في أول زيارة رسمية له منذ توليه منصبه، وصل الرئيس الكوري لي جاي ميونغ إلى القاهرة للاحتفال بمرور 30 عامًا على العلاقات المصرية الكورية، في خطوة اعتبرها مراقبون نقطة تحول كبرى لتعزيز الشراكة الاقتصادية والتكنولوجية بين البلدين، والزيارة حملت رسائل سياسية واقتصادية مهمة، وأكدت حرص البلدين على الانتقال بالعلاقات إلى مستوى أكثر عمقًا وتأثيرًا.

استقبال رسمي وتأكيد على قوة العلاقات المصرية الكورية

استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي والسيدة انتصار السيسي ضيف مصر الكبير في قصر الاتحادية بمراسم رسمية شملت حرس الشرف وعزف السلامين الوطنيين ثم التقاط الصورة التذكارية.

وبحسب السفير محمد الشناوي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، عقد الرئيسان جلسة مشاورات مغلقة تلتها جلسة موسعة بمشاركة وفدي البلدين، تناولت مستقبل العلاقات الثنائية والتعاون الاقتصادي والتكنولوجي.

في مستهل اللقاء، رحب الرئيس السيسي بضيفه الكريم، مؤكدًا أن زيارة لي جاي ميونغ تأتي في توقيت بالغ الأهمية، حيث تحتفل القاهرة وسول بثلاثة عقود من التعاون المتبادل المبني على الاحترام والشراكة والتنمية.

زيادة الاستثمارات الكورية في مصر.. وتوطين الصناعة محليًا

ركزت القمة المصرية الكورية على ملف الاستثمارات والتكنولوجيا، وهو أحد المحاور التي توليها مصر اهتمامًا بالغًا في خطتها للتنمية الاقتصادية.

مجالات تعاون واعدة

أكد الرئيس السيسي تطلع مصر إلى زيادة استثمارات الشركات الكورية في:

الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات

صناعة السيارات الكهربائية

بناء السفن

البتروكيماويات والتعدين

الذكاء الاصطناعي

وأشار الرئيس إلى أن مصر توفر حوافز وضمانات تجعلها بيئة مثالية لأي مستثمر يرغب في توسيع أعماله في الشرق الأوسط وإفريقيا.

من جانبه، أشاد الرئيس الكوري بالإنجازات التي حققتها مصر خلال السنوات الماضية، مؤكدًا أن الشركات الكورية ترى في السوق المصري فرصة كبيرة للنمو، خاصة بعد افتتاح المتحف المصري الكبير وتوسع المشروعات القومية.

قضايا إقليمية: مصر تؤكد موقفها من غزة وكوريا تشيد بدور القاهرة

تناولت المحادثات كذلك التطورات الإقليمية، وفي مقدمتها الأوضاع في غزة، حيث شدد الرئيس السيسي على أهمية تنفيذ وقف إطلاق النار وفق قرارات مجلس الأمن، مع التمسك بحل الدولتين باعتباره الطريق الوحيد لتحقيق سلام دائم.

الرئيس الكوري أشاد بالدور المصري في استعادة الهدوء وقيادة الجهود الدولية التي انتهت بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار واستضافة قمة شرم الشيخ للسلام.

كما استعرض لي جاي ميونغ التحديات في شبه الجزيرة الكورية، حيث أكد الرئيس السيسي دعم مصر لأي جهود تهدف إلى الحفاظ على الأمن والاستقرار في شرق آسيا.

التعليم والثقافة في صدارة التشاور

في ملف التعليم، وهو أحد ركائز التعاون المستقبلي بين البلدين، أكد الرئيس السيسي اتفاقه مع نظيره الكوري على دراسة إنشاء:

جامعة كورية متخصصة في العلوم والتكنولوجيا في مصر

مدارس كورية لنقل الخبرة التعليمية المتقدمة

كما شهدت الزيارة توقيع مذكرتي تفاهم في الثقافة والتعليم لتعزيز التبادل العلمي والفني بين الشعبين.

كلمة الرئيس السيسي

في المؤتمر الصحفي المشترك، شدد الرئيس السيسي على أن العلاقات المصرية الكورية نموذج متكامل للتعاون الاقتصادي والثقافي، وأن مصر تتطلع لاستقبال مزيد من الشركات الكورية للاستفادة من موقعها الاستراتيجي وقدراتها الصناعية.

كما أكد الاتفاق على توسيع التعاون في الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات، باعتبارهما محركين رئيسيين للنمو المستقبلي، إضافة إلى دعوة الشركات الكورية للاستثمار في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

السيسي عبّر أيضًا عن تطلعه لزيارة كوريا الجنوبية قريبًا، مؤكدًا أن مصر تشارك كوريا «الإرادة السياسية الصادقة» لتوسيع التعاون.

ختام الزيارة: مرحلة جديدة من العلاقات المصرية الكورية

تمثل زيارة لي جاي ميونغ لمصر خطوة مهمة تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون، حيث تحمل ملفات اقتصادية واستثمارية وثقافية وتعليمية قد تغيّر شكل العلاقة بين القاهرة وسول خلال السنوات المقبلة، ومع الوضوح الكبير في الرؤى السياسية بين البلدين والتوافق حول القضايا الإقليمية، تبدو الشراكة المصرية الكورية أمام قفزة كبرى في مجالات التكنولوجيا والصناعة والاستثمار.