بمزيج متوقد من الحماس والإيجابية والعفوية والجدية، تلمع شمس طارق في سماء كيغالي عاصمة رواندا، حيث استطاعت أن تجعل اسمها علامة مميزة في عالم الأعمال الإفريقي.

شمس طارق هي شابة مصرية في العشرينات من عمرها، تدير شركتها في قطاع مستلزمات الضيافة منذ نحو سبع سنوات، وتزوّد الفنادق وبيوت الضيافة في رواندا بمنتجات القطن المصري الفاخر، الذي بات يحظى بشهرة واسعة في السوق الرواندية.

جاءت بداية رحلة النجاح البارزة مصادفة. أثناء دراستها لإدارة الأعمال في النمسا قبل تسع سنوات، زارت شمس رواندا كسائحة، لتقع في حب طبيعتها الخضراء وهدوئها الساحر، وخصوصًا روح شعبها الذي يتعامل بودّ واحترام.

و تقول شمس في حديثها لصحيفة أفريكا ريبورت: 'رأيت في رواندا بلدًا يتجه بقوة نحو الاستثمار والسياحة، فشعرت أن الفرصة أمامي، وقررت أن أبدأ من هنا رحلة جديدة.'

ولاحظت شمس أن الحكومة الرواندية تضع تطوير قطاع السياحة ضمن أولوياتها، فوجدت في ذلك منفذًا لتأسيس مشروع يخدم هذه الرؤية. أطلقت شركتها المتخصصة في توريد منتجات القطن المصري للفنادق والمنتجعات، وقامت بجولات تسويقية واسعة، تزور خلالها عددًا من الفنادق يوميًا لتقديم منتجاتها بنفسها، حتى كوّنت قاعدة عملاء واسعة وثقة كبيرة في السوق المحلية. ومن رواندا، توسعت أعمالها إلى كينيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، مع خطط مستقبلية للتوسع نحو دول حوض النيل وبحيرات إفريقيا الكبرى.

وتوضح شمس أن سر نجاحها يكمن في الوجود الميداني الحقيقي داخل السوق، لا في التعاملات عن بُعد. تقول: 'الأسواق الإفريقية تحتاج إلى حضور فعلي واستمرارية في التوريد، لا إلى صفقات عابرة. الناس هنا يثقون بمن يرونه ويعرفونه عن قرب.'

وعن سر اختيارها رواندا بدلًا من البقاء في أوروبا، تبتسم قائلة: “أنشأت شركتي وسجلتها في أقل من ساعتين، بلا روتين أو فساد أو تعطيل. الحكومة الرواندية تدرك أن سمعة البلاد أهم من أي شيء، وهي تسهّل كل الإجراءات لجذب المستثمرين، خاصة الأجانب”. كما أشادت بالمناخ المعتدل على مدار العام، ومستوى الأمن والاستقرار الذي يبعث على الطمأنينة والاستثمار طويل الأجل.

وتؤمن شمس أن التجربة الرواندية بعد مأساة الإبادة الجماعية تحمل درسًا عميقًا للعالم كله. فالشعب الرواندي ـ كما تقول ـ “تعلم من الألم، فاختار أن يبني لا أن ينتقم”، وهو ما خلق بيئة مثالية للعمل والاحترام المتبادل.

وفي رسالتها إلى الشباب المصري والعربي، تدعو شمس إلى اكتشاف إفريقيا من الداخل، فالقارة ـ على حد قولها ـ “هي قارة الفرص لمن يتحلى بالمغامرة والانفتاح”. وتشدد على أهمية دراسة السوق، لكن الأهم ـ كما تقول ـ هو فهم ثقافة الشعوب والتكيف معها، لأن “الاختلافات الثقافية قد تفتح أبوابًا للنجاح، أو تكون سببًا للفشل إذا لم تُفهم جيدًا.”

واليوم، أصبحت شمس طارق رمزًا مشرقًا للتعاون الإفريقي – الإفريقي، وجسرًا ثقافيًا يربط القاهرة بكيغالي، يجسد كيف يمكن للطموح الفردي أن يتحول إلى مشروع وطني صغير يرفع اسم مصر في القارة السمراء. إنها بالفعل “شمس مصر في رواندا”، كما وصفتها صحيفة أفريكا ريبورت، تضيء طريق الشراكة والاحترام المتبادل بين الشعوب، وتؤكد أن النجاح في إفريقيا يبدأ من الإيمان، ويتجذر بالثقافة والعمل الجاد.