أقرت جماعة الحوثي، ضمنيًا، بتورطها في فضيحة تجارية أثارت جدلاً واسعًا، تمثلت في بيع أسمنت باكستاني مغشوش داخل أكياس تحمل اسم 'أسمنت عمران'، في محاولة للتغطية على استيراد مواد غير مطابقة للمواصفات وترويجها على أنها إنتاج وطني.

ورغم نفي الميليشيا المباشر للاتهامات، إلا أن البيان الصادر عن المؤسسة اليمنية العامة لصناعة وتسويق الأسمنت، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، تضمن تبريرات تؤكد صحة المعلومات التي تداولها الإعلام المحلي بشأن 'إعادة تعبئة' شحنات مستوردة في أكياس لمصانع وطنية.

وقال بيان المؤسسة، الذي اطّلع عليه 'المشهد اليمني'، إن 'الأسمنت المستورد تم تغليفه مؤقتًا في أكياس تحمل شعار مصنع عمران لأسباب لوجستية'، وهو ما اعتبره مراقبون إقرارًا صريحًا بوقوع المخالفة، ومحاولة للتقليل من تداعيات الفضيحة.

وأكد اقتصاديون أن الواقعة تُعد خيانة للثقة الوطنية قبل أن تكون غشًا تجاريًا، مطالبين بفتح تحقيق شفاف ومحاسبة المتورطين، نظرًا لما تمثله هذه الممارسة من خرق صريح للقوانين التجارية اليمنية، وإضرار بسمعة القطاع الصناعي الوطني.

وبحسب مصادر اقتصادية مطلعة، فقد تورطت الميليشيا الحوثية في صفقة فساد ضخمة، شملت استيراد كميات كبيرة من الأسمنت الباكستاني منخفض الجودة، عبر ميناء الصليف، بإشراف مباشر من مسؤولين في مؤسسة الأسمنت اليمنية، على رأسهم مدير المؤسسة، يحيى عطيفة، الذي يُتهم بإدارة الصفقة بالتنسيق مع قيادات حوثية نافذة.

وأضافت المصادر أن البواخر المحملة بالأسمنت دخلت البلاد في ظروف غامضة، وتم إعادة تعبئة الشحنات داخل أكياس رسمية لمصنعي 'عمران' و'باجل'، ثم توزيعها في الأسواق المحلية على أنها إنتاج وطني، وبأسعار مرتفعة تفوق أسعار الإنتاج المحلي.

وأكدت المصادر أن وكلاء المؤسسة تم إجبارهم على شراء الكميات المستوردة رغم تدني جودتها، في حين غاب أي إعلان رسمي عن الصفقة أو طبيعة الشحنات المستوردة، ما يؤكد وجود غطاء رسمي حوثي لتمرير العملية وتوفير الحماية للمسؤولين عنها.

وتأتي هذه الفضيحة، التي وُصفت بـ'صفقة المليارات'، في ظل استمرار الحوثيين في احتكار سوق الأسمنت ومواد البناء، ومنع التجار المستقلين من استيراد أي شحنات خارج إشرافهم، خاصة بعد تعرّض مصنعي عمران وباجل لأضرار جسيمة بسبب القصف الإسرائيلي الأخير.

وحذر مهندسون وخبراء من خطورة استخدام الأسمنت المغشوش في مشاريع البناء، مؤكدين أن انخفاض جودة المنتج قد يؤدي إلى كوارث إنشائية مدمرة تهدد سلامة المباني وسكانها، داعين إلى تدخل عاجل من الجهات الفنية المستقلة للكشف عن مدى انتشار هذه المواد في الأسواق، ومحاسبة كافة المسؤولين عن هذا الغش الممنهج.