اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٢٣ أيلول ٢٠٢٥
في وقت تكافح فيه اقتصادات كبرى للحفاظ على استقرارها المالي وسط أزمات عالمية متلاحقة، يبرز صندوق الثروة النرويجي كأكبر صندوق سيادي في العالم بقيمة تتجاوز تريليوني دولار.
هذا الكيان الذي نشأ من عائدات النفط والغاز لم يكتفِ بإدارة ثروات النرويج فحسب، بل تحول إلى لاعب مؤثر في الأسواق العالمية، وصاحب قرارات استثمارية ذات أبعاد سياسية وأخلاقية، خصوصاً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
أُنشئ الصندوق عام 1998 تحت اسم (Norges Bank Investment Management) لإدارة أصول 'صندوق التقاعد الحكومي العالمي' نيابة عن وزارة المالية.
والهدف الأساسي كان الاستثمار طويل المدى لعائدات النفط والغاز بطريقة مسؤولة وشفافة، بما يضمن تنمية أموال الدولة للأجيال المقبلة.
بدأ الصندوق برأسمال قدره 172 مليار كرونة (23 مليار دولار)، ثم تدفقت إليه إيرادات النفط والغاز بشكل مستمر، مثل 158.3 مليار كرونة خلال النصف الأول من العام الحالي.
ومع مرور الوقت، تحولت محفظته من الاعتماد على السندات فقط إلى الاستثمار في الأسهم بنسبة 40% عام 1998، ثم 60% في 2007، ما أدى إلى تضاعف قيمته حتى بلغ اليوم نحو 1.9 تريليون دولار.
يمتلك الصندوق نحو 1.5% من الأسهم العالمية في أكثر من 9000 شركة. وتتنوع استثماراته كالتالي:
ومن أبرز استثماراته العالمية حصص في شركات كبرى مثل TSMC (1.85%) وAMD (1.33%).
خلال النصف الأول من 2025، حقق الصندوق عائداً نسبته 5.7%، رغم تراجع قيمته 156 مليار كرونة إلى 19.59 تريليون كرونة.
أعلى القطاعات أداءً في الأسهم كانت:
بلغت استثمارات الصندوق في أسواق الأسهم العربية 5.3 مليار دولار بنهاية النصف الأول من 2025:
اتخذ الصندوق مواقف حاسمة مؤخراً:
وقد أثارت هذه القرارات ردود فعل غاضبة في واشنطن، حيث هدد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام بفرض عقوبات اقتصادية على النرويج.
يمثل صندوق الثروة النرويجي مثالاً فريداً على كيف يمكن للمال أن يكون أداة للسياسة والقيم الأخلاقية. فهو لا يكتفي بتحقيق الأرباح، بل يسعى للتأثير في قضايا دولية حساسة، من المناخ إلى فلسطين. وبينما يظل أكبر صندوق سيادي في العالم، يبقى أيضاً أحد أبرز الأمثلة على التقاء الاقتصاد مع المبادئ الإنسانية.
ومن جانبه، يؤكد المحلل الاقتصادي أسلام الأمين أن التجربة النرويجية في إدارة صندوقها السيادي تمثل نموذجاً فريداً في كيفية تحويل عائدات النفط والغاز إلى ثروة مستدامة تتجاوز الأجيال.
وأضاف الأمين في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن القرارات الأخيرة للصندوق بشأن إسرائيل والشركات العالمية المتورطة في دعم الاحتلال، تعكس تداخلاً متزايداً بين الاقتصاد والسياسة، حيث لم يعد الاستثمار مجرد أداة مالية بل أصبح أيضاً وسيلة للتعبير عن مواقف أخلاقية وإنسانية.
ويرى أن هذه الخطوة قد تعزز الضغوط الدولية على الشركات المتورطة في الانتهاكات بحق الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه تضع الصندوق أمام تحديات جيوسياسية معقدة، خاصة مع تهديدات أمريكية بفرض قيود اقتصادية على النرويج.
ويشير الأمين إلى أن مثل هذه القرارات تفتح نقاشاً أوسع حول دور الصناديق السيادية في رسم ملامح الاقتصاد العالمي، ليس فقط من زاوية العوائد، وإنما أيضاً من زاوية القيم والمبادئ، الأمر الذي قد يلهم صناديق أخرى في المنطقة العربية لاتخاذ مواقف أكثر جرأة تجاه قضايا إنسانية وسياسية مؤثرة.


































