خيول ومأكولات ومشروبات وبائعين متجولين لبيع التسالى والحلويات، وعدد كبير من رجال الصعيد قد يتخطى الآلاف من جميع محافظات صعيد مصر برفقتهم خيول مشاركة فى السباق، ليس لأن لديهم اهتمامًا بالفروسية كهواية فقط بل أن سباق«مرماح الخيول»تراث شعبى متوارث من الأجداد إلى هذه الأجيال من الابناء والأحفاد، هكذا كان المشهد في صحراء قرية فارس التابعة لمركز كوم أمبو شمال أسوان.

وأجرت «الدستور» معايشة لطقوس وعادات أهالى صعيد مصر خلال تجمعهم فى «مرماح الخيول» أحد العادات التراثية الشعبية بالصعيد، أثناء تواجدهم بصحراء قرية فارس شمال أسوان:

وأثناء تجولنا داخل صحراء فارس تزامنًا مع «مرماح الخيول»نجد عدد من الخيمات التى تم افتراشها بواسطة المشاركين ليحتموا فيها من أشعة الشمس الحارة ويتناولوا فيها المأكولات والمشروبات الساخنة رغم حرارة الجو، بجانب التدخين.

وداخل الخيمات، فهناك لوح خشبي يتم وضعه ويضعوا عليه الأهالي اطباق تحتوى علي قطع خبز شمسى جافة معروفه بأسم «القرقوش» وبعدها يبدأ المسئول علي طناجر الطعام الكبيرة بإستخدام كبشة التوزيع المعدنية وضع لكل شخص منهم ما يفضل تناوله من أصناف الفول النابت أو العدس أو الحمص، وممكن لجميع الضيوف تناول أكتر من صنف على حسب رغبتهم.

ومن ناحيته قال أكرم جمعة، أحد أهالى فارس، ومسئول الجمعية المجتمعية بقرية فارس، إن بشكل سنوى يتم تنظيم«مرماح الخيول» لانه عادة متوارثة لدي أبناء قبائل الصعيد عمومًا، ونستقبل أعداد هائلة من مختلف أنحاء الصعيد أن جمعية قرية فارس توفر المياه سواء للشرب أو الوضوء لجميع المشاركين فى السباق، من محافظات الصعيد وليس قرية فارس فقط، نظرًا لان فى هذا اليوم وبرنامج المرماح ممتد حتى قرب صلاة المغرب، حيث أنه بمثابة«مولد» تنتظره القرية من العام للآخر، لذلك يتم كافة السبل التى يعتمد عليها الأهالى فى الأعاشة.

وأضاف لـ«الدستور» أن يتم توفير المأكولات أيضًا بالمجان، والأطباق الرئيسية التى يتم تقديمها للضيوف هى الفول النابت والعدس والحمص، حيث أنه يتم وضع العيش الشماسى الجاف المعروف بأسم «القرقوش» فى الأطباق ثم يتجه الضيوف للمسئولين عن طناجر المأكولات لكى يضعوا لهم حصتهم من الغذاء وهكذا، وعند انتهاء الكمية يتم الدعم بكميات إضافية حتى انتهاء فعاليات اليوم، حيث أنه الهدف الأساسي إكرام الضيوف على أكمل وجه ممكن خلال تواجدهم بالمرماح.

وهناك فى الجانب الآخر نجد أعداد هائلة مصطفة فى جانبى الطريق بين رمال الصحراء لمتابعة السباق بين الخيول التي يطلقوا عليها عدة أسماء ولكن أكثرهم صدى شيخ العرب ونجمة الشرقية، ونري فى أخر الطريق مكان مبني بالطوب فوقه وداخل عدد كبير من الكبار والصغار لمراقبة السباق وعند قرب دخول الخيول، يتكلم شخص منهم يتكلم عبر مكبرات الصوت ينذر بقدوم المتسابقين للنقطة الأخيرة بالسباق، وبعدها يبعد المنظمين الموجوين فى الساحة الوسطى للطريق حتى لا يتأذى أحد ثم يعلن الفائز بينهم.

وبعد إعلان الفائز يتم اهدءه كأس وشهادة تقدير لفوزه فى سباق الخيول ويلتف عدد كبير من مشجعينه للاحتفال معه أثناء ركوبه الحصان وحمل الكأس فى يده وسط ساحة السباق، ويعلو الهتافات بأسم الحصان الفائز وصحابها وهو يتراقص به ايضًا، وهكذا كان المشهد مع كل فائز.

وحول التجهيز لـ«مرماح الخيول»، أوضح عبدالله الدبور، أحد أبناء قرية فارس، أن يتم التجهيز لمراسم المرماح منذ مدة قد تتراوح أسبوع كامل سواء لتحضير المأكولات أو المشروبات وقبل بدء الفعاليات بيوم يتوافد الضيوف المشاركين من المحافظات المختلفة إلى منازل أهالى القرية بالخيول الخاصة بهم، وبعد تقديم وجبات الغداء يكون هناك فقرات للذكر الليثى، والمدائح النبوية، والفن الشعبى، ويعتبر هذا الطقس مكرر فى جميع القرى التى تحتفل المرماح، مما يساهم فى وجود نوع من التقارب والآلفة بين عائلات الصعيد المهتمة الفروسية ومازالوا يطبقوا هذه الطقوس السنوية المتوارثة من الأجداد للأجيال الحالية.

وتابع لـ«الدستور» أن اليوم الثانى بعد يوم الاستقبال يتجه جميع الضيوف المشاركين فى 'مرماح الخيول' والذى لابد من تنظيمه فى منطقة صحرواية وخالية، نظرًا لان هناك مسافة للسباق بين كل شخصين من الخيول ولكل خيل مشارك أسم، وبعد انتهاء السباق يتم تكريم الفائز بكأس وشهادة تقدير مما يكون له تشجيع كبير وحافز وفى آن آخر يؤهله للمشاركة فى المسابقة القادمة داخل قرية آخرى، موضحًا أن 'مرماح الخيول' طقس تراثى يجوب كل أنحاء محافظات الصعيد على مدار أيام السنة ونفس العادات والطقوس مكررة فى كل قري.