يواجه جرحى الحرب من أفراد الجيش الوطني معاناة كبيرة جراء تعرضهم لإهمال مستمر وسط شكاوى من قيادات القوات الحكومية بشأن عجز مالي كبير.

ويشكو بعض جرحى الجيش من عدم إتمام علاجهم وغياب الدعم الكافي لهم في ظل ظروف معيشية قاسية يتجرعونها مع أسرهم.

الجريح عبدالناصر قائد السامعي أصيب قبل ثماني سنوات بشلل نصفي جراء استهدافه بطلقة قناص حوثي، ومازال يعاني الوجع حتى اليوم.

ويقول الشاب العشريني إن معاناته مستمرة منذ ثماني سنوات، نتيجة ما وصفه بـ'الإهمال الطبي المتعمد' من قبل اللجنة الطبية، التي أبلغته مرارًا بأن حالته ميؤوس منها، وأن لا جدوى من سفره للعلاج خارج البلاد.

وأضاف السامعي، وهو أحد جرحى الجيش في تعز ، أنه تمكن قبل أشهر من السفر إلى مصر ضمن دفعة من الجرحى تضم 44 مصابًا، بتوجيهات من القيادة. وهناك، بحسب تعبيره، كانت المفاجأة حين أبلغه الأطباء المصريون بأنه تأخر كثيرًا في بدء العلاج، وأنه لو وصل في وقت مبكر لكان بمقدوره المشي بشكل طبيعي.

دفن بصيص الأمل

وأوضح السامعي أنه رغم التأخير، فقد بدأ يظهر تحسن واضح في حالته خلال فترة قصيرة؛ إذ تمكن خلال ثلاثة أشهر من الوقوف على الجبائر والعكاز الرباعي، وفي الشهر الرابع بدأ يمشي خطوات بسيطة بمساعدة الطبيب.

وتابع قائلاً: 'بينما كنت على أبواب استعادة حياتي، أُبلغت بانتهاء مدة العلاج وضرورة العودة إلى اليمن، رغم أن حالتي بدأت تتحسن بعد سنوات من اليأس'. وأشار إلى أنه تواصل مع كافة الجهات الرسمية وأرسل فيديوهات توثق تحسنه، لكنه لم يلقَ أي تفاعل أو استجابة.

وأكد السامعي أنه لجأ إلى السفارة اليمنية في القاهرة، وتمكن بمساعدة أحد الأصدقاء من الحصول على تمديد لمدة شهر، دون تغطية نفقات العلاج، الأمر الذي أثار استياء اللجنة الطبية، بحسب قوله.

وأشار إلى أنه استدان مبلغًا ماليًا لتغطية نفقات علاجه خلال فترة التمديد، وقبيل انتهاء إقامته، اضطر للعودة إلى اليمن بعد أن منحته اللجنة الطبية مصروف شهر واحد فقط، لسداد ديونه.

وختم السامعي تصريحه بالقول: 'أشعر أنني كنت في مواجهة مع عصابات من تجار الحروب، لا يهمهم شفاء جريح ولا تحسن حالته. وأنا اليوم أرفع مظلمتي إلى قاضي السماء والأرض'.

وأوضح السامعي أنه يحتفظ بفيديو يوثق تحسن حالته بشكل واضح، إضافة إلى فيديو آخر يظهره وهو يمشي بمساعدة الطبيب، مؤكدًا أن ذلك دليل على أن حالته لم تكن ميؤوسًا منها كما قيل له طوال السنوات الماضية.

إهمال لسنوات

بدوره، قال الناشط حذيفة حبيب إن الوضع الذي وصلت إليه مدينة تعز بات مؤلمًا ومخزيًا، حيث يضطر الأهالي للخروج مع الجريح المقعد مهند عاطف إلى الشارع لمناشدة علاجه، بعد ثلاث سنوات من الإهمال والتجاهل.

وأضاف حبيب عبر فيسبوك : 'لو أن هذا البطل كان من جرحى غزة، لتم تسفيره وعلاجه منذ اللحظة الأولى، لكن للأسف، تعز اليوم تعيش واقعًا مأساويًا، يُهان فيه الجرحى الأبطال الذين بذلوا دماءهم في ميادين الشرف.'

وتابع: 'لو كان هذا الجريح أسيرًا من العدو، لما رضيت ضمائرنا أن نتركه بهذا الشكل، فكيف نرضى أن يواجه هذا الإهمال جندي من أبطال تعز، ممن أصيب أكثر من مرة في سبيل كرامتنا جميعًا؟'

وأكد حبيب أن هذا الوضع يحتم على القيادات العسكرية في تعز أن تراجع نفسها، قائلاً: 'من يحمل على كتفه نجمات وطيورًا رمزية، عليه أن يعلم أن هذه الرتب لا تستحق أن تُحمل، إن لم يكن حاملها وفيًا لمن صنع مجد هذه المدينة وضحى من أجل بقائها.'

واختتم بالقول: 'لولا تضحيات هؤلاء الأبطال في الميدان، لما كان هناك جيش ولا شرعية اليوم. ومن العار أن يُكافَأوا بالجحود والإهمال.'

بدوره، قال الناشط أحمد الجرنوع إن هناك ترتيبات لسفر الجريح مهند عاطف.

وأضاف' جاءت قيادات تعز واستجابت وسيتم تسفير الجريح يوم الاثنين إلى عدن و بعدها إلى الخارج.

موقف قيادة الجيش

وفي سياق الجانب الرسمي، شكت قيادة الجيش في تعز من عدم وجود ميزانية حكومية ثابتة، حيث تعتمد بشكل كامل على ما يُقدَّم من قيادة المحور والسلطة المحلية.

وقال بيان صادر عن قيادة محور تعز إن ما تم تداوله في بعض صفحات التواصل الاجتماعي من' مزاعم وافتراءات مغرضة' بشأن أوضاع الجرحى، والادعاء الكاذب بأن مخصصاتهم المالية تُصرف لأغراض غير مخصصة لها، هو أمر لا أساس له من الصحة وعارٍ تمامًا عن الحقيقة.

وأضاف البيان أن اللجنة الطبية العسكرية هي الجهة الرسمية والمخولة قانونًا بمتابعة شؤون الجرحى أمام الجهات ذات العلاقة، وتعمل بكل جهد في ظل عدم وجود ميزانية حكومية ثابتة، حيث تعتمد بشكل كامل على ما يُقدَّم من قيادة المحور والسلطة المحلية.

وأوضح أن جميع الإيرادات والمخصصات المالية الخاصة بالجرحى تُحول مباشرة إلى حساب اللجنة الطبية، باعتبارها الجهة الوحيدة المعنية بملف الجرحى، وتقوم بأعمالها بشفافية ومسؤولية كاملة، وتُقدِّم تقارير دورية وتخضع لرقابة لجنة مالية مشتركة من قيادة المحور ومحافظة تعز، وتتم كافة عمليات الإيراد والصرف بمحاضر رسمية ووفق ضوابط دقيقة.

وأعرب البيان عن أسف قيادة محور تعز لاستغلال معاناة الجرحى في حملات تضليل وتشويه ممنهجة، تهدف إلى النيل من مؤسسات الجيش الوطني.

ودعا البيان جميع المواطنين والناشطين إلى تحري المصداقية واستقاء المعلومات من مصادرها الرسمية، مشددا على أن الاهتمام بملف الجرحى يمثل أولوية دائمة لقيادة المحور، وأن الجهود مستمرة لتقديم الرعاية الصحية والدعم اللازم لهم، وفاءً لتضحياتهم وبطولاتهم في ميادين الشرف.