شهدت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة في القاهرة الجديدة، واحدة من أطول جلساتها وأكثرها توترا في القضية المعروفة إعلاميا بقضية تصنيع المواد المخدرة والمتهمـة فيها المنتجة سارة خليفة و27 متهما أخرين، حيث امتدت الجلسة لساعات طويلة تداخلت خلالها شهادات الشهود مع دفوع الدفاع واعتراضات المحامين، وانتهت بقرار المحكمة تأجيل نظر الدعوى.

بدأت الجلسة بهدوء نسبي قبل أن تأذن هيئة المحكمة للمتهمة سارة خليفة بالكلام، فوقفت أمام المنصة مؤكدة عدم صلتها بالواقعة، وقالت بصوت ثابت: 'أنا معرفش الضابط وربنا معايا وهيظهر الحق'.

وعلى نفس النبرة الدفاعية، تحدث أحد المتهمين الشبان قائلا إنه لم يمارس أي سلوك مخالف، وأضاف: 'عمري ما شربت سيجارة ولا حتى قعدت على كافيه… أنا معملتش حاجة'.

بدت القاعة منذ اللحظات الأولى مشحونة بتوتر واضح، في ظل تداخل الاتهامات وتشابك الوقائع واشتداد اهتمام الحضور والمتابعين.

ومع تسليم المحكمة نسخة كاملة من ملف القضية لهيئة الدفاع، بدأت مناقشة ضابط التحريات الذي تمسك أمام المحكمة بكل ما ورد في أقواله بالتحقيقات، مؤكدا أن المعلومات التي بنى عليها محضره 'موثقة ولم يمليه عليه أحد'، بينما أكدت سارة رواية أخرى تماما، مشيرة إلى أن الضابط قال لها خلال استجوابها: 'ارحمي نفسك واعترفي إنك بتتاجري في المخدرات'، وهو ما شددت على عدم صحته.

وبين رواية المتهمين وشهادة الضابط، أخذت حرارة الجلسة في الارتفاع شيئا فشيئا وبدأت في التوتر، وفي ذروة المناقشة، وقعت واحدة من أكثر اللحظات حدة حين انسحبت إحدى المحاميات من القاعة، معلنة اعتراضها على ما وصفته بـ 'عدم التعاون وغياب الشفافية' من جانب ضابط التحريات بعد رفضه الإجابة على أسئلتها، وأثبتت المحكمة الواقعة في محضر الجلسة، فيما استمرت في سماع باقي الشهود دون توقف.

وخلال مناقشة أخرى، سأل أحد المحامين ضابط التحريات عن وجود دفاتر أو سجلات تدون فيها بيانات المصادر السرية التابعة لجهاز مكافحة المخدرات، ليرد الضابط قائلا إنه 'لا توجد دفاتر تسجل فيها مثل هذه البيانات'، وإن المصدر السري الذي زودهم بالمعلومات كان سببا مباشرا في توصلهم لخيوط القضية وأن معلوماته جرى التحقق منها قبل عمليات الضبط.

أما النيابة العامة، فتدخلت عندما حاول الدفاع توجيه الشاهد من خلال عرض صور للمتهمين أمامه، مؤكدة أن 'توجيه الشاهد أو التأثير على أقواله أمر غير جائز'، وأن التحقيقات يجب أن تسير وفق الإجراءات القانونية السليمة.

واحتدت الأجواء من جديد عندما واجه دفاع إحدى المتهمات ضابط التحريات بتقرير طب شرعي يثبت إصابات بجسد موكلته، وسأله مباشرة: 'هل الإصابات وقعت أثناء القبض عليها أم داخل مقر مكافحة المخدرات؟' لكن الضابط اكتفى بتكرار جملة واحدة لعدة مرات: 'أنا متمسك بأقوالي في تحقيقات النيابة العامة'، دون إضافة أو توضيح، ما أثار اعتراض الدفاع الذي رأى أن الإجابة 'تفتقر إلى التحديد وتغيب عنها التفاصيل'.

ولم تخلو الجلسة من مواقف غير معتادة، خاصة عندما وجه أحد المحامين سؤالا فنيا للضابط قائلا: 'كيف يتم تصنيع المواد المخدرة؟' وهو سؤال بدا مستفزا للشاهد، الذي رد عليه دون أي تفاصيل: 'أنا متمسك بأقوالي في التحقيقات'.

وارتفعت الهمسات داخل القاعة فور الإجابة، بينما اعتبر بعض الحضور أن السؤال محاولة لاستكشاف نواحي فنية قد تضعف شهادة الشاهد أو تكشف عدم تخصصه في الجوانب التصنيعية.

وخلال استجواب لاحق، واجه محامٍ أخر ضابط التحريات بسؤال حول ما إذا كان قد رصد بنفسه أي متهم وبحوزته مواد مخدرة أو معدات تصنيع، لكن الشاهد كرر إجابته التقليدية دون الخوض في تفاصيل.

وفي جزء آخر من الجلسة، جرت مشادة قصيرة أثناء استجواب الشاهد الثالث حين طلب دفاع المتهم الثاني عشر وصف موكله دون الإشارة إليه داخل القاعة، فأجاب الشاهد بأنه 'متوسط الطول ورفيع'، وهو ما اعتبره الدفاع وصفًا 'مبهما' لا يصلح للاعتماد عليه في تحديد هوية المتهم.

ومع اقتراب نهاية الجلسة، بدا الإرهاق واضحا على معظم الحاضرين، بينما واصل الدفاع والشهود النقاشات حول تفاصيل القضية وسط اهتمام مكثف من وسائل الإعلام.

ومع انتهاء مناقشات اليوم وإثبات الملاحظات كافة بمحضر الجلسة، قررت محكمة جنايات القاهرة تأجيل نظر الدعوى إلى جلسة 18 نوفمبر الجاري لاستكمال سماع باقي الشهود ومرافعات الدفاع، لينتهي يوم طويل اتسم بالشد والجذب، ويظل ملف القضية مفتوحا على احتمالات قضائية عديدة تنتظرها الجلسات القادمة.