اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
اهتزّ الوسط الرياضي الإيطالي على وقع فضيحة غير مسبوقة كشفت عن مؤامرة تجسسية رقمية استهدفت نجم ألعاب القوى مارسيل جاكوبس، البطل الأولمبي في سباق المائة متر، تورط فيها جياكومو تورتو، الشقيق الأكبر لزميله في المنتخب فيليبو تورتو، أحد أبطال سباق التتابع الذي منح إيطاليا ذهبية أولمبياد طوكيو 2020.
القضية التي بدأت همسًا بين أروقة الاتحاد الإيطالي لألعاب القوى تحوّلت سريعًا إلى عاصفة رأي عام بعدما أعلن الاتحاد رسميًا فرض عقوبة إيقاف لمدة ثلاث سنوات على جياكومو تورتو، إثر تورطه في عملية تجسس إلكتروني حاول من خلالها الوصول إلى بيانات شخصية خاصة بجاكوبس.
وجاء القرار بعد تحقيقات قضائية وإعلامية موسعة أكدت استعانته بشركة متخصصة في القرصنة مقابل نحو عشرة آلاف يورو، في محاولة للعثور على أدلة مزعومة تتعلق بتعاطي المنشطات — وهي مزاعم لم يثبت منها شيء.
وبحسب تقارير صحفية إيطالية منها 'إل بوست' و'إنسا' و'إندسايد ذا جيمز'، فقد كشفت التحقيقات أن جياكومو استعان بوكالة تدعى إيكوالايز لاختراق حسابات جاكوبس ومدربه ووكيله وخبير التغذية الخاص به. لكن العملية فشلت تمامًا حين تبيّن أن وحدة التخزين التي سلّمت له فارغة، وهو ما لم يمنع السلطات من اعتبار الفعل انتهاكًا جسيمًا للأخلاقيات الرياضية ومساسًا بمبدأ النزاهة.
التحقيقات أظهرت أيضًا أن وراء العملية كارمين جالو، مفتش شرطة سابق تم تحديده كالعقل المدبر لشبكة تجسس إلكتروني تعمل في الخفاء. وجرى ربط جياكومو بتلك الشبكة، ما دفع الاتحاد الإيطالي (فيدال) إلى إصدار قرار مزدوج بمعاقبته:
ورغم أن المدعي الفيدرالي طالب بعقوبة مدى الحياة، إلا أن لجنة الانضباط رأت أن الحرمان الكامل من النشاط الرياضي سيكون «غير متناسب»، واكتفت بالإيقاف المؤقت ومنعه من حضور أي فعالية أو أداء مهام رسمية خلال المدة المحددة.
القصة اكتسبت بعدًا دراميًا حين دخل البُعد العائلي على الخط: فالمتورط هو شقيق زميل الضحية في المنتخب، فيليبو تورتو، الذي شكل مع جاكوبس ثنائيًا ذهبيًا في سباق التتابع 4×100 متر في طوكيو.
ومع انكشاف الفضيحة، سارع جاكوبس إلى إصدار بيان أكّد فيه ثقته الكاملة في فيليبو، قائلًا: «أصدق فيليبو حين يقول إنه لم يكن يعلم بما فعله شقيقه».
الاتحاد الإيطالي بدوره دعم هذا الموقف مؤكدًا أن فيليبو بريء تمامًا من أي ضلوع في الواقعة، في خطوة هدفها حماية سمعة الفريق الوطني الذي يُعد أحد رموز النهضة الرياضية في البلاد.
أما جياكومو — البالغ من العمر ٣٢ عامًا — فقد كانت له مسيرة محدودة في مضمار السرعة قبل أن يتحول إلى إدارة نادي ميلانو رابتورز. إلا أن مستقبله المهني بات مجهولًا بعد الإيقاف الذي سيستمر حتى عام ٢٠٢٨، مع منعه من دخول منشآت الاتحاد أو ممارسة أي نشاط رياضي رسمي.
وتأتي هذه الفضيحة في وقت يواصل فيه مارسيل جاكوبس تثبيت مكانته كأحد عمالقة ألعاب القوى الأوروبية. فبعد إنجازه التاريخي في طوكيو بزمن بلغ ٩.٨٠ ثانية، أضاف إلى سجله ذهبية أوروبا في ٢٠٢٢ و٢٠٢٤، قبل أن يحقق المركز الخامس في سباق المائة متر في أولمبياد باريس ٢٠٢٤ ويشارك في فوز إيطاليا بفضية التتابع في بطولة العالم ٢٠٢٣.
لكن رغم ثبات أداء جاكوبس وتاريخه النظيف من أي اتهامات بالمنشطات، فإن صدى الفضيحة ما زال يُلقي بظلاله الثقيلة على المشهد الرياضي الإيطالي. فقد تحوّل الحديث من إنجازات الحلبة إلى خيانات الكواليس، وفتحت الحادثة نقاشًا واسعًا حول الضغوط النفسية والتنافس الحاد داخل الوسط الرياضي في عصر الرقمنة والتجسس السيبراني.
ورغم كل الجدل، يبقى الأثر الأكبر أخلاقيًا - فالقضية كشفت أن التهديد الأكبر للنزاهة الرياضية قد لا يأتي من المنشطات، بل من داخل الدائرة الأقرب إلى الأبطال أنفسهم.