كامل جميل - الخليج أونلاين

ما أحدث التوقعات المتعلقة بالاقتصاد الأمريكي؟

بنك قطر الوطني توقع ركود اقتصاد أمريكا استناداً إلى مؤشرات قطاعات الإنتاج الرئيسة واستهلاك الأسر.

لماذا يؤثر ركود الاقتصاد الأمريكي على العالم؟

ما أثر ركود الاقتصاد الأمريكي على الخليج؟

تزداد التوقعات التي تصدرها جهات اقتصادية متخصصة حول اقتراب الاقتصاد الأمريكي من الدخول في ركود، وتحذيرات من أن يتجاوز تأثيره حدود الولايات المتحدة، وهو ما يثير التساؤل حول مدى تداعياته على الاقتصادات الخليجية.

أحدث التقارير التي تتعلق بهذا الشأن كان صدر عن بنك قطر الوطني (QNB)، الذي توقع فيه أن يشهد الاقتصاد الأمريكي ركوداً، خلال الأشهر الـ12 المقبلة.

وحسب التقرير الذي صدر السبت (29 يوليو 2023)، فإن هذا التوقع جاء استناداً إلى مؤشرات قطاعات الإنتاج الرئيسة واستهلاك الأسر التي تظهر ما يواجهه النمو الاقتصادي بالولايات المتحدة، من أعباء قد تؤدي إلى هبوط ناعم خلال العام المقبل.

وأكد (QNB) أن 'الاقتصاد الأمريكي مستمر في إظهار مرونته، على الرغم من الرياح المعاكسة الناتجة عن ارتفاع التضخم وتشديد الأوضاع المالية والغموض الذي يكتنف البيئة الاقتصادية العالمية، منذ بداية العام الجاري'.

كما أشار إلى أن 'صلابة أوضاع أسواق العمل وقوة معدلات الاستهلاك لدى الأسر ومرونة قطاع الخدمات خالفت التوقعات بتدهور هذه القطاعات، إلا أنه رأى أن إمكانية حدوث ركود في 2024 غير مستبعدة'.

وأضاف أن 'الأوضاع المالية وصلت إلى أقصى مستويات التشديد بالولايات المتحدة منذ سنوات، وهو ما يعني ضمنياً عبئاً على النمو مستقبلاً'، لافتاً إلى أن 'توقعات المحللين المستقبلية بالنسبة لأسواق الأسهم تعبر عن درجة عالية من عدم اليقين والتشاؤم'.

من أبرز التقارير الأخيرة التي تحدثت عن ركود الاقتصاد الأمريكي نشرته وكالة 'بلومبيرغ'، حيث توقعت أن ينخفض مؤشر (S&P 500) الأمريكي بنسبة 8%، في النصف الثاني من العام الجاري.

وفي 5 يوليو 2023، توقع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بدء الركود بالاقتصاد في وقت لاحق من هذا العام.

وتوقع المجلس، في تقريره، حدوث انكماش في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، في الربع الرابع من عام 2023 والربع الأول من عام 2024.

تلك التوقعات جاءت نتيجة مرور القطاع المصرفي الأمريكي منذ مطلع 2023 بأزمة ترتبط بعدة أسباب تتعلق بالوضع الاقتصادي الداخلي والعالمي، والسياسة النقدية الأمريكية التي ركزت على رفع معدلات الفائدة لمواجهة التضخم.

كما تُمكن قراءة تطور أزمة القطاع المصرفي الأمريكي وتفاقمها من خلال انهيار بنكي 'وادي السيليكون' و'سيجنتشر' الأمريكيين، واستحواذ بنك 'يو بي إس' السويسري على منافسه الرئيس 'كريدي سويس' المتعثر.

وكذلك إعلان تعثر بنك 'فيرست ريبابليك' الأمريكي الذي احتل المرتبة الثانية في قائمة أكبر 5 إفلاسات في تاريخ القطاع المصرفي الأمريكي بأصول بلغت 229 مليار دولار.

كل تلك الأحداث أثارت المخاوف بشأن مستقبل القطاع المصرفي العالمي، لا سيما بعد أن نتج عنها حالة من الاضطرابات في الأسواق المالية العالمية.

الركود الأمريكي من المؤكد أنه سيطل بظلاله على الاقتصاد العالمي، وسبق أن قال صندوق النقد الدولي، مطلع العام الجاري، إن ثلث دول العالم على الأقل ستعاني من ركود في العام الجاري، مشيراً إلى أنه 'سيكون عاماً صعباً على الاقتصاد العالمي'.

الدول العربية بدورها تترقب تبعات هذا الركود على اقتصادها، خاصة أن أزمات عالمية عديدة أثرت على اقتصاداتها، والحديث هنا عن تبعات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وضغوطات التضخم.

ويعدّ الاقتصاد الأمريكي الاقتصاد الأكبر في العالم، ومن ثم فإن أي حالة من الركود والتغيير أو ضعف يمر به هذا الاقتصاد يؤثر على معظم اقتصادات الدول الأخرى، وفق ما يقول المحلل الاقتصادي أحمد عقل لـ'الخليج أونلاين'.

الاقتصاد الأمريكي متشعب ويتعامل مع كثير من الدول، سواء كان بالتصدير أو الاستيراد -وفق عقل- الذي يقول: إن 'هذا التعامل يؤثر على الواردات والمصروفات لكثير من الدول'.

ويضيف: 'الأمر الآخر نعلم أن أمريكا تعدّ أحد أكبر مصادر الطاقة بالعالم، وعليه فإن أي تباطؤ قد يؤثر على الاقتصاد العالمي، ومن ضمن ذلك الدول الخليجية'.

ويواصل المحلل الاقتصادي أن 'الدولار باعتباره العملة الرسمية للولايات المتحدة فإن أي حالة ركود أو ضغط على الاقتصاد الأمريكي تؤثر على قيمته، ما يجعل سعره يتغير انخفاضاً أو ارتفاعاً'.

هذا التغير -وفق عقل- يؤثر على أسعار النفط لكونها مقومة بالدولار، لافتاً إلى أن 'بعض عملات الخليج لها ارتباط بقيمة الدولار، وهذا يؤثر على حالة التضخم في هذه الدول'.

لكن على الرغم من ذلك فإن لركود الاقتصاد الأمريكي فوائد أيضاً على بعض البلدان، ومنها دول الخليج، حيث يوضح المحلل الاقتصادي أن 'حركة رؤوس الأموال وهجرتها من الاقتصادات المتوقع لها الركود سيؤدي إلى جذب رؤوس الأموال باتجاه الاقتصاديات الأكثر نمواً، ويتوقع أن تكون دول الخليج إحداها، خاصة الاقتصادات الناشئة'. 

ويتابع أنه 'نتيجة لقوة أمريكا الاقتصادية وارتباط وتأثير عملتها على عملات العديد من الدول، فإن تأثير الركود في الاقتصاد الأمريكي إن وقع سيشمل العالم، فالتأثير سيلحق بأسعار المواد الغذائية والصناعية ومصادر طاقة، وغيرها كلها يمكن أن تتأثر وتواجه تحديات كبيرة'.

كما يستذكر عقل الأثر الذي لحق باقتصاديات العديد من الدول والشركات، في 2002 و2009، نتيجة أزمة الرهن العقاري، وما حصل مؤخراً عندما مرت بنوك أمريكية بضغوط أدى إلى تأثر بنوك أوروبا من رفع الفائدة.

ويشير إلى حصول 'آثار غير مباشرة إذا ما ذهبنا للركود وأمر الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة، وهذا ممكن أن يسبب الكثير من الضغوطات على العديد من الدول، وربما دول الخليج ستكون الأقل تأثراً؛ لأنها قادرة على سداد التزاماتها'.