اخبار اليمن
موقع كل يوم -المشهد اليمني
نشر بتاريخ: ٢٩ كانون الأول ٢٠٢٥
الموقف السعودي الذي عكسته رسالة سمو وزير الدفاع 'إلى أهلنا في اليمن' وضعت النقاط فوق الحروف، فالموقف السعودي واضح فيما يخص الانفصال، فهذا المسار مخالف؛ بل وينسف كل الجهود التي تم العمل عليها خلال السنوات الماضية، والمطلوب بصورة واضحة 'تغليب صوت العقل والحكمة والمصلحة العامة ووحدة الصف بالاستجابة للجهود'..
سمو وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز نشر قبل أيام على حسابه في منصة (X) رسالة مطولة عنونها سموه بكلمات تعكس الرؤية والاهتمام السعودي للقضية اليمنية، 'إلى أهلنا في اليمن'، هذا هو عنوان هذه الرسالة، التي رسخت المسار التاريخي لتعامل المملكة العربية السعودية مع اليمن، وكانت الإشارة الأولى في هذا الخطاب تستعيد كيف استطاعت المملكة أن تعمل مع الدول 'في تحالف لدعم الشرعية وبجهودٍ ضخمة في إطار عمليتي (عاصفة الحزم وإعادة الأمل) في سبيل استعادة سيطرة الدولة اليمنية على كامل أراضيها'.
أما الإشارة الثانية فقد كانت موجهة للقضية الجنوبية، فقد قال سموه بوضوح: 'لقد تعاملت المملكة مع القضية الجنوبية باعتبارها قضيةً سياسيةً عادلة لا يُمكن تجاهلها أو اختزالها في أشخاص أو توظيفها في صراعات لا تخدم جوهرها ولا مستقبلها'، والحقيقة أن السعودية دأبت على تكرار هذا الموقف وأنها تؤمن بعمق أن قضية الجنوب جزء لا يتجزأ من الفضاء اليمني ولكن وفق آليات سياسية تبنى حول المكون اليمني بأكمله.
لقد كانت الجهود السعودية منذ بداية الأزمة في اليمن ومنذ إطلاق عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل تتمحور حول إنقاذ اليمن عبر التعامل مع مسارات واضحة للحل السياسي الشامل، وهذا المسار هو محور الإشارة الثالثة في خطاب سمو وزير الدفاع الذي أكد أن 'معالجة القضية الجنوبية مكفولة عبر اتفاق الرياض الذي كفل مشاركة الجنوبيين في السلطة، وفتح الطريق نحو حل عادل لقضيتهم يتوافق عليه الجميع من خلال الحوار دون استخدام القوة'، وهذه الإشارة تؤكد أنه لم يتم استبعاد الجنوبيين من أي مشاركة سياسية تناقش قضية اليمن، فالجنوب مكون رئيس ضمن مكونات يمنية متعددة يجب ان تكون قضاياها مكفولة ضمن المشروع اليمني الكبير.
أهل الجنوب على اختلاف مساراتهم أتيح لهم الحضور المباشر والفاعل في مؤسسات الدولة اليمنية، وهذا ما تضمنته الإشارة الرابعة في خطاب سمو وزير الدفاع الذي أكد على 'ترسيخ مبدأ الشراكة بديلاً عن الإقصاء أو فرض الأمر الواقع بالقوة، وقدمت المملكة دعماً اقتصادياً ومشاريع ومبادرات تنموية وإنسانية أسهمت في تخفيف المعاناة عن الشعب اليمني الشقيق'.
الحقيقة الواضحة هنا تذكر الجميع أنه لم تكن المشاركة السعودية والتحالف الذي شاركها في عملياتها من أجل تحرير اليمن واستعادة الشرعية بلا ثمن، لقد قدم الجميع ثمنا غاليا سواء من التحالف أو الشعب اليمني، ومن هذا المنطلق كانت الإشارة الخامسة في خطاب سمو وزير الدفاع الذي أكد 'أن حرص المملكة الدائم أن تكون هذه التضحيات من أجل استعادة الأرض والدولة، لا مدخلاً لصراعات جديدة، وأن يُصان الأمن لليمنيين كافة، وألا تُستغل تلك التضحيات لتحقيق مكاسب ضيقة'.
الإشارات السابقة التي تضمنها خطاب سمو وزير الدفاع شرحت الأرضية الكبرى التي يجب أن تدار من خلالها القضية اليمنية بعيدا عن التهور ونسف الجهود التي بذلت من أجل اليمن خلال العشر السنوات الماضية، فاليمن بحاجة إلى توحيد الصف والاتكاء على التضحيات التاريخية التي قدمها الجميع من أجل اليمن، حتى لا يصل الجميع الى النتيجة القاسية، فالانقلاب على التضحيات وإهدار الجهود يمثلان ضررا مباشرا بكل الأطياف التي يهمها استعادة اليمن إلى شرعيته ووحدته.
هذه الرسالة المتعقلة والمتزنة تعكس موقف المملكة العربية السعودية الدائم التأكيد أن السعودية ترى 'أن القضية الجنوبية ستظل حاضرةً في أي حل سياسي شامل ولن تُنسى أو تُهمش، وينبغي أن يتم حلها من خلال التوافق والوفاء بالالتزامات وبناء الثقة بين أبناء اليمن جميعاً، لا من خلال المغامرة التي لا تخدم إلا عدو الجميع'.
الموقف السعودي الذي عكسته رسالة سمو وزير الدفاع 'إلى أهلنا في اليمن' وضعت النقاط فوق الحروف، فالموقف السعودي واضح فيما يخص الانفصال، فهذا المسار مخالف؛ بل وينسف كل الجهود التي تم العمل عليها خلال السنوات الماضية، والمطلوب بصورة واضحة 'تغليب صوت العقل والحكمة والمصلحة العامة ووحدة الصف بالاستجابة للجهود'، الخيارات الأخرى المخالفة لصوت العقل والحكمة ستكون ذات نتائج لا تخدم القضية اليمنية، ولذلك فالرسالة السعودية الصلبة تؤكد أن اليمن لا يحتمل المزيد من التشظي، وهذا ما يتطلب العودة إلى الواقع الطبيعي بعيدًا عن المغامرات، فالمنطقة لا تحتمل مزيدًا من الانكسارات الاستراتيجية؛ بل لن يسمح لتلك الانكسارات أن تحدث، فالواقع اليمني ليس أمامه خيارات سوى العودة إلى واقعه كبديل سياسي عقلاني، عبر الوقوف خلف شرعيته التي تحظي بدعم إقليمي ودولي.
*جريدة الرياض













































