تشهد مصر توسعًا غير مسبوق في حجم الاستثمارات الصينية، ما جعلها واحدة من أبرز الوجهات الاقتصادية لبكين خارج القارة الآسيوية، وفقًا لتقرير نشره موقع 'نيوز واير'، اليوم الخميس.

وأوضح التقرير أن علامات تجارية صينية شهيرة، مثل 'جاك' و'ميديا' و'هواوي' و'أوبو' و'ترانسيون' و'بي واي دي'، باتت حاضرة بقوة في السوق المصري، ليس فقط كموزعين أو شركاء، بل كمستثمرين أساسيين في قطاعات الصناعة والتكنولوجيا والطاقة.

ويُعزى هذا التوسع إلى عوامل رئيسية، أبرزها الموقع الاستراتيجي لمصر الذي يربط ثلاث قارات، فضلًا عن منظومة اتفاقيات التجارة الحرة التي تتيح للشركات الصينية استخدام مصر كبوابة تصديرية إلى الأسواق الإفريقية والعربية. كما ساهمت السياسات الاقتصادية المصرية المحفزة، وسرعة تطوير البنية التحتية، في جذب استثمارات نوعية طويلة الأجل من الجانب الصيني، وفقًا لصحيفة جلوب آند ميل الكندية.

منطقة قناة السويس نموذج للتعاون الصناعي

من أبرز ملامح التعاون بين البلدين، منطقة التعاون الصناعي المصري الصيني في العين السخنة، التي تحولت إلى محور جذب صناعي كبير. وبحسب تقارير رسمية، تجاوز عدد الشركات العاملة في المنطقة 180 شركة، باستثمارات فاقت ثلاثة مليارات دولار حتى نهاية عام 2024.

وتتنوع هذه الاستثمارات بين الطاقة المتجددة، والصناعات الهندسية، والإلكترونيات، ما يعكس تنوّعًا في مجالات الشراكة يتجاوز النمط التقليدي من العلاقات التجارية.

الطاقة المتجددة تتصدر مشهد الشراكة

في قطاع الطاقة، وسّعت الصين حضورها من خلال اتفاقات استراتيجية، كان أبرزها إنشاء واحدة من أكبر مزارع الرياح في إفريقيا، بقدرة إنتاجية تصل إلى 1100 ميجاواط في خليج السويس. هذا المشروع، الذي يُعد من الأضخم على مستوى القارة، يندرج ضمن خطة مصر للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة النظيفة، ويعكس توجه الصين نحو استثمارات ذات بُعد بيئي واستراتيجي على المدى الطويل.

البنية الرقمية بوابة الصين إلى القارة السمراء

على صعيد التكنولوجيا، ضخت الشركات الصينية استثمارات ضخمة في البنية الرقمية المصرية، شملت تطوير شبكات الجيل الخامس في المدن الجديدة، وإنشاء مراكز بيانات متقدمة. ويُنظر إلى هذه الاستثمارات باعتبارها خطوة استراتيجية، تهدف إلى تحويل مصر إلى قاعدة انطلاق رقمية نحو إفريقيا، خصوصًا في ظل الحاجة المتزايدة للأسواق الإفريقية إلى تحديث بنيتها التحتية المعلوماتية.

شراكة فضائية تعزز البُعد الاستراتيجي

التعاون المصري الصيني لم يقتصر على الأرض، بل امتد إلى الفضاء، حيث دعمت بكين إنشاء مرافق لمراقبة الأقمار الصناعية في مصر، ضمن خطة طموحة لبناء شبكة فضائية عالمية. هذه الخطوة تُعد دليلًا على عمق الشراكة بين البلدين، وتؤكد أن التعاون لم يعد يقتصر على التجارة أو الصناعة، بل يشمل مجالات بحثية وعلمية متقدمة.

بوابة الصين إلى إفريقيا

بهذا الزخم في الاستثمار المستمر بقوة، تتبوأ مصر موقعًا محوريًا في استراتيجية الصين للتوسع في القارة السمراء. لم تعد القاهرة مجرد سوق مستهدفة، بل تحوّلت إلى نقطة انطلاق حيوية للمشروعات الصينية العابرة للحدود. ومع استمرار تدفق الاستثمارات في مجالات الطاقة والصناعة والتكنولوجيا، يبدو أن مصر مرشحة لتكون الجسر الذهبي الذي تعبر من خلاله الصين إلى عمق القارة الإفريقية.