أصدرت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، اليوم، تقريراً حقوقياً أكدت فيه أن ما يسمى بـ'المحكمة الجزائية المتخصصة' في صنعاء فقدت كامل ولايتها القانونية والدستورية منذ انقلاب جماعة الحوثي على مؤسسات الدولة في سبتمبر 2014، مشيرة إلى أن جميع الأحكام الصادرة عنها بحق المدنيين والمعارضين تُعد باطلة ومنعدمة الأثر وفقاً للقانون اليمني ومواثيق القانون الدولي.

فقدان الولاية القانونية والدستورية

أوضحت الشبكة أن المحكمة الجزائية المتخصصة هي محكمة يمنية مختصة بقضايا الإرهاب والجرائم الخطرة، ولا يحق لأي سلطة انقلابية أو جهة غير شرعية تعيين قضاة أو إدارة شؤونها. وبحسب قانون السلطة القضائية والدستور اليمني، فإن تشكيل الهيئات القضائية وتعيين القضاة من صلاحيات مجلس القضاء الأعلى والسلطة التنفيذية الشرعية، ما يجعل جميع التعيينات التي أجرتها جماعة الحوثي باطلة، والأحكام الصادرة عنها تفتقر للشرعية القانونية.

أداة للقمع السياسي

وأشار التقرير إلى أن المحكمة خرجت عن اختصاصها الأصلي وتحولت إلى وسيلة تستخدمها جماعة الحوثي لتصفية الخصوم السياسيين، عبر إضفاء طابع 'قانوني' على الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب، وصولاً إلى إصدار أحكام إعدام بحق مختطفين وناشطين وصحفيين وأكاديميين وموظفين حكوميين. وأكدت الشبكة أن جلسات المحكمة تُعقد سراً دون حضور المحامين، وأن العديد من المتهمين يُحرمون من حق الدفاع والاتصال بمحاميهم، فيما تُنتزع الاعترافات تحت التعذيب والإكراه، مع تدخل مباشر من الأجهزة الأمنية التابعة للجماعة في صياغة الاتهامات وتوجيه الأحكام.

أحكام الإعدام جرائم حرب

التقرير أشار إلى أن المحكمة أصدرت عشرات أحكام الإعدام بحق مدنيين، كان آخرها الحكم بإعدام 17 شخصاً في صنعاء، وهو ما يمثل انتهاكاً للحق في الحياة والحق في محاكمة عادلة وضمانات الإجراءات القضائية. واعتبرت الشبكة أن هذه الأحكام ترقى إلى مستوى جرائم الحرب وفقاً لاتفاقيات جنيف لعام 1949 والقانون الدولي الإنساني، كون الضحايا مدنيين محميين والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين تُعد مناطق نزاع مسلح غير دولي.

وأكد التقرير أن القضاة المعينين من قبل الجماعة أصبحوا جزءاً من منظومة القمع والانتهاك، وأنهم يمارسون وظائفهم تحت الإكراه أو بالتواطؤ، ما يجعلهم عرضة للمساءلة القانونية الدولية لمشاركتهم في إصدار أحكام باطلة ترتب مسؤولية جنائية فردية.

رسائل الشبكة اليمنية للحقوق والحريات

إلى المجتمع الدولي: التدخل العاجل لوقف المحاكمات الصورية، دعم آليات الرصد والمساءلة، تفعيل الولاية القضائية العالمية بحق المتورطين، إدراج القضاة والقيادات الحوثية ضمن قوائم العقوبات الدولية، وتوفير الحماية القانونية للضحايا وذويهم.

إلى المنظمات الدولية والأممية: مطالبة المفوضية السامية لحقوق الإنسان بتوثيق هذه الانتهاكات كجرائم ضد الإنسانية، دعوة فريق الخبراء الدوليين أو أي آلية بديلة لإجراء تحقيقات مستقلة، وحماية المحامين والناشطين المعرّضين للتهديد.

إلى الحكومة اليمنية الشرعية: إعلان بطلان كافة الأحكام الصادرة عن محاكم الحوثيين، اعتماد ملفات الانتهاكات كجرائم تستوجب الملاحقة القضائية، تفعيل دور النيابة العامة والقضاء في المناطق المحررة لاستقبال البلاغات، وتعزيز جهود التوثيق القانوني تمهيداً للعدالة الانتقالية.

وخلص التقرير إلى أن القضاء في مناطق سيطرة الحوثيين لم يعد سلطة مستقلة للفصل في الخصومات، بل تحول إلى أداة بطش لإسكات المعارضين وترهيب المجتمع، مؤكداً أن استمرار هذه المحاكمات يشكل تهديداً خطيراً للعدالة والسلم الاجتماعي ويستوجب تحركاً دولياً عاجلاً.