اخبار مصر
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥
معلومات مغلوطة وروايات مضللة يسردها النجوم وبعضهم يتباهى بعدم الاطلاع ومتخصصون يتهمون المناخ السائد ويعقدون مقارنات قاسية بين الماضي والحاضر
في عصر أصبحت فيه المعلومات متاحة بلمسة واحدة، والتحقق من أي رواية أو تصريح بات أسهل من أي وقت مضى، تبدو المعرفة في حال تراجع حقيقي، وهي متلازمة متناقضة للغاية، إذ إنه قبل عقود من سيطرة الإنترنت كان الإقبال على التعلم بكل صوره والنهم للمعرفة أمراً يشغل قطاعات كبيرة من الجماهير، لا سيما النخبة، لكن هذه الفئة بالتحديد أصبحت نسبة لا يستهان بها منها تفضل اللقطة وسط تراجع حقيقي بمستوى الثقافة العامة.
ليس مطلوباً أن يصبح مشاهير المجتمع على معرفة عميقة بكل مجالات الحياة، إنما فقط مجرد إدراك، وفطنة فيما يقال ولا يقال وأين، حيث يتخطى الموقف الحرج الذي يضعون أنفسهم فيه مجرد السخرية اللاذعة، ليفتح نقاشاً حول من أين يستقي المشاهير معارفهم، وما حجتهم في الانسياق وراء مصادر غير ذات ثقة واعتمادها، ولماذا يستهينون إلى هذا الحد بالثقافة العامة، وكأنها موضة قديمة أو وكأنهم ليسوا في حاجة إليها.
وفيما يتعلق بنجوم الفن على وجه التحديد يبدو الأمر مفاجئاً وصادماً، إذ إن البعض منهم يجهلون أبسط المعلومات في صميم مجالهم نفسه، فلا يعرفون أعلام الإخراج والسيناريو ولم يشاهدوا كلاسيكيات السينما، أو يتعمقوا في فهم الأنماط الموسيقية البارزة أو حتى أسماء أعلام هذا الفن على مدار التاريخ. ولا يمكن الجزم بتعميم هذه الملاحظة، لكن في الأقل هناك مواقف متعددة تدعو للبحث ومناقشة سبب تكرارها، لا سيما مع ذوي الصلة بالوسط الفني.
وإذا كان الجهل بأساسات المجال نفسه أمراً يبعث على الدهشة السلبية، لكنه لا يؤثر كثيراً مقارنة بتبني معلومة ونشرها على نطاق واسع تتعلق بملفات تهم فئات ضخمة من الجمهور، وأحدث المواقف هنا هو ما يتعلق بالفنان المصري ياسر جلال المعروف بشخصيته الجادة الذي يتولى منصب وكيل لجنة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار بمجلس الشيوخ، الذي عين فيه أخيراً، حينما أصر مراراً على سرد واقعة غير مثبتة معتمدة على رواية شفهية أسرية، عن وجود أفراد من القوات المسلحة الجزائرية في مصر خلال نكسة 1967، وذلك خلال تكريمه بمهرجان وهران السينمائي الجزائر، واستقبلت الرواية باستنكار وشكوك من الجزائريين والمصريين على السواء، والحقيقة أنها لم تكن الواقعة الفنية الأولى التي تشير إلى وجود جفوة ما بين قطاع ليس بقليل من النجوم وبين البحث والتثقيف والمعرفة.
بالتأكيد ليس مطلوباً من الفنانين أن يكونوا فلاسفة ومفكرين على رغم أن كبار المشاهير في هذا المجال على مدار التاريخ كانوا يتمتعون بتلك الصفة، لكن في الأقل أن يحاولوا الاجتهاد حينما يتعرضون لموضوع ليس لديهم به علم كأن يلجأوا لأهل التخصص أو يحاولون القراءة أو التزود من مصادر موثقة، لا سيما إن كانوا لا يحملون فقط لقب فنان، إنما مهمة أخرى تتعلق بالمسؤولية عن ملف الثقافة في مؤسسة سياسية مهمة مثل مجلس الشيوخ.
اختار الممثل ياسر جلال أن يلقي بقصصه التي عدها البعض مبتكرة تماماً، وهو تعبير منمق لكلمة مختلقة، على الملأ للملايين في مهرجان سينمائي رفيع، فالموقف يندرج تحت بند المسؤولية أيضاً النابعة بالأساس من إدراك قيمة التأثير للفنان، الذي يأتي كذلك من الاهتمام بالتعلم، اللافت أن النجم الشهير المخضرم أصر على موقفه بعدما حاول كثر تصحيح المعلومة له، لكنه فيما بعد لم يجد بداً من الاعتذار صراحة بعد تزايد حدة الهجوم، على رغم أن الأمر كان ممكناً أن يحل باللجوء لمتخصص في الاستشارات الإعلامية أولاً بأن يساعده في تنقيح خطابه خلال الحفل التكريمي، أو إذا فاته هذا الشيء أن يلجأ إليه لتقييم الموقف واعتماد بيان رسمي محدد للخروج من المأزق من دون الاعتماد على الاجتهادات الشخصية أو نصائح المعارف غير المتخصصين.
بالحديث عن قيمة المستشار الإعلامي التي يهملها كثر من المشاهير العرب، ولا يلجأون إليه إلا بعد فوات الأوان، وكثير من المرات تكون الاستعانة بهم في غير موضعها، تقول مستشارة في واحدة من أبرز الوكالات الإعلامية الخاصة بالمشاهير في العالم العربي، أنها على مدار تجربة امتدت لـ10 سنوات تحاول أن تنقل مستوى إدارة الأعمال لنجوم الفن لما يحدث عالمياً، إلا أن أكثريتهم لا يساعدونها، مشيرة إلى أنها تعاملت مع العشرات من النجوم وتؤكد أولاً أن خمسة منهم فقط تقريباً يمكن أن يطلق عليهم لقب 'مثقف' لديه دراية ووعي بأحوال السياسة والاقتصاد والمجتمع، ويهتم بالبحث، بل وبالقراءة، مشددة على أنه في حال وجود قصور في هذا الجانب لدى الآخرين وفي حال اضطرارهم إلى الظهور في ورشة عمل أو ندوة تتطلب الاطلاع تحاول الوكالة مساعدتهم بشتى الطرق لإنقاذهم من أي موقف طارئ مسبقاً، لكن النتيجة هي أنهم لا يرحبون بحجة أن الجمهور يحبهم بأسلوبهم العفوي!
وتشدد المستشارة الإعلامية على أن الأمر لا علاقة له بمستوى التعليم، إذ إن كثراً منهم خريجو مدارس دولية ويتحدثون أكثر من لغة، ومع ذلك لا يتمكنون من إدارة حديث عميق حول موضوع جاد، متابعة 'حتى على مستوى عملهم الفني، في أحيان كثيرة نفاجأ بأخبار تخص صميم أنشطتهم من على السوشيال ميديا على رغم أن التصرف السليم هو إخبارنا أولاً ثم يكون الإعلان بصورة رسمية ومدروسة من جانبنا، هم لا يلجأون إلينا حتى في حال حدوث أزمة مع الجمهور أو الصناع إلا فيما ندر، ويحاولون حلها بصورة شخصية، وحتى الآن الجانب الأكثر نجاحاً هو التعاقدات المالية، ففي حال كان هناك نشاط يخص الإعلانات أو الشراكات نحن ننسق بصورة جيدة، حيث تحدث الفائدة للطرفين بصورة مباشرة'.
أخيراً بالفعل لجأت الفنانة المصرية روبي للمرة الأولى في تاريخها تقريباً إلى إصدار بيان عن مكتبها الإعلامي بعدما وجدت نفسها في قلب تراشق عنيف، يتهمها بالسخرية من الفنان كريم محمود عبدالعزيز، حيث أخذ الموضوع توجهاً أسرياً، لكن بخلاف ذلك هي مثل كثر لا تلجأ إلى الطرق الاحترافية تقريباً في إصدار بيانات رسمية حول عملها أو فيما يتعلق بتوضيح المواقف سواء كانت شخصية أو مهنية.
موضوع المواقف في حد ذاته يجرنا إلى نقطة مهمة، وهي أن الوعي الكبير لدى النجوم السابقين كان يصل إلى مواقف موحدة جرى توثيقها حينما حدثت هجمات على الفن، أو قرارات بمنع عرض أفلام، وهي المواقف التي حدثت أخيراً لعديد من الصناع من دون أن تشهد أي تضامن حقيقي من المشاهير ولا حتى أبطال الأعمال نفسهم، بعكس ما حدث في منتصف تسعينيات القرن الماضي على سبيل المثال، حيث تضامن كبار المشاهير مع يوسف شاهين بعد منع عرض فيلمه 'المهاجر'، وأزمته الشهيرة مع الرقابة، فنظموا وقفات ومؤتمرات احتجاجية، وكان من أبرز المشاركين وقتها يسرا وعزت العلايلي، على رغم أن كثراً حتى ممن لم يعملوا مع يوسف شاهين من الأساس مثل عادل إمام، إضافة إلى أن فترة الثمانينيات شهدت اعتصاماً كبيراً للنجوم المصريين اعتراضاً على قانون النقابات الفنية وقتها بحضور سعاد حسني وفاروق الفيشاوي وتحية كاريوكا، وغيرهم، وهو اشتباك وزخم مع صميم الحياة الفنية، نابع من الأساس وفقاً للباحث والناقد سامح فتحي من 'سعة الاطلاع وتقدير قيمة المشاركة في الحفاظ على مكتسبات هذه الصناعة'.
الغريب أن الأمر لم يعد ينطبق على الفنانين الصاعدين ومن هم في مرحلة تشكل الوعي، إنما حتى الأكبر عمراً فيما يبدو وكأن هناك مناخاً يشجع على اعتناق نظريات بلا سند، مصحوبة بعدم الاجتهاد للمعرفة، وعلى رغم أن واقعة الفنان ياسر جلال التي فجرت هذا النقاش هي الأحدث، لكنها بالطبع مجرد مشهد في كثير من الظواهر المرتبطة بالفكرة ذاتها، وقد يكون وجود ياسر جلال في مؤسسة لها دورها في الحياة الفكرية والدستورية والبحثية والتشريعية في مصر تسبب مضاعفة الأزمة.
من جانب آخر فجَّر موقف ياسر جلال تساؤلات عن أسس اختيار المعينين في هذا المجلس، وعلى رغم عدم الحصول على إجابة واضحة، لكن في الأقل جرى استدعاء أسماء نجوم الفن الذين جلسوا على المقعد ذاته منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي وبينهم محمود المليجي والموسيقار محمد عبدالوهاب ومديحة يسري وأمينة رزق، وحديثاً كان يحيى الفخراني وسميرة عبدالعزيز.
من جهتها ترى الأكاديمية سمر يسري، أستاذ الإعلام، أن واقعة اعتذار الفنان ياسر جلال عن روايته التاريخية غير الدقيقة، توضح أن له جمهوراً ومتابعين، وهو فنان محبوب لا يقدم أعمالاً مبتذلة ويؤثر إيجاباً في الجماهير محلياً وإقليمياً، ثم أضافت، 'كثر من نجوم مصر يعدون واجهة مشرفة، وقد تقلدوا مناصب بمجلس الشيوخ تقديراً لمن قدم منهم فناً ورسالة محترمة، وأثروا في ثقافة جيل بعد جيل، فلا ننسى الفنانة أمينة رزق التي كانت أول فنانة في المجلس عام 1991، حيث سبقها فنانون رجال، وقد اهتمت بقضايا المرأة والأسرة والفن وتطوير المسرح والثقافة، وهكذا يكون دور الفنان الحقيقي، وأعتقد أن أزمة الفنان ياسر جلال كان يمكن حلها بالرجوع إلى متحدث رسمي أو مستشار إعلامي، خصوصاً أن كثيراً من الفنانين يكتفون فقط بمن يدير أمورهم المالية، لكن الحقيقة أيضاً أن الثقافة والاطلاع والبحث مهارات تحمي المشاهير من مثل هذه المواقف'.
فيما الكاتب والمؤلف سامح فتحي الذي اقترب من كبار النجوم ولديه أرشيف موثق حول حياتهم الفنية، يؤكد أن 'القراءة كانت أساسية لدى النجوم لم يكن يخرج كتاب إلا ويقرأونه وكان هناك نهم كبير للتعلم والمعرفة، بخاصة من ظهروا في الخمسينيات والستينيات في العصر الذهبي للسينما والغناء، والذي تزامن مع إنشاء جمال عبدالناصر وزارة الثقافة وتشجيعه للقوى الناعمة بصورة مستمرة، والنتيجة أجيال من النجوم المهمين المطلعين'.
ويشدد فتحي على أن الاطلاع 'مهم للفنان وليس شيئاً ثانوياً أبداً، بل هو واجب عليه، والحقيقة أن مستواهم الفكري جعلهم تقريباً ما عدا شكري سرحان يقدمون على الإنتاج، لأن لديهم وجهة نظر ورؤية يريدون التعبير عنها فنياً'، لافتاً إلى أن المفارقة أن حتى بعيداً من مستوى القراءة والأفكار 'كثر من أبناء الجيل الحالي بكل المجالات يخاصمون المعرفة، فيما بعض الفنانين الأصغر عمراً يتباهون بعدم مشاهدتهم كلاسيكيات السينما من الأساس، على رغم أن المشاهدة أيضاً جزء مهم للغاية من الثقافة الفنية التي تفيدهم في عملهم بصورة مباشرة، ومع ذلك هناك عداء لها وكأنها مضيعة للوقت، إضافة إلى أن كثراً أيضاً يتباهون بعدم متابعة الحركة النقدية، وكأن ذلك مدعاة للفخر أو أنهم ليسوا في حاجة إلى قراءة تحليلات المتخصصين للأعمال الفنية'.
كانت الفنانة سلمى أبو ضيف صرحت قبل عامين إنها لم تشاهد فيلم 'أنف وثلاثة عيون' المأخوذ عن قصة إحسان عبدالقدوس وعرض في سبعينيات القرن الماضي، وذلك على رغم أنها كانت ضمن أبطال النسخة الجديدة من الفيلم التي شارك فيها أيضاً ظافر العابدين وأمينة خليل، لكن الأمر يأخذ أبعاداً أخرى في حالات كانت أكثر إرباكاً للجمهور، فقبل أعوام عدة اعترف الفنان بيومي فؤاد في برنامج فني أنه تسبب في إتلاف لوحة نادرة، وذلك خلال فترة توليه منصب رئيس قسم ترميم اللوحات الورقية ومدير إدارة حماية الملكية الفكرية بقطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة، حيث أشار إلى أن الأمر حدث نتيجة إهمال منه، لكنه تباهى أيضاً بأنه ألقى اللوم على مرؤوسيه، وسط صدمة الجمهور.
اللافت أن مقدم البرنامج حينها لم يراجعه، حيث اختار الضحك وكأنها مزحة، فيما بدا فؤاد مستهيناً بصورة واضحة بقيمة العمل الفني النادر الذي أتلفه، وكذلك لم يأبه بأن يظلم موظفين أبرياء، وبعد الضجة الكبيرة اضطر بيومي فؤاد إلى الاعتذار، لكن بعدما أثبت التناقض الشديد بين كونه موظفاً يعمل بمؤسسة من شأنها إعلاء الثقافة وحماية الفكر، وبين رؤيته هو لهذا المجال عموماً.
فيما كان مسلسل 'عايشة الدور' لدنيا سمير غانم أقر خلال أحد مشاهده بوفاة الفنانة الاستعراضية فريدة فهمي على رغم أنها لا تزال على قيد الحياة، في حين أن المسلسل كان من بين أهدافه محاربة الجهل المعلوماتي المنتشر عبر السوشيال ميديا، وقبل ذلك بسنوات كانت الفنانة يسرا قالت في أحد اللقاءات إن الصحابي عمرو بن العاص أحد 'الأربعة' المبشرين بالجنة، فلم تذكر أنهم 10 وأضافت للقائمة اسماً غير موجود بها.
في حين لا يتوقف الفنان أحمد سعد خلال لقاءاته عن الحديث بسخرية عن فكرة الثقافة بصورة عامة، بما فيها مستوى شقيقه العلمي، وهو عالم الكيمياء سامح سعد، وسط استهجان متواصل من المعلقين على هذه التصريحات، كذلك تمتلئ تصريحات نقيب الموسيقيين مصطفى كامل باتهامات بلا سند لمطربي الراب العالميين مثل ترافيس سكوت وكانيه ويست بممارسة طقوس 'غريبة'، وأفعال شيطانية، من دون أن يفسر معنى هذه العبارات، مبدياً سعادته بتمكنهم من المشاركة في منع حفلاتهم الموسيقية بمصر.
في حين أن فنانة شهيرة فشلت مراراً في أن تجتاز اختبارات بسيطة تتعلق بحساب الأرقام وأخرى ظهرت في لقاء وهي لا تعرف كيف تقول اسم حيوان ينتهي بحرف معين، كثير من النجوم أيضاً لديهم سعة اطلاع في مجالات كثيرة، لكنهم يحبون التجويد، فيخرج الأمر أشبه بالمساهمة في نشر معلومات مضللة شديدة الضرر، حيث خرج الفنان أحمد السقا وهو يتحدث عن أن السبيل لعلاج الاكتئاب هو أن 'يسقع' الإنسان نفسه وسط دهشة المعلقين وبينهم متخصصي الطب النفسي الذين شددوا على خطورة استماع هذه النصائح غير المسؤولة التي تنم عن عدم معرفة بحالات الاكتئاب.
لكن هل يمكن اللوم على هذه الفئة فحسب، أم أن معاداة الثقافة باتت ظاهرة مجتمعية وتتضح من خلال تهميش جرى على مدار عقود للمؤسسات المعنية بهذا الدور، ثم جاءت السوشيال ميديا لتكمل على ما تبقى، فتساوت الأجيال الأكبر عمراً بالأجيال الجديدة فيما يتعلق بمستويات الاطلاع وبمصادر التثقيف من خلال الاعتماد على معلومة سريعة عادة لا تكون موثوقة واعتناقها، بل والاهتمام بالمحتوى المضحك، من دون السعي لما هو أعمق، كذلك الاشتباك مع الواقع قد جلب للنجوم في مصر عقب ثورة يناير على وجه التحديد مشكلات وخسائر مهنية وتأثيرات سلبية في علاقتهم بالجمهور، فكُثر آثروا السلامة والتوقف عن مشاركة آرائهم فيما يجري علانية.
كذلك فإن استبدال مواقع التواصل بالمجموعات الثقافية بات أثره شديد الوضوح وينبئ بمزيد من الظهور وفقاً للباحث والناقد سامح فتحي الذي يبدي تشاؤمه من مستقبل الأجيال الجديدة من الفنانين في هذا الجانب، مشدداً على أنه يلمس هرباً منهم من متابعة الفنون من الأساس، ويسعون إلى تحقيق الشهرة والثراء، من دون الاهتمام بالفن نفسه، ومتذكراً كيف كان كبار نجوم الزمن الماضي يحيطون أنفسهم بأسماء مثقفين لهم ثقلهم يتعلمون منهم حتى باتوا هم من أهم المثقفين أيضاً ويذكر منهم محمود ياسين وصلاح السعدني ونور الشريف، معتبراً أن الأخير كان موسوعياً، ومع ذلك كان هؤلاء النجوم، في رأيه، قريبين جداً من الجمهور ولا يجلسون في برج عاجي فلا تعارض بين سعة المعرفة واحترام الفنان لمكانته بالقراءة وامتلاك رؤية وبين كونه قريباً من الشعب أو لا، فمن يتبنى هذا الرأي مضلل.
ونور الشريف كان ينوي طرح كتاب من تأليفه يتضمن رؤية مجتمعية وسياسية نابعة من لقاءاته الشخصية بمشاهير عصره في مختلف المجالات، وبينهم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، لكنه انشغل بعمله الفني، واللافت أن فكرة ارتباط الثقافة بالتعليم لا تبدو دقيقة أيضاً إذا ما نظرنا إلى هذا الجيل، فعديد منهم لم يحصلوا على شهادات جامعية، وبعضهم لم ينتظم في المدارس لوقت طويل مثل سعاد حسني على سبيل المثال التي تثقفت ذاتياً بمساعدة صلاح جاهين وعبدالرحمن الأبنودي، وباتت مفوهة في الحديث في مجالات عدة وتمتلك رؤية عميقة مكنتها من اختيار أدوارها شديدة التعقيد نفسياً.
وبعد الأزمات الكبيرة التي حدثت أخيراً بسبب ظهور بعض الفنانين وكأنهم لا يهتمون بالمعرفة والتثقيف طالبت مدرس الإعلامي سمر يسري بضرورة تطبيق ميثاق الشرف الإعلامي بعدم التضخيم والتهويل في الأمور المتعلقة بالمشاهير، بخاصة أن البعض قد تخرج منه مجرد زلات، ولكنها تتحول إلى أزمات كبرى وتؤثر في مسارهم المهني، وحتى حياتهم الشخصية، مشددة على أنه رغم أخطاء البعض فإنه ينبغي مراعاة حقوقهم في التناول الموضوعي لما يبدر منهم، حيث ترى أن مواقع التواصل الاجتماعي تسهم في انتشار التصريحات السلبية التي يطلقها المشاهير بسرعة، مما قد يضخم المشكلات ويؤدي إلى جدل وأزمات طويلة الأمد وعميقة التأثير.


































