic، إيبيريا إكسبرس، الخطوط الهندية، طيران سيشل، رايان إير، والخطوط الفرنسية – أغلقت جداولها توالياً، لتُقطع خطوطٌ تربط تل أبيب بأكثر من خمسين عاصمة.

منظومة الردع الإسرائيلية بُنيت على مبدأ «إبعاد التهديد عن المركز». لكن صاروخ صنعاء قطع أكثر من ألفي كيلومتر وهبط حيث يُفترض أن تكون السماء الأشـدّ حراسة. هذا الاختراق أجبر سلاح الجوّ على نشر بطاريات اعتراض إضافية حول المطار، تاركاً فجوات على جبهات أخرى في غزة ولبنان، كما أثبت إمكانية فرض حصار على الكيان الذي يملك أحدث الأنظمة الدفاعية، من قبل دولة تبعد عنه نحو ألفي كيلو متر.

العزلة الجوية تضرب وجدان المجتمع الإسرائيلي في الصميم. فالكيان التي قام على «الجسر الجوي» مع تجمعات اليهود في العالم يجد الآن جسره مهدَّداً؛ والمستثمرون الذين اعتادوا الوصول خلال أربع ساعات صاروا يواجهون رحلاتٍ ملتوية عبر دبي أو لارنكا. يترافق ذلك مع انتقاداتٍ داخلية لحكومة الاحتلال التي أنفقت مليارات على درع صاروخي تهاوى أمام صاروخ واحد، وأمام أعين وسائل الإعلام العالمية.

دولياً، تضع الأزمة حلفاء إسرائيل في موقف حرج، فبينما عملت اسرائيل دبلوماسيا لإقناع الشركات بالعودة إلى مطار اللد، تخشلا هذه الشركات من التعرض لالتزامات قانونية إذا حلّقت فوق منطقة موصوفة بالخطرة من هيئات الطيران المدني.

سيناريوهات مفتوحة

لا يزال مطار اللد هدفاً معلناً لليمن الذي أعلن فرض الحظر عليه طالما استمر العدوان على غزة، لكن الجديد هو أن ورقة الحظر الجوي قد أضيفت إلى جانب ورقة الحظر البحري كمتغير في الصراع العربي -الإسرائيلي، لذا فإن أي جولة تصعيد مقبلة ستبدأ بإيقاف الملاحة الجوية والبحرية قبل أن تنطلق أول قذيفة في غزة أو جنوب لبنان.

وحتى لو رمّم المدرج حاليا وعادت بعض الرحلات المشروطة نهاراً، فإن «كسر الطوق» سيبقى رهناً بإنهاء العدوان على غزة، أو بقفزة تكنولوجية في أنظمة الاعتراض لا يلوح أفقها قريباً، في ظل مواكبة صنعاء للابتكار التكنولوجي

إن الحظر المفروض على مطار اللد ليس مجرّد خللٍ في جدول الرحلات، بل هزةٌ تطال نموذج الكيان الإسرائيلية برمّته: اقتصاداً يعتمد على حركة العبور، وعقيدة أمنية تقوم على التفوّق الدائم، وروايةً صهيونية تربط مواطني الكيان المنتشرين في القارات الأربع بممرٍّ جوّي واحد. حين تُقفل السماء بأمرٍ من اليمن، تصبح كل رحلة محتملة سؤالاً وجودياً جديداً معلَّقاً فوق رؤوس صانعي القرار في تل أبيب.

قائمة محدثة بشركات الطيران التي مددت تعليق رحلاتها إلى مطار اللد

الخطوط الجوية البريطانية – رحلات ملغاة حتى 31 يوليو .

ترانسافيا – رحلات ملغاة حتى 24 يونيو، شاملاً.

الخطوط الجوية المتحدة – رحلات ملغاة حتى 13 يونيو، شاملاً.

الخطوط الجوية البولندية LOT – تم إلغاء الرحلات الجوية حتى 26 مايو.

مجموعة لوفتهانزا – التي تضم شركات الطيران لوفتهانزا، والسويسرية، والخطوط الجوية النمساوية، والخطوط الجوية الإيطالية، وبروكسل إيرلاينز، ويورو وينجز – تلغي الرحلات الجوية حتى 8 يونيو.

ايبيريا اكسبريس – تم إلغاء الرحلات الجوية حتى 1 يونيو.

إيزي جيت – تمدد تعليق رحلاتها من وإلى تل أبيب حتى 30 يونيو.

الخطوط الجوية الهندية – تم إلغاء الرحلات الجوية حتى 19 يونيو.

طيران البلطيق – تم إلغاء الرحلات الجوية حتى 2 يونيو.

طيران سيشل – تم إلغاء الرحلات الجوية حتى 31 يوليو.

الخطوط الجوية الفرنسية – الرحلات الملغاة حتى 26 مايو، شاملاً.

طيران كندا – تم إلغاء الرحلات الجوية حتى 8 سبتمبر.

رايان إير – رحلات ملغاة حتى 11 يونيو .