لايف ستايل
موقع كل يوم -فوشيا
نشر بتاريخ: ١٣ تشرين الأول ٢٠٢٥
بصوتٍ طربي أصيل، وموهبةٍ تشبعت بالتجربة والعاطفة، تواصل الفنانة التونسية يسرا محنوش رسم مسارها بثبات في الساحة الفنية العربية، بعيدا عن الضجيج، وقريبا من الجوهر. بعد إصدار ألبومها الجديد بالتعاون مع شركة 'روتانا' من ألحان الموسيقار الدكتور طلال، قرّرت هذا العام الغياب عن مهرجانات صيف 2025، في خطوة وصفتها بالضرورية لإتمام مشاريع إنتاجية تراها مفصلية في مسيرتها.
في حوار الأسبوع، تتحدث الفنانة التونسية يسرا محنوش لـ'فوشيا'، عن اختياراتها الفنية، وموقع الأغنية الطربية اليوم، وتنقّلها بين اللهجات العربية، وعلاقتها بالجمهور الذي تعتبره عائلتها الكبرى، كما تكشف عن جانبها الإنساني، البسيط والهادئ، الذي تحرص على الحفاظ عليه خلف الكواليس، بعيدا عن الأضواء.
يسرا محنوش لـ'فوشيا: شهادتي مجروحة بكاظم الساهر
طرحتِ مؤخرا ألبوما جديدا من إنتاج 'روتانا'، كيف تصفين هذه التجربة؟
هي تجربة في غاية الروعة والرقيّ. الألبوم من توقيع الموسيقار الدكتور طلال كملحن، وهو اسم كبير ومهم جدا، وأعماله تحظى بإشادة كبار النجوم. شعرت أنني محظوظة جدا بالتعامل معه، لأنه يملك لمسة فنية مختلفة في زمن أصبح يعج بالأغاني التي ابتعدت قليلا عن المستوى الفني الراقي. الموسيقار طلال يقدم فنا راقيا، والحمد لله!، الألبوم حقق نجاحا كبيرا على مستوى الوطن العربي، وخاصة في الخليج. وأتمنى دائما أن أكون عند حسن ظن المستمعين.
ضم الألبوم كلمات لعدد من الأسماء البارزة مثل كاظم الساهر، بدر بن عبد المحسن، ورامي العبودي. كيف تم اختيار هذه الأعمال؟
كما ذكرت سابقا، الموسيقار الدكتور طلال يُعد من أهم الملحنين في العالم العربي، ومن الطبيعي أن يتعامل مع شعراء كبار مثل الأمير بدر بن عبد المحسن، رحمه الله، الذي تدخل كلماته إلى القلب دون استئذان. وسعدت كثيرا بأنني قدمت أعمالا من كلماته في مسيرتي الفنية. كما كان هناك أيضا كلمات لشعراء عرب مهمين مثل حسين السيد، الذي تعامل مع أسماء بارزة كعبد الحليم حافظ، وهذا شرف كبير لي.
الحمد لله!، تم اختياري لتقديم هذه الأعمال، وأتمنى أنها وصلت إلى المستمعين في أجمل وأبهى صورة. كذلك رامي العبودي، الذي يقدّم أغاني جميلة، واسمه يلمع حاليا، وجميع هذه الاختيارات جاءت بالتنسيق بين الدكتور طلال والشعراء.
أما بالنسبة لكاظم الساهر، فكان التعامل مختلفا هذه المرة، إذ كتب هو الكلمات، بينما تولّى التلحين الدكتور طلال. وكانت النتيجة أغنية 'آه وآهين'، التي قدمتها، وهي معروفة الآن في كل الوطن العربي. شهادتي مجروحة في القيصر كاظم الساهر، فهو قريب جدا إلى قلبي، وأتمنى له دوام النجاح، وإن شاء الله سيكون لنا المزيد من الأغاني الجديدة معا في المستقبل.
تنوّعت لهجات الألبوم بين الخليجية، والعراقية، والمصرية.. هل كان ذلك توجها فنيا مقصودا للوصول إلى جمهور أوسع؟
أنا من الفنانين الذين يعتبرون أن الوطن العربي واحد، والفن يجمعنا دائما. عندما تكون الأغنية صادقة وتملك مصداقية، فهي تصل للجمهور بأي لهجة كانت. أحب أن أؤدي الأغاني الجيدة، وعندما أتقن لهجة معينة وأغني بها، أشعر بفرح كبير.
وعلى سبيل المثال، أغنية 'مرّ الحلو' التي أصدرتها مؤخرا باللهجة العراقية، لاقت إشادة كبيرة من الجمهور العراقي، وهذا أسعدني كثيرا، كما يسعدني عندما أرى فنانين عراقيين أو عربا يغنون باللهجة التونسية ويتقنونها. وأتمنى أن نكون دائما خير سفراء لبلداننا العربية.
هل من خطط لإصدار ألبوم قريبا؟ وهل سيكون باللهجة المصرية أم متنوعا مثل ألبوم روتانا؟
سأقدّم خلال الفترة القادمة عددا كبيرا من الأغاني، يفوق عدد أغاني الألبوم، وستصدر قريبا جدا. ستكون هناك لهجات مختلفة، منها المصرية والتونسية والخليجية، وأتمنى أن أكون دائما عند حسن الظن.
هل تعتقدين أن الأغنية الطربية لا تزال قادرة على المنافسة في السوق العربية؟
طبعًا، وأنا ألاحظ تفاعل الجمهور مع المقاطع الطويلة التي أنشرها على مواقع التواصل، خصوصا التي تحتوي على طرب. يمكن أن يكون هذا مرتبطا بالموهبة التي منحني الله إياها، وهي صوتي الطربي الأصيل. بكل صراحة، هناك الكثير من الأصوات الطربية، لكنها تُقدم أعمالا لا تظهر قيمتها. كما قدمت بعض الأغاني غير الطربية، ولست نادمة على ذلك، لأن الجمهور العربي واسع ومتنوّع؛ فهناك من يحب البوب، وآخر يفضل الأغاني الدرامية، وآخر يحب الطرب. وأنا من عشاق الأغنية الطربية، وأي أغنية جميلة تُلامسني، أقدمها. لكن بشكل خاص، أحب الأغنية الطربية، وأؤكّد أنها لا تزال تحتفظ بمكانة مميزة لدى المستمع، خصوصا إذا قُدمت بصوت يعرف كيف يوصلها بالشكل الصحيح.
هل تفكرين في دمج الطرب بلمسات عصرية؟ أو تفضلين البقاء وفية للمدرسة الكلاسيكية؟
أرغب في تقديم الاثنين. هناك أعمال ستكون بالطريقة الكلاسيكية، لكن يجب ألا ننسى أننا في سنة 2025، ويجب أن نواكب العصر. ومع ذلك، من المهم الحفاظ على هوية وروح الأغنية. فالأغنية الطربية لا يمكن تحويلها فجأة إلى شكل مختلف لمجرد أن الزمن قد تغيّر. وعصرنا اليوم يقبل الأغنية الجميلة والصادقة، مهما كانت. لذلك، أنا مع ما تطلبه الأغنية من جمال في التوزيع، دون أن نفقد أصالتها.
أعلنتِ غيابك عن مهرجانات صيف 2025. هل كان القرار فنيا بحتًا أم بسبب التزامات أخرى؟
القرار كان نتيجة التزامات أخرى، لكنه في جوهره قرار فني. لدي التزامات إنتاجية كبيرة، وسبق أن ذكرت أنني أعمل على عدد كبير من الأغاني، وهو ما تطلّب مني مجهودا وتضحيات. وضحيت بالمشاركة في المهرجانات، رغم أنني أحب لقاء جمهوري العزيز، خاصة أنني في كل سنة ألقى حبا وتقديرا كبيرين، وتذاكر الحفلات تنفد قبل موعدها بأيام، وأحيانا بأسابيع وأشهر. وأتمنى أن يثمر هذا الغياب عن المهرجانات إنتاجا أكبر، وأعتبره تقديرا مني لجمهوري، لأعود إليهم بعمل ضخم يليق بحبهم وانتظارهم.
يسرا محنوش: للفنان التونسي نصيب مهم في الساحة العربية
كيف ترين موقع الفنان التونسي في الساحة الفنية العربية اليوم؟
الفنان التونسي معروف عالميا بموهبته الاستثنائية، والكل يشيد بها. أرى أن من يعمل بجد ويثابر سيجد نتيجة جيّدة، بغضّ النظر عن الجنسية. قد نكون نحن، كتونسيين، بعيدين جغرافيا نوعا ما عن بعض مراكز الإنتاج الفني، مما يصعّب الأمور قليلا، لكن من يتعب ويجتهد يصل، مهما طال الزمن. والجمهور العربي يشيد بصوت الجمهور التونسي، فما بالك بالفنان التونسي؟
هل ترين أن على الفنان التونسي التوجّه نحو الخارج لضمان الانتشار؟
ليس بالضرورة. أنا شخصيا بدأت من بلدي تونس منذ صغري، ووجدت حبا كبيرا من الجمهور، وبلدي كان دائما داعما لي. وهناك فنانون تونسيون كبار، مثل الفنان القدير لطفي بوشناق، رفعوا اسم تونس عاليا من خلال الأغنية التونسية. في النهاية، هناك من نجح داخل تونس وخارجها، وهناك من خرج ولم ينجح، وآخرون نجحوا محليًا فقط، كل ذلك يُقدَّر من الله. أما عن نفسي، فتونس دعمتني منذ كنت في عمر ثلاث سنوات، والجمهور التونسي أحبني منذ بداياتي. وعندما اتجهتُ إلى الخارج، كَبُر هذا الحب، وتوسع جمهوري الذي اعتبره عائلتي الفنية على نطاق الوطن العربي وزاد حب الجمهور التونسي لي. أحرص دائما على أن أكون سفيرة لوطني، وأقدّمه في أجمل صورة.
من من الأصوات الشابة في تونس تتابعينها أو ترين فيها مشروعا واعدا؟
هناك الكثير من الأصوات الجميلة، ولا أحب أن أذكر أسماء حتى لا أنسى أحدا. لكن ما أستطيع قوله بكل أمانة، هو أنه لا يوجد فنان في تونس لا يملك صوتا جميلا أو لا يعرف كيف يُغني. تونس دائما 'ولّادة، ما شاء الله'.
كيف تقيمين حضور المرأة التونسية في المشهد الغنائي مقارنة بالمشهد العربي؟
صراحة، الحضور قليل نوعا ما، ولكن النوعية جيّدة جدا. حتى وإن لم يكن العدد كبيرا، فالنوع أهم من الكم. وأتمنى أن يتعزز هذا الحضور، وأن يلقى كل من يُقدّم فنا صادقا وإحساسا حقيقيا، النجاح الذي يستحقه.
يسرا محنوش: في داخلي طفلة صغيرة سهلة وصعبة في الوقت نفسه
بعيدا عن الأضواء، كيف تحافظين على توازنك النفسي وسط زخم العمل والحفلات؟
أنا بطبعي شخصية 'بيتوتية'، أحب بيتي، عائلتي، وأصدقائي المقربين. لا أعيش الكثير من الصخب، ولا أخرج كثيرا. أحب أن أكون في المنزل مع من أحبهم ويحبونني. هذا لا يعني أنني غير اجتماعية، بل العكس تماما، أنا اجتماعية جدا، لكن أجد راحتي وهدوئي وسط عائلتي وأهلي، في البيت.
لكِ مشاركات في حفلات ذات طابع خيري وإنساني. ما أهمية الفن بالنسبة لك في خدمة المجتمع؟
الفن راقٍ وسام، وأتمنى أن يستخدم كل شخص موهبته في الخير. عندما أجد فاعلية أو مناسبة يمكن أن تُسعد أو تساعد أحدًا محتاجًا أو مريضًا، أكون دائما من أوائل من يشارك فيها. هذه هي رسالتنا الإنسانية على هذه الأرض، أن نسعى للخير، وأن نُصلح من أنفسنا، حتى وإن أخطأنا. سواء كنت فنانا أو شخصا عاديا، المهم أن تترك أثرا طيبا من حولك.
من هي يسرا محنوش عندما لا تغني؟ ماذا تحبين في حياتك اليومية؟
يسرا محنوش إنسانة بسيطة جدا، في داخلي طفلة صغيرة. أنا سهلة وصعبة في الوقت نفسه، أحب البساطة والصدق، وأعطي كل مشاعري لمن أشعر بصدقه. لا أحب الكذب أو الصخب، أحب الحياة، وأرى أن الفن هو حياة.
هل لديك طقوس خاصة قبل صعودك على المسرح؟
طقوسي بسيطة جدا، أهمها النوم الكافي قبل الحفل. أحتاج أن يكون صوتي مرتاحا قبل الصعود إلى المسرح. أما الرهبة، فهي موجودة دائمًا، لكنها تختفي خلال الدقائق الأولى بمجرد أن أرى الجمهور، لأنني أحب لقاءه.
ما الرسالة التي توجّهينها لجمهورك الذي رافقك منذ 'The Voice' وحتى اليوم؟
أقول لهم من أعماق قلبي أنا أحبكم كثيرا، وليست مجرد كلمة، بل أعنيها جيدا، أنتم قدّمتم لي الكثير من الحب، وأذكر دائما ما قاله أستاذي كاظم الساهر 'لأني أحبكم أغني' وأنا أتبنّى هذه الجملة منه، لأنها تعبّر عني أيضا.